يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار من كل عام بشكل دائم حيث يُعد تاريخًا مهمًا للنساء حول العالم. وعلى الرغم من أهميته في العديد من المجالات التي تهم المرأة و"الأمهات"، بنشر الوعي للدفاع عن حق التصويت والانتخاب والمساواة بين الجنسين، إلا أن هذا الهدف ورغم تحقيقه نوعا ما، ما زال غير كافٍ في العديد من بلدان العالم.

تعود قصة "يوم المرأة" إلى منتصف القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين، حيث كانت اللحظات الحاسمة الأولى لها، عبارة عن مظاهرات وإضرابات عاملات النسيج والخياطة اللواتي تعرضن إلى ظروف وحشية في المصانع في الولايات المتحدة، اذ أقدمت الآلاف من عاملات وعمال النسيج في 8 آذار 1908 على الإضراب عن العمل، ونزل الجميع إلى الشوارع يحملون "الخبز والورود" لمقاومة الظلم والتمييز ويطالبون بتحسين الأجور وظروف العمل والمعيشة.

في عام 1909، أضرب 20 ألفاً من الخياطين في نيويورك وألقي القبض على الآلاف، ولكن رجال الأعمال اضطروا في النهاية إلى الاستسلام لمطالبهم، وبمبادرة من الحزب الاشتراكي الأمريكي احتفلت النساء بيوم المرأة الوطني تكريماً لكفاح الخياطات.

وعلى الرغم من تباين سرد الأحداث التاريخية، ألا أن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، هو أن اليوم العالمي للمرأة كان قد ولد وانتقلت الشرارة إلى أوروبا. 

نجاح اليوم الأول لخروج النساء خاصة الاشتراكيات، بدعم من الحركات الجماهيرية الديمقراطية والاجتماعية والنقابية في عام 1911، في العديد من الدول سيما الرأسمالية للتأكيد على حق مشاركة المرأة في الانتخاب، تجاوز كل التوقعات. مما أدى إلى تحول جوهري في نضال المرأة للمطالبة بالمساواة "الاجتماعية والسياسية"، نتيجة للاضطرابات الاقتصادية السائدة في النظام الانتاجي الرأسمالي، الامر الذي أجبر عشرات الملايين من النساء على العمل في ظروف لا إنسانية ووحشية قاسية، وجعل حياة ملايين الأمهات على المحك في ظل إنعدام التأمين الصحي والاجتماعي واشتداد آفة الفقر، كما وضع ربات البيوت امام أقسى الواجبات الاجتماعية والمعيشية. 

وفي 19 آذار 1911 تم تنظيم أول يوم عالمي للمرأة، حيث خرجت ملايين النساء في الولايات المتحدة وألمانيا وسويسرا والدنمارك والنمسا الى الشوارع يطالبن بالمساواة الاجتماعية والسياسية للجميع. وكان الهدف من اختيار هذا التاريخ هو إبراز الطبيعة الثورية لميلاد يوم المرأة.

في 27 آب 1910، قرر 100 مندوب من 17 بلدا في المؤتمر الدولي الثاني للمرأة الاشتراكية في مدينة كوبنهاغن الدنماركية، تقديم ورقة يوم عالمي للمرأة. كان الهدف الرئيس والمطلب هو حق المرأة في التصويت. وفي السنوات التالية، تغير تاريخ يوم المرأة عدة مرات حتى تم تعديله ليصبح عام 1921 في 8 آذار.

في ألمانيا، تم الاعتراف بحق المرأة في التصويت عام 1918، تماماً كما في النمسا وبولندا وروسيا. وشرع الرايخ الألماني قانون انتخابات في كانون الثاني 1919، حيث تم انتخاب النساء الألمانيات لأول مرة في التاريخ.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى الستينيات من القرن العشرين جرت محاولات قليلة تطالب الحكومات بمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة، مثل العنف عندما تقع ضحية الزواج "القسري" والدعارة والاتجار بالنساء والتمييز في أساليب الحياة وتشويه الأعضاء التناسلية وجرائم الشرف.. وعلى الرغم من مرور أكثر من 100 عام على اليوم العالمي الأول للمرأة، ما زال العديد من البلدان التي تسودها أنظمة شمولية متخلفة، يمارس العنف ازاء الحراك النسائي وحقوق الإنسان، كما انها تتغاضى عن دور المرأة وتأثيره في الحياة المجتمعية العامة، وجرى نسيان جزء كبير من نضال المرأة ودورها التاريخي الهام.

 في عام 1977، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى تخصيص يوم في السنة باسم "يوم حقوق المرأة والسلام العالمي"، مكرس لأحداث وموضوعات مختلفة ذات صلة اجتماعية ووطنية بشؤون المرأة والأمومة والطفل.

وفي عام 2019 كان موضوع اليوم العالمي للمرأة في الأمم المتحدة هو التوازن نحو الافضل، الذي يدفع نحو عالم أفضل لتحقيق المساواة الدستورية وإنشاء منصة لحركة نسائية متنوعة ترتكز بقوة على الوعي الاجتماعي والتربوي.

دعونا جميعا نقدم المساعدة على نشر الوعي والتوازن، لأن هناك العديد من الأسباب التي تشدد على الاحتفال بـ 8 آذار من كل عام باعتباره يوم حقوق وإنجازات المرأة.  

عرض مقالات: