ما زال البعض يتمنى ان يستيقظ صباحاً ويسمع الخبر السار له ولأمثاله، بان لا حركات احتجاجية وجماهيرية بعد اليوم!
غير ان الواقع العراقي بحراكه المتجدد يوميا يبعث رسائل معاكسة، تقضّ مضاجع البعض المذكور وتسبب له المزيد من الصداع والقلق والاكتئاب.
يحصل هذا في بلادنا منذ الانطلاقة الجريئة في شباط 2011 للحركة الاحتجاجية، التي تواصل مسيرتها رغم التعرجات وحالات الصعود والنزول، وهو ما نراه امرا طبيعيا في العراق وغيره من البلدان.
الحركات الاحتجاجية في مسيرتها ومحطاتها، والابرز بينها انتفاضة تشرين المجيدة، ردت وترد بقوة على كل المشككين بأصالتها ووطنيتها، فيما تمتد خيوط الاتهام الى الجهات التي ساهمت وتساهم حتى اليوم في قمعها، وفي السعي الى إلحاق مختلف التهم بها، وهي منها براء.
اليوم وبفضل هذه الحركات والمساهمات الجريئة فيها ودور الفاعلين المدنيين، ومن بينهم الشيوعيون، غدت المطالبة بالحقوق والتظاهر والاحتجاج من أجلها، طريقاً مجرّباً لإجبار المتنفذين على الاستجابة ولانتزاع الحقوق.
وبسبب سياسات ومواقف المتنفذين، اخذ المواطنون يدركون بتجربتهم الخاصة، انه لا بد من الحراك المنظم لفرض المطالب ونيلها.
ومع اطلالة اليوم الاول من تشرين الاول، يوم اندلاع انتفاضة الشعب الباسلة، يتوجب التوقف عندها ليس فقط لتمجيد مآثرها وبطولاتها وشهدائها البررة، بل ولاستخلاص العبر والدروس منها، لا سيما وان المراقبين والمتابعين ما زالوا يقولون ان ظروف اندلاع تلك الهبّة الشعبية الجماهيرية الواسعة ما زالت قائمة، بل ان العديد من جوانب الازمة العامة في البلاد تتعمق، في ظل استمرار الاصرار على النهج الخاطئ في ادارة البلاد، والتشبث بالمحاصصة ومنهجها والتحاصص المكوناتي.
وهنا يتوجب القول بوضوح، ان علاج الازمة في بلادنا سياسي بامتياز في اساسه، وان ايّ محاولة للف والدوران والحلول الترقيعية، لن تزيد الامور الا تعقيداً، وقد تدفعها الى الأسوأ. فالناس لن تبقى تنتظر الوعود التي تداف في عسل الكلام .
فيما يتوجب على الحركات الاحتجاجية، بمختلف انواعها واشكالها وتنوّع مطالبها، ان تدرك إلحاح الحاجة الى المزيد من التنظيم والتنسيق والتشاور وتوحيد التوجهات، والى المزيد من الالتصاق بهموم الناس وتبني مطالبهم، وان تجمع على نحو سليم بين ما هو خاص بمختلف الفئات وما هو عام يخص الوطن وهموم المواطنين عموما.
في ذكرى انتفاضة تشرين 2019، يتوجب السعي لا الى ايجاد التبريرات والذرائع، بل الى الاقرار بصراحة ووضوح بفشل المنهج الذي اعتُمد حتى الآن في ادارة شؤون البلاد، وبضرورة التفكير والعمل الجدي من اجل البديل الذي يسعى الى بناء وطن للجميع، وطن مبرّءٍ من المحاصصة الطائفية، وتسوده قيم المواطنة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
في الذكرى المجيدة للانتفاضة نجدد المطالبة بإنصاف عوائل الشهداء، والاستجابة لمطالبهم، والكشف عن القتلة والمجرمين وتقديمهم الى المحاكم، لينالوا جزاءهم العادل.
المجد لذكرى انتفاضة تشرين الاول 2019 المجيدة
المجد لشهدائها وضحاياها الاماجد