صُدم العراقيون أمس بفاجعة مستشفى ابن  الخطيب في بغداد، التي أزهقت ارواح عشرات المرضى الراقدين وأصابت آخرين يفوقونهم عددا.

ولم يكن ما حصل أمرا غريبا، بل ويمكن توقع تكراره لأن أوضاع مستشفى ابن الخطيب لم تختلف كثيرا عن احوال بقية المستشفيات والمراكز الصحية، ولم تكن استثناءً من حيث  تدهور الخدمات وتردي العناية الصحية التي تقدمها الدولة ونوعيتها، وإهمال شروط  السلامة وضعف الرقابة والمحاسبة.

ويرتبط كل هذا بتراجع القطاع الصحي في سلم الأولويات في سياسات الحكومات المتعاقبة، وانعكاس ذلك في انخفاض نسبة تخصيصاتها في الموازنات العامة. ومن جهة أخرى هناك سوء الإدارة والتخطيط وتدني الكفاءة، بجانب اسناد الوظيفة العامة وفقا لنهج المحاصصة، وتغييب معايير النزاهة والكفاءة والمهنية والإخلاص والشعور بالمسؤولية.

ان كارثة مستشفى ابن الخطيب هي جريمة اخرى من جرائم منظومة المحاصصة والفساد، المسؤولة الأساسية عن مجمل التدهور الحاصل في بلدنا على مختلف الصعد وفي سائر القطاعات.

 ان تكرار مثل هذه الكوارث  يؤشر حالة الفشل والعجز والاستهتار بحياة المواطنين، وذلك ما يفرض محاسبة وعزل المسؤولين عنها على مختلف المستويات، وعدم تسييس ملفات الإهمال والتقصير في أداء الواجب، خصوصا اذا ارتبط  الامر مباشرة بحياة الناس.

 لكن كل ذلك لن يكون كافيا لضمان عدم تكرار المأساة، فالمطلوب هو التصدي لجذر المشاكل بالخلاص من نهج المحاصصة واعتماد معايير المواطنة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وجعل مستوى الاهتمام بقطاع الصحة في سلم أولويات الحكومة. 

لا بد لهذه الفاجعة ان تكون جرس انذار للحكومة ولمختلف السلطات، وبضمنها اجهزة الدفاع المدني والاطفاء، لتعتمد الحيطة وتتخذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها، فلا مساومة على حياة المواطنين وسلامتهم أينما كانوا.

في مناسبة هذه المأساة والخسارة الكبرى في الارواح نتقدم بخالص العزاء لأسر الضحايا وذويهم، متمنين للمصابين الشفاء العاجل، ومشيدين بالاستجابة السريعة للمواطنين ولبعض الجهات  المسؤولة، الذين بذلوا جهودا حثيثة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

 25 نيسان 2021