الضيوف ممثلو الأحزاب والقوى السياسية المحترمون
الرفيقات العزيزات.. والرفاق والأصدقاء الأعزاء
الحضور الكرام..
نحييكم بحرارة، ونرحب بكم أجمل ترحيب، في حفلنا هذا لمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لتأسيس حزبنا الشيوعي آملين أن يكون مترعا بالبهجة والفرح، وقادرا على فتح كوة أمل بتجاوز المحن، والعمل الجدي لإعادة بناء الوطن على أسس ديمقراطية حقيقية.
لقد نشأ الحزب الشيوعي العراقي، كضرورة موضوعية للتعبير عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين وسائر أبناء شعبنا. ففي الحادي والثلاثين من آذار 1934 اندمجت الخلايا الماركسية في البصرة والناصرية وبغداد، على يد كوكبة من المناضلين الأفذاذ، يتقدمهم "يوسف سلمان يوسف" (فهد)، لتشكل لجنة "مكافحة الاستعمار والاستثمار" التي تحولت بعد مرور عام إلى الحزب الشيوعي العراقي.
ومنذ لحظة التأسيس انغمر الشيوعيون في كفاحٍ مفعمٍ بالتضحية ونكران الذات، من أجل المصالح الجذرية للشعب والوطن، وفي مقدمتها قضايا العمال والفلاحين، وسائرِ الكادحين، واستقلال البلاد الناجز وتحررها السياسي والاقتصادي، وضمانُ حقوق القوميات كافة، وخصوصا الحقوقَ المشروعة للشعب الكردي، والدفاع عن حقوق المرأة وقضاياها العادلة في الحرية والمساواة، والوقوفَ إلى جانب قضايا الشعوب العادلة، خاصة الشعبَ الفلسطيني، وبقيةَ الشعوب العربية، وتحررها واستقلالها وتقدمها، والانتصارَ لسائر شعوب العالم المناضلة من أجل الحرية والاستقلال والديمقراطية والاشتراكية.
إن مسيرة الشيوعيين المفعمة بالعطاء والنضال الوطني والطبقي المتفاني، أثارت حفيظةَ وحقدَ الطغاة حكام الأنظمة المتعاقبة لأنهم رأوا في الحزب الشيوعي مصدرَ خطر عليهم، فأعدم قادتُه الإبطال "فهد، حازم، صارم، سلام عادل، جمال الحيدري، ومحمد صالح العبلي" وتعرض الآلاف من كوادر الحزب وأعضائه ومناصريه عرباً وكرداً، تركمانا،ً والكلدو اشوريين السريان، وأرمن، مسلمين ومسيحيين، ومندائيين، وايزيديين ، ومن كل أطياف شعبنا العراقي إلى شتى أنواع التعذيب والسجون والملاحقات البوليسية، دون أن تفت في عضد الشيوعيين أو تثنيهم عن مواصلة نضالهِم الشجاع في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد.
لقد ذهب الحكام المستبدون، الذين ناصبوا الحزب الشيوعي العداء إلى مزبلة التاريخ، واستمر الحزب يستمد مصدر قوته وينبوع صموده من صلته الحية بالجماهير، وستظل بناته وابناؤه البررة يعملون كما هو دائما مهما اشتدت الصعاب وغلت التضحيات ولن تستطيع قوة على الارض تهميش دورهم او تغيبه.
الحضور الكريم..
تمر علينا اليوم الذكرى الحادية والتسعون والبلاد تواجه أزماتٍ كبيرةَ وتحدياتٍ خطيرة، جراء وصول العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية إلى طريق مسدود، والتي أدت إلى سيطرة وتمركز السلطة والثروة بيد أقلية متنفذة (أوليغارشية) أمام أغلبية واسعة من الشعب العراقي تعاني من العوز والجوع والحرمان والأمراض. فعلى مدى أكثر من عشرين عاما الماضية لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من معالجة الأزمة البنيوية التي تعاني منها البلاد، وجرى ترسيخ الطابع الريعي للاقتصاد، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة وتعمق التفاوت الاجتماعي والطبقي، وزادت معالم ضعف الدولة وهشاشتها وهزالة هيبتها واستشراء الفساد المالي والإداري وانتشار مظاهر السلاح خارج إطار الدولة ومؤسساتها.
