صوت مجلس النواب اول امس على تقسيم العراق الى ٨٣ دائرة انتخابية،. مرجحا بذلك خيار الدوائر المتوسطة، وهناك دعوات  لصالح الدوائر الصغيرة مستندة الى عدد من الحجج والمبررات.

من اهم الحجج التي تساق لصالح نظام الدوائر المتعددة كون الدائرة الاصغر تجعل الجمهور قريبا من النائب، فتتيح له مراقبته ومساءلته بصورة افضل في شأن الخدمة التي يقدمها لسكان منطقته.

لكن هذه الحجة تنطبق اكثر على عضو مجلس المحافظة وليس على النائب الذي يفترض فيه ان يكون ممثلا للشعب العراقي، اي صاحب تمثيل وطني وليس مناطقيا. فنظام تعدد الدوائر من شأنه تكريس الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية، بعكس ارادة الانتفاضة التي رفعت شعار نريد وطن.

من ناحية اخرى يمكن لنسبة قليلة من الاصوات في ظل هذا النظام ضمان الفوز في حال تعدد المرشحين وتوزع الاصوات، وهي الحالة المرجحة. وهذا سيؤدي عمليا الى اقصاء اطياف سياسية وربما مكوناتية ايضا، بعكس ما هو مطلوب في المرحلة الانتقالية التي نمر بها والتي تحتاج الى مشاركة واسعة. لهذا نجد الحركات الاحتجاجية في دول الجوار (لبنان ، الاردن) تطالب بالتمثيل النسبي وباستبدال نظام الدوائر المتعددة والصغيرة بنظام الدائرة الواحدة، بعد ان تحولت  هذه الدوائر الى اقطاعيات عائلية او صارت ذات صبغة فئوية ضيقة.

كذلك توفر الدوائر المتعددة، الصغيرة ومثلها المتوسطة ، فرصا اكبر لتأثير المال السياسي. وان قوى المحاصصة والفساد تمتلك اموالا طائلة وستوفرها بسخاء لمرشحيها في هذه الدوائر، لا سيما وان المبالغ المطلوبة للرشا وشراء الاصوات فيها ستكون اقل مما في الدوائر الكبيرة. اما القول ان الدوائر المتعددة تجعل الناخبين على بينة من ممارسات نوابهم في حال فسادهم فيتمكنون من محاسبتهم، فالواقع ان المشكلة لا تكمن في اكتشاف فساد النائب، فهذا الامر معروف حاليا لمعظم المواطنين، والمهم هو تحديد ما متاح للناخب من الامكانيات والوسائل لمحاسبة النائب، وما هي الآليات المتوفرة له للقيام بذلك ، في ظل فساد وانحياز مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية؟

يضاف الى ما تقدم ان القوى المتنفذة تعمل بشكل محموم على تقسيم الدوائر ورسم حدودها وفقا لمصالحها الخاصة، وان من الضروري ان تتولى جهات مهنية مستقلة مهمة التقسيمات، مستعينة بخبرات دولية ووفق معايير موضوعية لا تخضع للمصالح الحزبية الضيقة.

رائد فهمي

سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي