شهد فجر أمس الخميس، العشرين من آذار ما كنا نخشاه دائماً، وما حذرنا مرة بعد مرة في الشهور الماضية من وقوعه..

فقد قامت القوات الامريكية بهجومها الصاروخي الأول على العراق، معلنة بدء الحرب التي ظلت في الفترة المنصرمة تهدد بشنها باسم تغيير النظام تارة، وتدمير اسلحته المحظورة تارة أخرى، او باسم هذا وذاك أو غيرهما من الأهداف المعلنة.

ورغم ان الوصول الى هذه الأهداف كافة كان ممكناً بطرق أخرى آمنة، وبوسائل تجنب شعبنا وبلادنا المزيد من الأذى والآلام وتتيح تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود.. فان الادارة الامريكية أصرت على اعتماد أسوأ السبل المتاحة، وأشد الوسائل خطراً على أرواح الناس وإضراراً بالبلاد، وتهديداً للأمن والسلام.

وفوق ذلك اختارت سبيل الحرب هذا بقرار انفرادي، وبنحو لا ينسجم مع الشرعية الدولية ومن دون استنفاد الوسائل الدبلوماسية المختلفة.

وبذلك فتحت الابواب على مصاريعها أمام كارثة كبرى جديدة تحل بالعراق والعراقيين، وهم من بقيت جراحهم العميقة، التي سببتها حروب النظام السابقة، مفتوحة ملتهبة حتى وقتنا هذا.

ورغم ان الحرب دخلت الان يومها الثاني، وقطعت القوات الغازية خلال ذلك أول أشواط توغلها الهجومي داخل الاراضي العراقية، فان من الممكن والضروري وضع حد عاجل لها، والعودة الى اعتماد الوسائل السياسية والدبلوماسية والحيلولة بهذا دون ايقاع الخسائر الفادحة بأرواح أبناء شعبنا، والحاق الاضرار الجسيمة بوطننا وبناه التحتية.

واننا ونحن نرفع اليوم صوتنا داعين الى وقف الحرب وهي بعد في مهدها، لا نتجاهل أو نغفل ولو للحظة واحدة، القسط الثقيل من المسؤولية الذي يتحمله النظام الدكتاتوري الحاكم في بلادنا عن هذه الحرب الجديدة، وعن دفع شعبنا وبلادنا الى هاويتها المهلكة، كما عن كل الماسي والويلات السابقة التي عاناها ويعاني عواقبها حتى اليوم.

فهذا النظام هو من ابقى تدمير الأسلحة المحظورة معلقاً طيلة الاثني عشر عاماً ونيف، التي انقضت على غزوه الكويت، وهو من ظل يماطل في تنفيذ عموم قرارات مجلس الأمن، ويوفر مختلف الذرائع والحجج الاخرى، لأقدام الادارة الامريكية على شن هذه الحرب الجديدة التي تنهال حممها على بلادنا منذ يومين.

وهذا النظام هو من يواصل رأسه الطاغية ترويع ابناء الشعب وملاحقتهم بالسياط والرصاص حتى في يومنا هذا، فيما الصواريخ تنهمر فوق رؤوسهم، بدل أن ينصت ويستجيب للنداءات المخلصة الكثيرة التي تطالبه بالتضحية بكرسي الحكم لا أكثر ومغادرة البلاد، انقاذاً لها ولأبنائها من الحرب ومصائبها ودمارها.

 وعلى ذلك فان القضاء على هذا النظام الغاشم المقامر يبقى في صدارة الاهداف والمهمات الاساسية الملحة لجماهير الشعب والقوات المسلحة، ولقوى المعارضة كافة، الساعية الى الخلاص منه نهائياً و تماماً، والطامحة الى اقامة النظام الديمقراطي في عراق فدرالي موحد.

ان المخاطر الهائلة التي تهدد شعبنا اليوم، وهو يُسحق بين مطرقة الحرب المندلعة من جانب، وسندان النهج الارهابي المغامر والمستهتر للنظام الحاكم من جانب اخر، لتستحث جماهير شعبنا، وابناء القوات المسلحة والاحزاب والقوى الوطنية المعارضة، على توحيد صفوفها واخذ قضية الشعب والوطن بيدها، وخوض النضال المتفاني لإحباط المساعي الرامية الى تغييبها، ولانتزاع حقوقها وفي المقدمة حقها في تقرير مصيرها وتحديد مستقبلها بنفسها، دون تدخل أو وصاية من أحد، وحق الشعب الكردي في حل قضيته سلمياً وديمقراطياً.

وان جماهير شعبنا وقواه السياسية المكافحة، وهي تواجه الظروف العصيبة التي تعصف بالبلاد، اليوم وتتأهب للنهوض دفاعاً عن حياتها ووجودها، وعن حريتها ومصالحها وحاضرها ومستقبلها، تتطلع الى تضامن الاشقاء والاصدقاء وعموم الرأي العام العالمي المحب للحرية والسلام، ودعمهم لها في السعي الى وقف الحرب، وفي النضال للخلاص من النظام الدكتاتوري الحاكم، وإقامة عراق السلام والحرية والكرامة، العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد.

شقلاوة

21 اذار 2003