وسائل الاعلام والصحافة والمراقبون في مجالات الاقتصاد منشغلين منذ فترة بهذا الموضوع، متوقعين أن الازمة المالية القادمة سيرافقها كساد وركود، متسائلين من جانب آخر، متى ستحدث الازمة المقبلة؟

من خلال البيانات التي تُشير الى أن الازمة ستأتي على مراحل، تَمثلت آنذاك في عام 2015 بانخفاض طفيف في الناتج الاجمالي المحلي في المانيا بنسبة 0،2 في المائة، والذي برأي وزارة الاقتصاد بمثابة (انقطاع الانتعاش).

ويرى الخبراء في هذا المجال، أن الاختناقات في عملية اجراءات التصديق الجديدة من شأنها أن تبطئَ صناعة السيارات. فارتفاع أسعار الوقود يُثقل كاهل المواطنين ويحد من قُدرتهم الشرائية، كما أشار الى ذلك المعهد الالماني للبحوث الاقتصادية، مضيفا أن الوضع يبدو للوهلة الاولى أسوأ مما هو عليه.

التوقعات محبطة والحديث هنا يخص المخاطر العالمية ومنهاعلى سبيل المثال، النَزعة التجارية القومية لدونالد ترامب والنزاعات التجارية بين الدول المتقدمة وأزمة اليورو التي طال أمدُها ومنها (ايطاليا) وعواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي واشكالات جبل طارق مع اسبانيا وغيرها.

والعكس من ذلك كما يرى مراقبون، عن وجود ازدهار دائم، كانت منتعشةً على أوهام سابقة تتغذى عليها. وبما يؤكده وزير الاقتصاد الالماني (آلت ماير) في تصريح له قبل شهور، من انه بوسعنا الاستمرار وتوسيع وتطوير هذا المنفذ (الازدهار) خلال 15 او 20 عاماً وذلك عندما يجري تجديد اقتصاد السوق.

وهنا هو بيت القصيد، عندما يتعلق الامر بالمصالح امام هذه الازمة، وقد نوه أحد رجال الاقتصاد الالماني الى أن إطار الناتج الاجمالي الحالي قد تعرض لحالة إنكسار، مطالباً بتقوية الحيوية الاقتصادية ويعني بذلك تخفيض الضرائب على الشركات ذات النفوذ والالغاء الكامل للدعم المالي التضامني وباتجاه واضح لمصلحة الاغنياء.

ويرى إقتصاديون ألمان، أن المؤشرات تتجه نحو مستقبل غير معلوم في خيارات السياسة الاقتصادية، كون أساس سياسة تخفيض الضرائب والرسوم هي خدمة للرأسمال. وازاء ذلك هناك معارضة من داخل مجلس خبراءالاقتصاديين الالمان بما يخص وضع العوائق على النفقات الاجتماعية وبدلا من ذلك يتوجب التحرك في مجالات الاستثمار كالتأهيل والبحوث، فكلما كان هناك انتظار للازمة القادمة ومدى حجمها، كلما قلَّ وتقلص دعم مجالات الدولة الاجتماعية، منعكساً على سوق العمل بشكل محسوس وكمؤشر تراجع على المستوى الاجتماعي العام.

والسؤال المطروح هو عن تأثير سوق العمالة على الازمة، فمن يفكر ان كل شيء على ما يرام وينظر الى معجزة التوظيف والطلب عليها بأجورٍ مُنخفضة وتشغيل العمالة غير المأمونة، يتوجب التفكير ايضاً بالانكماش الذي سيحصل في طبقات المجتمع الوسطية والسفلى.

جانب آخر للازمة يتعلق بالسيكولوجيا، فقد أشار صُناع القرار والخبراء الاقتصاديون في تحذيرهم المبكر قبل حدوث الركود القادم، الذي لايمكن القبول به والتفرج عليه، فالانذار المُسبق يمكن ان يُقلل من فرص التشاؤم وإلا فأن الازمة ستتسارع أكثر وتُقلق اصحاب الشركات بتراجع الاستثمار والمؤدي بالتالي الى انخفاض الاستهلاك.

وإذا أخذَ الامر هذا المنحى وتراجعت خطوات النمو، عندها تكون التنبؤات مؤشرا مبكرا للركود القادم، حينما تنخفض القدرة الاقتصادية قياسا للفترةالسابقة لها.

ومعروف في المنظور الاقتصادي الانتقادي، أن الازمة والكساد لا يؤخذان كحوادث، بل هي أداة اقتصاد رأسمالي تُصحح نفسها في دورة العمل عن طريق التدخل في مسارها دون إيقافها او تعليقها.

تفلبات الانتاج الاقتصادية يمكن تقديرها على مدى زمني يقدر بـ12 عاماً، كما نوه بها المختص بالاقتصاد (فيرنر فوم فيلده) عن الازمة الاخيرة التي حدثت عام 2008.

ومن الممكن أن تكون أرقام الناتج الاجمالي المحلي في حالة زائدة عن معدلها، ولكن علينا الانتظار عام 2019، إن كانت تحمل سمات هذه الزيادة. فالمؤشرات تقول، أن دورة التراكم الحالية في نهاياتها وأن أرباح الدورة الائتمانية ستنتهي بأزمة.

فما هي الاستنتاجات المُستخلصة ومن هي الاغلبية القادرة على التنفيذ؟ في الآونة الاخيرة تحدثت رئيسة صندوق النقد الدولي كرستينة لاغارد بِتَكلُفِ، عن صورة البيت الذي ينبغي تغطيته قائلة (الى المدى الذي ما زالت الشمس فيها مُشرقة) وبهذه الصورة يجري الحديث عن الازمة، عن الحجرٍ الذي يمكن استعماله ولمصلحة من يجري إصلاحه.

في تصريح أدلى به الاقتصادي بيتربوفنغر (أحد خبراء تقييم الاقتصاد الالماني السنوي المُكلف رسمياً)، نوه الى أهمية الاخذ بالطريقة الكينزية لتدخل الدولة في المرافق الاقتصادية الرئيسة كي لا تقع في أخطاء عام 2000، عندما لم يجرِ تمويل المستشفيات وبناء الدور السكنية، التي تعاني منها الآن، حينَ بِيعت لحفنة من مستثمري القطاع الخاص وبأسعار رخيصة.

عرض مقالات: