تظاهر السبت الفائت في فيينا، عشرات الآلاف ضد سياسات الحكومة. ودعا الى الاحتجاج، تحالف "الخريف الساخن"، الذي يضم المبادرات النسوية والنقابية والمناهضة للعنصرية وللفاشية، كما يضم الحزب الشيوعي النمساوي، ومنظمات اليسار الماركسي الاخرى. ويأتي الاحتجاج بمناسبة مرور سنتين على وصول تحالف حزب اليمين المحافظ، مع حزب الحرية الديمقراطي (نازيون جدد) في15 كانون الاول 2017 الى السلطة.
يذكر ان تلك الانتخابات العامة التي جرت في 15 تشرين الأول تمخضت عن حصول حزب الشعب النمساوي اليميني المحافظ على 31,5 في المائة من اصوات الناخبيين، وحزب الحرية الديمقراطي (نازيون جدد) على 26 في المائة. ولم تكن النتيجة مفاجئة للمراقبين، حيث دأبت قوى اليمين، منذ عام 1983 على تحقيق الاغلبية، ومهدت بسياساتها الطريق لاحزاب اليمين المتطرف، من خلال التبني التدريجي لشعارات الاخير، بحجة جر اكبر عدد من ناخبيه الى المعسكر المهيمن.
وقالت المتحدثة باسم تحالف "الخريف الساخن" كيتي ليشتنر إنه على الرغم من الثلوج ودرجات الحرارة المنخفضة جدا، خرج 50 ألف متظاهر إلى الشوارع، وان "التظاهرة الكبيرة ضد التحالف الحاكم هي علامة واضحة على المقاومة". ويذكر ان الشرطة تحدثت كالعادة عن مشاركة 17 ألف فقط في التظاهرة.
وتأتي سعة الاحتجاج على خلفية هجوم التحالف الحاكم على قطاعي الصحة والخدمات العامة، والضمان الاجتماعي لغالبية السكان، وبالمقابل توزيع الهدايا الضريبية الى الشركات الكبيرة والأثرياء. وبهذا الصدد تقول ليشتنر "عام من الضربات المتتالية على دولة الرفاه ونظام رعايتنا الصحية، عام من الفشل اليميني لقوى التحالف الحاكم،عام من التحريض ضد اللاجئين، في حين تتمتع احزاب التحالف الحاكم بالمناصب ذات الرواتب العالية، وتقدم هدايا ضريبية للذين تبرعوا لحملتها الانتخابية".
والقت سلمى شاخت، عضوة احد مجالس المصانع والناشطة في المبادرة النقابية الشيوعية، كلمتها مرتدية سترة صفراء، تعبيرا عن التضامن مع حركة "السترات الصفر" الفرنسية، ودعت المشاركين إلى "اتساع وثبات" وأخذ المتظاهرين في فرنسا مثالا ملهما. وقالت ان الهجوم على المكتسبات الاجتماعية، لو حدث في بلدان اخرى، كما هو الحال في النمسا، يمكن ان يؤدي منذ وقت طويل "الى اضرابات وتظاهرات هائلة". ولقد شهدت احتجاجات فيينا ترديد شعارات بالفرنسية مأخوذة من وحي شعارات حركة "السترات الصفر".

الشيوعي النمساوي: ألف سبب جيد للاحتجاج

كانت مشاركة الحزب الشيوعي النمساوي في التظاهرة متميزة. وسبق للمتحدث الاتحادي باسم الحزب، وفق نظامهم الداخلي (سكرتير اللجنة المركزية) ميركو ميسنر،قد شدد في تصريح له في اطار التعبئة للتظاهرة على "ان هناك الف سبب جيد للتظاهر ضد حكومة التحالف الحاكم. من التحريض العنصري ضد اللاجئين والمسلمين، وتفكيك نظام التأمين الصحي، وتفكيك حقوق العمال، والهجمات على المستأجرين، والضغط على المؤسسات النسوية، واستهداف العاطلين عن العمل، والمستفيدين من المساعدات الاجتماعية. ويستمر نطاق التدهور. وعلى النقيض من ذلك، يجري تحقيق كل مطالب اتحاد الصناعيين المقدمة للحكومة. وعلينا جميعا أن ندفع الثمن. أي أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبدلا من ان تضيق، ستصبح أكبر واكبرفي المستقبل".

خطر اليمين المتطرف في اتساع

ولا تبدو الصورة في اوربا افضل بكثير من شقيقتها النمساوية، ففي كمنتس الالمانية ينظم النازيون الجدد المسيرات المصحوبة بالعنف ضد اللاجئين، وتتصاعد في الوقت نفسه القوة التصويتية لحزب "البديل من اجل المانيا" اليميني المتطرف. وفي إيطاليا، يمنع وزير الداخلية الفاشي، محاولات انقاذ اللاجئين من الموت غرقا في عرض البحر. ويستمر انضمام المحافظين إلى محور التطرف اليميني والفاشية الجديدة، ويصعدون من الدعاية ضد اللاجئين ويصرفون الانتباه بذلك عن آثار سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية، معتمدين التحريض ضد الاجانب والمهاجرين، في حين تشير العديد من التقارير الدولية، وتقارير المؤسسات الاقتصادية المرموقة الى تزايد عدد الاثرياء، مقابل شمول الفقر والإفقار اوساط واسعة من السكان.

عرض مقالات: