1/ للمبالغةِ مردود معاكس

     يتزايد يوما بعد آخر النشرالعام، وخاصة على فضاءات التواصل الأجتماعي، وبمساحات وأشكال واساليب متنوعة، عدد مواد التأليب والتحريض السياسي ضد العديد من المواقف  السياسات والاجراءات  الرسمية في العراق، وما ترتب عليها من عيوب ومصائب ومصائب، وأبرزها الفساد المالي وسوء الادارات، وانتشار المحسوبيات والمنسوبيات، وغيرها كثير..

   ولا غضاضةَ  هناك، ولا اي عيب في ممارسة التأليب والتحريض السياسي- السلمي طبعاً-  والذي يجب أن يستمر ويستمر بهدف كشف العيوب والممارسات الشائنة، والتصدي لها. ولكنّ، ولكي يكون الفعل أكثر تأثيراً، دعونا ندعو الى اعتماد الملموسيات والوقائع وهي بالعشرات بل والمئات، بدلا من المبالغات، والنقل غير الموثق، وأعتماد الشائعات، لكي لا يتستر المعنيّون بذلك التحريض غير الموثق، وحتى  لا يضعف تقبل المتلقيــنَ لما يُكتبُ وينشر من المعارضين.

2/  متى يُكتبُ للتاريخ وليسَ للـ"أنـا"!

    قرأت أخيرا كتاباً زودني به احد الاصدقاء، يشمل ما حُسبَ  ذكريات ومذكرات.. ولأن الأمر بات ظاهرة وليس حال طارئة فقط، فدعونا من أسم الكتاب، وكاتبه، لنعيدَ عوضاً عنهما بعض ملاحظات سبق وأن كتبتُ عنها موسعا قبل اشهر قليلة، وكانت بعنوان " هوامش وملاحظات عن بعض مؤلفات السيرات الشخصية، والمذكرات.. وعن بعض كتابها، وكتبتها! ". وهي منشورة في العديد من وسائل الاعلام.

  اما الملاحظات العامة التي نعنيها، فهي، بعجالة وايجاز: دعوات جديدة للمؤلفين، والمقدمين والناشرين، لكي لا يراهنوا على أخلاق البعض في الترفع عن الرد حين يشمل الكتاب المعني شؤوناً  شخصية أُتمنَ عليها ذات يوم، أو وقائع مجتزأة  بقصد وأعتناء شديدين، او تلفيقات، ومزاعم غير موثقة .. ونزيد فنقول بضرورة احترام الراحلين الذين يُزج بأسمائهم في سرد بعض الادعاءات، والتطاول، فليس ذلك من الشجاعة بمكان.  ونختم، وبإيجاز ايضا، فنشير الى ان جهود من كَتبَ المؤلفَ، أو من كُتبَ له، ستضيع وتتهاوى حين تُضخّم الـ (أنا) الحقيقية، فكيف والامر هنا انها تأتي منتحلةً ومزعومةً، وبالمطلق، فيصبح ذلك الجهد المبذول مدعاة سخريةٍ وانتقاص، و"فضيحة بجلاجل" كما يُقال، خلافاً للمرتجى والمأمول.

3/ من نصدقُ عن الجواهـري؟

   عشية الانتهاء من توثيق خمس عشرة اطروحة دكتوراه، وعشر رسائل ماجستير أجيزت عن الجواهري، من جامعات عراقية وعربية عديدة، وكذلك لنحو ستين كتابا ومؤلفا حوله، عشية ذلك  ينشر أحد المثقفين، عجولاً، عبر شبكة "فيسبوك" كتابةً حاول فيها ان يطال من الشاعر العظيم، بحجة مدحه رؤساء وزعماء، وغيرهم..

    وبرغم أن الموضوع مكتوبٌ عنه، ومردودٌ عليه سابقا، لأكثر من مرة، غير أن السيد الكاتب أراد أثارته من جديد، وبدون اية مناسبة، وبشكل تحريضي مؤسي، أذ لا توثيق ولا تحليل ولا غيرهما ... مما دفع بأحد المتابعين لأن يُعوّدً سببَ ذلك الى توسلّ المثقف المعني للشهرة السريعة، وأستقطاب عدد من القراء،  والبسطاء خاصة، من الذين يؤيدون ويعجبون بكل اثارة وشعبوية، تسعى لأن تهـزّ من دوح الجواهري الخالد.. ولربما ثمة وراء ذلك ما خفيّ غرضاً، وقد يكون أعظـم، فمن يدرى؟!..

  نشير الى ذلك ونتساءل في ذات الآن: من سيصدقُ المعنيون وغيرهم: هل عشرات اطروحات الدكتوراه ورسائل الماجستير، وعشرات المؤلفات والكتب؟ أم سيصدقون "يتيمة" المثقف الذي نتمنى ألاّ يكون قد تورط  فتأخذه العزة بالأثم.

4/ عن التنابز بيّن "الداخل" و"الخارج"

  يطفـو للسطح بشكل متزايد – كما أظنّ- التنابز بين مواطني العراق في "الداخل" و"الخارج" وبتضخيم وأفتعال دون حقيقة في بعض الاحيان.. ويُسعّـرُ من ذلك – كما أزعم من جديد – نشر مواضيع في وسائل اعلام لكتاب وغيرهم، في اوربا وغيرها، تقود بقصدٍ أو بدونه للنيّل من مواقف وأراء مواطني البلاد الذين يعيشون تحت وطأة الاحداث، ويعانون مباشرة - وليس سماعاً أو تكهناً- من الاحداث والمصاعب والمصائب التي تجاورهم، ويجاورونها.

   والكتاب المعنيون، أو غيرهم ممن ينشرون هنا وهناك، يتحدثون بلغة الأفهم، والأدرك من الآخرين، ويحللون ويقيّمون الامور عن بعد، بل حتى ينتقدون - من أبراج عالية -  ويعيبون على اهل البلاد، وسياسييهم الوطنيين الحقيقيين، المهادنةَ والسكوت وعدم "الثورة !" ضد الفساد، وعلى تردي الاوضاع في هذه المجالات أو تلك ... ولربما لا يشكُ أحـدُ بأن كل ذلك يزيدُ على ما هو سائد اصلاُ في التنابز بين"اهل الداخل" و"اهل الخارج". وننحاز هنا للأولين، ولن نطيلَ أكثر مكتفين بتكرار تلكم المقولة الشهيرة " ان أهل مكة أدرى بشعابها".. فلندعهم يقيمون الامور، ويحسبون حساباتهم، ويناضلون بقدر ما يستطيعون، وبما هو ممكن، على طريق الخير للشعب والبلاد .

     براغ /أواخر آيار 2019

عرض مقالات: