انعقد المنتدى العالمي الثاني لمناهضة الفاشية في موسكو بمبادرة من الحزب الشيوعي في الاتحاد الروسي في موسكو في الفترة من 22 إلى 24 نيسان 2025، بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار في الحرب الوطنية العظمى على الفاشية، التي تحتفل بها شعوب العالم في 9 أيار من كل عام، وأيضا الذكرى الـ 155 لميلاد القائد الشيوعي فلاديمير إيليتش لينين.

شارك في أعمال المؤتمر أكثر من 160 وفداً من 92 بلداً، ومثّل الحزب الشيوعي العراقي في هذا المنتدى العالمي الرفيق بسام محي، نائب سكرتير اللجنة المركزية، والرفيق وسام الخزعلي عضو اللجنة المركزية للحزب.

 خيار القرن 21 هو الاشتراكية

وافتتح أعمال المنتدى الرفيق غينادي زوغانوف، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد الروسي، معبراً عن أهمية استذكار هذه المأثرة العظيمة للجيش السوفياتي في دحر النازية وتحرير شعوب أوربا من "الطاعون الاصفر" الذي كان جاثما على صدورهم، والتي تحققت بتضحيات جسيمة قدمها الشعب السوفيتي تجاوزت 27 مليونا من أبنائه، وبعد تدمير آلاف المدن والمدارس والمعامل والأراضي الزراعية. وأشار إلى أن ولادة الفاشية والنازية في إيطاليا والمانيا جاءت نتيجة لتطور الرأسمالية، وأن القضاء عليها في الحرب الوطنية العظمى تحقق بفضل الاشتراكية، وبفضل عبقرية لينين وثورته في اكتوبر1917 وتحويل روسيا إلى دولة قوية كشفت تناقضات الرأسمالية ووقفت إلى جانب شعوب العالم ونضالاتها. واستذكر ايضا تضحيات المناضلين الشيوعيين في العمل السري والحركة الانصارية والجرحى والأطباء والقادة العسكريين "وكل من ضحى لأجل هذا البلد ومن أجل قضايا الشعوب التي جسدت أعلى أشكال التضامن الأممي". وبيّن في كلمته، أن التطورات العاصفة بعد الانتصار على النازية في 9 ايار 1945 أسهمت في تطوير حركة التحرر الوطني في مقارعتها للاستعمار، ودعمت حركة الطبقة العاملة العالمية. وأشار إلى أن القرن الـ 21 هو خيار الاشتراكية وليس الهمجية، والتوجه لترسيخ المبادئ الانسانية والعدالة وقيم الاشتراكية النبيلة، مؤكدا ضرورة تعبئة الجهود والنضال المشترك ضد الإمبريالية، ومواجهة الخصوم "الذين يسعون إلى تحويل أوربا إلى قارة جحيم من خلال استمرار الحرب في اوكرانيا".  وتلقى المنتدى رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثمّن فيها انعقاد المنتدى وبمبادرة من الحزب الشيوعي الروسي. وأكد على اهمية الجهود "لمنع انتشار العنصرية والنازية والفاشية وغيرها من الايديولوجيات العدوانية القائمة على التحريض على الكراهية والتعصب". كما أرسل رئيس الوزراء الروسي، وكذلك رئيس البرلمان، برقيات تحية إلى المنتدى الدولي.

 ثلاث ورش عمل..

الفاشية الجديدة وسبل مناهضتها

وبعد جلسة الافتتاح انقسم المشاركون في المنتدى في ثلاث ورش عمل ومجموعات رئيسية. تناولت المجموعة الأولى موضوعة "الفاشية هي نتاج الامبريالية، أسلحة الاستغلال والعنف". وشملت التجربة التاريخية للنضال ضد الفاشية، النظرية والتطبيق. المجموعة الثانية كان عنوانها "الفاشية الاوربية - تهديد الأمن والتعاون في أوربا"، وركّزت على أشكالها، جوهرها، والأسباب التاريخية لظهورها. وتناولت المجموعة الثالثة موضوعة "النازية والفاشية كظاهرة طبيعية لاستمرار الرأسمالية الاستعمارية في طورها الاخير". وتضمنت المحاور التالية: (1) تاريخ نشأة الفاشية، وأنواعها في امريكا اللاتينية. (2) التطرف الاسلامي، تجسيد للفاشية. (3) سياسة اسرائيل - سياسة فاشية لإبادة الشعب الفلسطيني.  وخرجت الورشة الاولى بخلاصة اشارت إلى أهمية موقف لينين بشأن الإمبريالية، باعتباره الأرضية والأساس المهم لتحليل الفاشية وتطورها، حتى في الولايات المتحدة وأوربا. وان الإمبريالية دخلت في أزمات وهي عاجزة عن تجاوزها، وهذا يشكل خطورة على السلم العالمي. ومن الواضح ان الرأسمالية تسعى للحفاظ على سلطتها بأي ثمن. وأكدت على اهمية تعزيز النضال على الصعيدين الوطني والأممي، وأشارت إلى امكانيات تلوح في الأفق وفرصة لبناء عالم جديد.

أما الورشة الثانية فأنها خرجت بتوجهات لمواجهة خطورة الممارسات والسياسات الفاشية في أوروبا، والتي تستوجب من الشيوعيين إجراءات لمواجهة اليمين المتطرف والفاشية الجديدة، إدراكاً منهم لضرورة التصدي للفاشية التي تشيع الكراهية ولتشويه الحقائق وتصعيد العداء للأجانب. وهذا يتطلب التنسيق على مستوى عالمي لنشاط الشيوعيين والحركات اليسارية والمنظمات الداعمة للديمقراطية والسلام. ولخّصت الورشة الثالثة مخرجاتها بأن هناك نجاحات في مواجهة الرأسمالية، وهذا ما نراه في كوبا وامريكا اللاتينية، الاّ ان الفاشية لم تخف عداءها لحقوق الانسان وتمارس القمع والترهيب. وانعكس ذلك بشكل جلي في سياسة اسرائيل العدوانية وممارساتها الفاشية لإبادة الشعب الفلسطيني، مما يتطلب رفع صوت التضامن عاليا مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل. كما اتخذت الفاشية من الإسلام المتطرف أشكالا عدة، ومنها تنظيمات مثل الاخوان المسلمين والقاعدة وداعش وغيرها تهدف إلى فرض نموذج حكم يستند على الكراهية والتمييز ويخدم الرأسمالية.

وجاءت مساهمة الحزب الشيوعي العراقي، التي قدمها الرفيق بسام محي نائب سكرتير اللجنة المركزية، ضمن أعمال الورشة الثالثة. وتناولت الإسلام المتطرف وأبرز الدروس المستخلصة من احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي للأراضي العراقية في 2014. 

بيان ختامي

وفي نهاية الجلسات صدر بيان ختامي عن أعمال المنتدى العالمي لمناهضة الفاشية أكد على أن مجريات الأحداث ليست بمعزل عن عدوانية الإمبريالية التي تشتد نتيجة تعمق الأزمة العامة للرأسمالية. وجاء فيه "يقوم الإمبرياليون بتصعيد الوضع في مناطق مختلفة من العالم، ويهددون باندلاع حرب عالمية جديدة، وفي الوقت نفسه تتزايد التناقضات داخل معسكرهم".

كما دعا البيان إلى إنهاء حرب الإبادة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتضامن مع جميع الشعوب التي تتعرض للعدوان من قبل الإمبرياليين. واختتم البيان بدعوة شعوب العالم إلى مناهضة الفاشية بكل الوسائل المتاحة من أجل الخلاص من شرورها، وهي معركة ضد الإمبريالية. ودعا إلى جعل الذكرى الثمانين للنصر في الحرب الوطنية العظمى رمزا ودرساً لا ينسى في دحر الفاشية والنازية ووضع حد لسياسات الامبريالية، وأن الطبقة العاملة هي القوة الوحيدة القادرة على تحقيق ذلك بقيادة الشيوعيين.