يسير العمل السياسي الرسمي في عراق اليوم بخطى وئيدة مراوحة. متوازياً مع خراب متصاعد على مختلف المسارات و يمكن ان توصف  حركته بالمكبلة باغلال نهج المحاصصة . وهنا تكمن عقد المحنة السياسية المستعصية في بلادنا. ومن الفيد القول بان هذه القيود قد فرضتها  الخلافات التي هي الاخرى جاءت بها الاجندات الخارجية على الاغلب الاعم، غير انها لم  و لن تمر بيسر. وذلك بفعل تصدي قوى الاصلاح لها، معلوم هنالك فعل  " محنّك " ذو قدرة على التعطيل، قطعاً انه ليس من صناعات محلية فحسب، وتميط اللثام عن نواياه ايحاءاته لتضليل وجهته الماكرة، فهو مستنفر لتعويق ما تتمخض عنه الاتفاقات من مقاربات الحلول لاشكالات الكابينة الحكومية وملحقاتها، التي تتم احياناً، والتي تعنى بالاصلاح وتغيير النهج السياسي العليل الذي مد حاله على عموم مفاصل الدولة العراقية الخاوية.

       ان قوى الاصلاح قد تلقت موقفاً صادقاً من جماهيرها التي جعلتها في صدارة الفائزين في الانتخابات البرلمانية، وبملموسية اكبر قد وضعتها على سكة سالكة نحو الاصلاح والتغيير، رافق ذلك تفاؤل جماهيري واسع، في استكمال معالجة ما تبقى من هيكل العملية السياسية وتطهير مضامينها من الفساد والفشل، وكذلك ايقاف انهياراركان السيادة الوطنية التي باتت بعنوان باهت بفعل تأكل بقايا الدولة العراقية. غير انه وفي حصيلة كل ذلك اكتسبت قوى الاصلاح الارجحية لتكون الكتلة البرلمانية الاكبر صاحبة الحق في تشكيل الحكومة. ومن البديهي ان تستفز الاوساط والدوائر المتمسكة بالسلطة ومواقع النفوذ ونهب المال العام.فراحت تستنفر كافة ادواتها ومفاعيلها واستنهاض حلفائها الداخليين والخارجيين على حد سواء، بغية تعطيل دواليب عجلة الاصلاح.

       وتتكامل صورة التعطيل المقصود لنهج الاصلاح جلية من قبل خصومه عبر سد المنافذ امام حركته الجديرة  في نهوضها،  من خلال ما يسمى بالتوافق الذي لم يظهر له فعل ايجابي ما عدا  كثرة الاجتماعات بين اكبر كتلتين دون ان تُلمس اية نتائج ، تواصلاً مع ذلك الالتفاف الذي ابعد كتلة "سائرون" عن ان تأخذ حقها في النهوض بمهمة الكتلة البرلمانية الاكبر. وان سائلاً من انصار  "سائرون" يسأل  بحرص : عما الذي جعل هذه كتلة غير متشبثة في حقها الدستوري بكونها هي التي حققت اعلى الاصوات في الانتخابات، فضلاً عن انضمام كتل سياسية وطنية واسلامية اخرى معها، في اطار " تحالف الاصلاح والاعمار " ؟!.

 وبذلك قطعاً كان بامكانها الاستجابة لطموحات جمهورها خاصة والشعب العراقي بصورة عامة، الذي بنى امالاً على فوزها لغاية تحقيق الاصلاح الجذري لاوضاع البلاد المتداعية، علماً لايوجد اي معوق دستوري او قانوني يمنعها عن اخذ زمام المبادرة و تمارس مهمتها ككتلة اكبر، بدلاً عن قبولها  تحت ظلال ما سمي بالتوافق.  وان تكون " نصف " كتلة اكبر، عذراً لهذا التعبير، وبالتالي تُلزم بالمشاركة  في تكليف رئيس وزراء. جاء وهو يميل حيث  مال ضغط  الكتلة التي يراها تمتلك تاثيراً اقوى في البرلمان. بسبب كونه غير منتم لكتلة نيابية معينة. بصرف النظر عن ان ذلك سيبرر مواقفه المقبولة لدى طرف دون رضا الطرف الاخر.

        ومن تعدد الاجتماعات غير ملموسة النتائج بين، سائرون،  والفتح، والتي لم نر نارها سوى  دخانها الذي يملأ الاجواء السياسية ، فهي تلك الاجتماعات الاخيرة التي يطغي عليها الطابع المعطل والتخديري على الاكثر، والتي قيل عنها في وسائل الاعلام، بانها تعقد بهدف تقاسم المناصب والوظائف بين الكتلتين. الامر الذي دفع بعض حلفاء الطرفين الى التعبير عن عدم رضاه  بل والتمحور المعاكس. وهنا خلقت ثغرة جديدة اضافية من شأنها زيادة تعكير المناخ السياسي، واصعب من ذلك هو خلق هوة واسعة بين كتلة "سائرون" وبين نيل حقها في ان تكون الكتلة الاكبر، مع ذلك كان ومازال الامل معلقاً على قوى الاصلاح وليس غيرها بمهمة معالجة وتدارك الانهيار الحاصل في عموم الدولة العراقية، فهل من نهاية لهذه المطاولة التي لاتبدو  لها افق سوى تعطيل عملية الاصلاح والتغيير، من خلال تواصل الاجتماعات غير المنتجة. والملفت للانتباه حقاً ان الاجتماعات البعيدة كل البعد عن هموم جموع الشعب قد  صعد مستواها الى الرئاسات الثلاث، والتي هي الاخرى قد اعلنت مقدماً عن كون الاجتماعات " تشاورية" ليس الا ، لتنأى بنفسها عن اي استمرار للبقاء على خراب البلد. اذن ازفت ساعة الزمن المتاح واقتضت المكاشفة وتحديد المسؤولية التاريخية، لتشخيص بذمة من تكون اعاقة  عملية الاصلاح والتغيير.

عرض مقالات: