كأنهم قبيلة من الاقزام خرجت من الشقوق والكهوف، او كانوا في غيبوبة طويلة، وحين استيقظوا منها ادهشهم هذا العالم الذي يسير بخطوات عملاقة نحو مستقبل جديد ولا يتسع لمفاهيمهم!. هؤلاء المدججون بالتخلف والكراهية لخصوا في سلوكهم مشكلتنا الحقيقية في هذه البلاد، وهي علينا ان لا نثق بأنّ عصرا مات وآخر وُلد، بل علينا ان نتيقن بأن لنا مؤسسات عريقة في انتاج الرعب وبنسخته الاكثر بشاعة وتحذرنا من السير وسط النور!.
هكذا ارادوا منّا الذين يلعبون سيرك السياسة من دون تدريب او ترويض لحيواناتهم، فخلال كل هذه السنوات الطويلة لم يجن العراقيون غير الازبال والامراض والبطالة والجدران المهدمة، بينما اصحاب الشأن وعلى الرغم من انهم وعدونا بخطابات رنانة بأنهم سوف يعالجون البيئة حتى على سطح الكوكب البعيد!، الاّ انهم وضعوا جميع القضايا التي تهم المواطنين جانبا وتفرغوا الى النهب والقتل وجني الارباح.
فماذا ننتظر من هذه العصابات المتعطشة للدماء، ماذا ننتظر من اولئك الذين يخزنون القنابل استعدادا للبطش والتدمير، ماذا ننتظر من الذين جعلونا ما ان ننسى جريمة حتى نتفاجأ باخرى اكثر فظاعة منها، لا شيء، ابدأ، لانهم باعوا الاخلاق والضمير والانسان ولم يحتفظوا الاّ بالهراوة وكاتم الصوت ويحاولون ايهامنا بأن ما يجري ما هو الاّ امر محتوم تفرضه العادات من اجل المحافظة على سلامة المجتمع، لكنهم يسعون بكل قوة الى تغييب وعي الناس والاستهزاء بطموحاتهم واخضاعهم الى ثقافة اليأس.
انّ الاعتقال الكيفي وممارسة التعذيب البشع واغتيال الناشطات والناشطين المدنيين وملاحقة كل من يؤمن بحقه في ممارسة حريته الشخصية، ما هو الاّ جزء من سياسة ذبح صفات الكائن الآدمي التي حددها افلاطون في فلسفته القديمة حينما يصف الانسان بأنه عقل يستقرئ الحق وارادة تستقطب الخير وحسّ يستقطر الجمال، فبلا ادنى شك انّ العقل الذي يبحث عن الحق يغيظهم والارادة التي تحارب الشر تخيفهم والحس الجميل يطيح بعفاريتهم وجنياتهم وتعاويذهم.
لكنّ شعبنا، وكما اثبتت البصرة، قادر على تقديم المزيد من التضحيات من اجل تحقيق مصالحه كاملة ومن اجل ان يعيش حياة حرة وكريمة في وطن آمن ومستقر ، وسوف لن يتوقف ولن يسكت عن ملاحقة الفاسدين والقتلة وكل من يغرد خارج سرب حقوقه ومصالحه حتى اخراجه من المشهد بالكامل.