ناقش مجلس الوزراء في جلسته الثلاثاء توصيات اللجنة التحقيقية المؤلفة بموجب قرار المجلس 140 / 2021، والتي تضمنت إنهاء حالة سحب يد وزير الصحة (الذي قدم استقالته حال إعلان تلك التوصيات) ومحافظ بغداد، وفرض عقوبات انضباطية بحق مدير مستشفى ابن الخطيب ومعاونه الاداري ومسؤول الدفاع المدني فيه، واعفائهم من مناصبهم وتنزيل درجة مدير المستشفى. 

ويؤشر هذا الذي اعلن ان معالجة فاجعة مستشفى ابن الخطيب أخذت بعدا إجرائيا  انضباطيا موجها الى الحلقات الوسطى من المنظومة الوظيفية المسؤولة عن المستشفى، بصورة مباشرة او غير مباشرة. 

ثم ان تقرير اللجنة التحقيقة لم ينشر كاملا، وهو ما كان مطلوبا لاطلاع الرأي العام على الحيثيات والأسباب التي أدت الى مصرع وإصابة عشرات وعشرات المواطنين، ضحايا التقصير والإهمال الصارخين، والتي هي اسباب غير شخصية مجردة، قدر ما هي وثيقة الصلة بمجمل النهج المتبع في إدارة مؤسسات الدولة، ومنها وزارة الصحة والنظام الصحي الحكومي الذي يتدهور يوما بعد يوم. 

كما اننا شأن غيرنا لم نطلع على توصيات ومقترحات اللجنة التحقيقة لتلافي تكرار مثل هذه الفاجعة المؤلمة والصادمة، الامر الذي تبقى اهميته قائمة بعد ان اندلعت حرائق في مستشفيات أخرى بعد مأساة أبن الخطيب، وبقيت أسبابها ضائعة أيضا في دهاليز لجان التحقيق. 

ان ما حصل ليس حدثا عابرا كي يقتصر الامر على مثل هذه الإجراءات، فتجارب دول العالم تقول بغير هذا، وعادةً ما تقع تحت طائلة المسؤولية والمساءلة كافة الحلقات ذات العلاقة وبضمنها العليا، بحكم موقعها الوظيفي وبغض النظر عن مسؤوليتها المباشرة من عدمها. ويتوجب ايضا ان تمتد لتشمل أيضا الدوائر والقطاعات المتكاملة في عملها مع وزارة الصحة والداعمة لنشاطها وعملها.

لقد بينت هذه الحادثة الكارثية حجم الاستهانة والاستهتار واللاأبالية من جانب مؤسسات الدولة، تجاه التوصيات التي تقدمها مؤسسات أخرى بحكم مسؤولياتها وواجباتها، مثل الدفاع المدني وديوان الرقابة المالية وغيرهما. 

كما انها اكدت ضرورة الاهتمام بالبنى التحتية فِي القطاع الصحي بنحو خاص، وجعله ضمن أولويات الحكومة، مع التصدي الحازم للفساد المستشري في مفاصل القطاع وما سببه من ضياع للتخصيصات المالية وللوقت، ومن عدم انجاز مشاريع مخطط لها. 

وفي هذا السياق تثار أسئلة مشروعة ليس فقط عن دور ومسؤولية السلطات التنفيذية، بل والسلطات القضائية والتشريعية، خاصة ما يتوجب ان ينهض به مجلس النواب ولجانه المتخصصة من متابعة ودور رقابي. 

وان هذه الحوادث المفجعة تثير مجددا قضية إسناد الوظيفة العامة ومدى أهلية من تسند اليهم، خصوصا وظائف الدرجات الخاصة، وغياب معايير الكفاءة والنزاهة والمهنية والإخلاص، وما أدى اليه ذلك من عجز مؤسسات الدولة عن أداء واجباتها وإلحاقها الضرر تالياً بالمواطنين وبالمال العام. 

ويبقى التشديد مجددا ومجددا على أهمية وضرورة إبعاد دوائر الدولة ومؤسساتها عن المحاصصة وتخادم المتنفذين واخطبوط الفساد، فبعكس ذلك لا يمكن توقع نهاية للكوارث والمآسي التي تطحن المواطن والوطن.