وقد توصل الحزب مبكرا ومنذ سنوات، إلى أن التغييرَ الشامل بات ضرورةً وطنية ًملحة، ولابد من تعبئة الجماهير وقوى التغيير من أجل الخلاص من المنظومة الحاكمة لإقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
وزادت من تعقيدات الوضع الداخلي التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة وما نتجت عنها من تداعيات على المنطقة ومنها العراق، لتؤكد ضرورة إحداث التغيير، في نهج إدارة البلاد والمنظومة السياسية الحاكمة، المسؤولة عن الفشل في بناء الدولة والمؤسسات، وفي الحفاظ على المال العام وتوظيف موارده في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
لقد بادر حزبنا إلى إطلاق حوار وطني شامل تساهم فيه القوى السياسية والمجتمعية التي تسعى للتغيير، ومن الوطنيين والديمقراطيين، من أجل بلورة مشروع وطني للتغيير، يمهد لعقد مؤتمر وطني واسع معبر عن تطلعاتهم وإرادتهم من أجل تحقيق التغيير المنشود في دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
ولابد من التأكيد على أن الحزبَ يؤمن بقدرات جماهير شعبنا النضالية والثورية الكامنة في التحرك من أجل المساهمة الفعلية في ميادين الصراع السياسي، وأن تخرجَ الجماهيرُ من سلبيتها وترفعَ من قدراتها التعبوية والكفاحية عبر الوسائل السلمية، في المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، مع مواصلة العمل لضمان منظومة انتخابية عادلة، وتوفير مستلزمات إجراء انتخابات حرة ومتكافئة للجميع، وفي ذات الوقت توسيع النشاط الاحتجاجي ورفع مستوى الضغط الجماهيري والشعبي على المنظومة الحاكمة للخلاص منها.
رفيقاتي .. رفاقي .. الحفلُ الكريم
وإذ يستذكر حزبُنا في هذه المناسبة شهداءَه الأبرار، فإنه على ثقة لا تتزعزع بعزيمة وهمة وبسالة عمل رفيقاته ورفاقه وقدرات منظماتهم، في مواجهة التحديات والمهمات الآنية من خلال رفع مستوى الاستعداد والتعبئة السياسية والفكرية والتنظيمية، وفي التوجه إلى الجماهير وتبني مطالبها والدفاع عنها وبناء حركة شعبية ضاغطة على المنظومة الحاكمة، مع ضرورة إثراء نضالات الحزب الوطنية والديمقراطية، ومواصلة التجديد في فكره وأساليب عمله، والتواجد الميداني بين أوساط الشباب والطلبة والنساء والعمال والفلاحين والمثقفين. إن المرحلة القادمة تتطلب من الشيوعيين عملا دؤوبا ومتفانيا لتحقيق انتشارٍ وتأثيرٍ جماهيري واسع وهو الكفيل في إحداث التغيير المنشود والمساهمة الفعالة في تحقيق البديل السياسي القادم.
عاش الحزب الشيوعي العراقي، رمزاً للوحدة الوطنية، وللدفاع عن مصالح الكادحين وحقوقهم،
عاش نضالُ الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الأسرائيلي ومن أجل اقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس..
عاش نضالُ الشعوب العربية وشعوب العالم من أجل التحرر والحرية والسلام والديمقراطية،
المجد لشهداء الحزب، والحركة الوطنية والديمقراطية
سلاما للحزب في عيده الحادي والتسعين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة الحزب الشيوعي العراقي القاها الرفيق بسام محي نائب سكرتير اللجنة المركزية.