شهدت بلادنا في الأيام الاخيرة احداثا مؤلمة، أُهدرت فيها دماء زكية وأُزهقت ارواح بريئة.. احداثا طرحت من جديد مسألة قدرة الدولة والحكومة ومؤسساتهما العسكرية والأمنية، على صيانة أمن المواطن وسلامته، وتأمين مستلزمات ممارسته للحقوق التي كفلها له الدستور، وفِي مقدمتها حقه في الحياة وفي التعبير عن الرأي بشكل سلمي، وبضمنه الاحتجاج والتظاهر السلميان.

فقد حصلت ملاحقات واعتداءات واغتيالات بحق الناشطين في الحركات الاحتجاجية وفي اوساط الرأي العام، وإحراق لخيم المعتصمين في ساحات الاحتجاج والتظاهر، وإقدام مجاميع معينة، مسلحة في الغالب، على مصادرة القانون وفرض نفسها بديلا للدولة بصلاحياتها الحصرية، وهو ما حدث في الناصرية والكوت وبغداد.

ان هذه الأفعال جميعا، بغض النظر عن مرتكبيها وألوانهم ومسمياتهم، مرفوضة كليا ومدانة ومستنكرة، ولا يمكن تبريرها او الدفاع عنها بأي حال من الأحوال.

واننا إذ نؤكد من جديد مسؤولية الحكومة عن حماية المتظاهرين ومنع مثل هذه الاعتداءات،  نشدد على ان لا حق لأية قوة سياسية او مسلحة، ان تمنح نفسها صلاحية فض التظاهرات والاعتصامات واستخدام العنف والسلاح في ذلك. كذلك الأمر بالنسبة الى بعض النشاطات الاعلامية او التجارية، التي يعتبرها البعض مسيئة او خادشة للأخلاق. فلئن كان فيها تعارض مع الدستور والقانون، فمعالجتها يجب ان تأتي من طرف الحكومة والقضاء ووفقا  للدستور والقانون، مع احترام الحريات والحقوق المثبتة دستوريا.

ومن غير الممكن هنا الجمع بين الدعوة الى تعزيز هيبة الدولة ومؤسساتها الامنية والقضائية من جانب، والقيام بما يعد تعديا وتجاوزا صارخا على هذه الهيبة من جانب آخر.

ان على القوى السياسية التي تعلن حرصها على الممارسة الديمقراطية، وعلى اجراء الانتخابات في ظروف تضمن تجسيدها ارادة الناخب الحرة، عليها جميعا ان تلتزم باحترام حرية التعبير والتنظيم والتظاهر المنصوص عليها دستوريا.

ان وطننا يئن اليوم تحت وطأة احوال بالغة الصعوبة والتعقيد، ولم يعد يتحمل تعريضه الى أزمات ونكبات جديدة، والى مزيد من سفك الدماء ومن الضحايا. وهذا يفرض تضافر جهود كل العراقيين الوطنيين المخلصين لوطنهم وشعبهم، والحريصين على مستقبلهما ومصيرهما، للحيلولة دون انزلاق الأوضاع الى ما هو اسوأ واخطر، وما يؤدي الى ضياع كل شيء ويلحق الخسارة بالجميع . 

المجد للشهداء البررة، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين.

المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي

٢٩-١١-٢٠٢٠