في ليلة ٢٥/٢٦ حزيران الجاري قام جهاز مكافحة الإرهاب بعملية استباقية لإحباط عملية استهداف لعدد من المواقع المهمة في بغداد. وإثر ذلك جرى اعتقال عدد من الافراد، الذين اعلن بيان قيادة العمليات المشتركة وما تضمن من معطيات، انهم قاموا او كانوا يخططون للقيام باطلاق صواريخ كاتيوشا على تلك المواقع، وانه تم تسليمهم الى السلطات القضائية.
ولا شك في أهمية احترام رأي القضاء والسلطات القضائية في شأن أي اعتقال او توقيف، وان يكون لها القول الفصل في ذلك، فبعكسه ستسود الفوضى ويصادر القانون .
ووفقا للتصريحات الرسمية، فان ما جرى يأتي في سياق مواقف سبق اعلانها من قبل الحكومات السابقة والحالية، بخصوص ضرورة حصر السلاح والعمليات العسكرية تحديدا، في اطار الدولة ومؤسساتها الرسمية والقائد العام للقوات المسلحة .
من جانب آخر كانت لما حصل ردود فعل واسعة، واصداء خارج البلد ايضا، وجرى الربط بينه وبين مؤسسة الحشد الشعبي، كون الحادث وقع في احد المقرات التابعة له. وذهب البعض الى تحميل العملية التي قام بها جهاز مكافحة الإرهاب ابعادا لم تكن ضمن دوافع القيام بها، كما اعلن اكثر من مصدر رسمي .
ومن الناحية القانونية فان جهاز مكافحة الإرهاب ومؤسسة الحشد الشعبي جهتان تعملان في اطار الدولة، وترتبطان بالقائد العام للقوات المسلحة. ووفقا للسياقات فان عليهما اتباع وتنفيذ ما ترسمه وتخطط له الجهات المعنية. لذا فان هناك حرصا من اطراف عدة، على الا تحصل أية حالة توتر او تصادم بين هاتين المؤسستين، اللتين قدمتا الكثير من التضحيات في مكافحة الإرهاب والتصدي لداعش وتحرير محافظاتنا من قبضته.
ولا بد من الإشارة الى ان إعادة هيبة الدولة وسلطة القانون، التي تقول بها اطراف وجهات سياسية عدة، لا يمكن ان تستقيم مع بقاء السلاح منفلتا بأي شكل من الاشكال، ولا القيام بعمليات عسكرية خارج ما هو مرسوم في اطار السياسة العامة للدولة .
لذلك فان اية خطوة في هذا الاتجاه يجب ان لا تكون موضوعا للتشكيك في نواياها ومقاصدها، وان تؤخذ في نطاق ما اعلن من هدف لها، والا تُحمل اكثر مما تتحمل. فمن شأن الذهاب في هذا الاتجاه ان يدفع البلد الى توترات هو في غنى عنها في الظروف الراهنة.
ومن جانب آخر نؤشر ان ما جرى من توجه نحو ضبط الامن وتحقيق الاستقرار وحصر السلاح ضمن المؤسسات الدستورية والقانونية، ينسجم مع المطالَب الشعبية والبرنامج الحكومي المقر من قبل مجلس النواب
وان هذا النهج الذي يفترض ان تكون خطواته مدروسة جيدا، وان تُختار الأولويات فيها وترتب بدقة وعناية، يجب ان يتسع ليشمل كافة المرافق التي لا توجد سيطرة ورقابة للدولة عليها، والحديث يدور هنا عن الكمارك والمنافذ الحدودية والموانيء والمطارات وحقول النفط وغيرها .
ان ما حصل يؤشر الحاجة الى المزيد من التنسيق والتعاون بين التشكيلات العسكرية والأمنية ومؤسسات المتطوعين النظاميين كافة، لتجنب اية تقاطعات محتملة، وابعاد البلد عن اية تعقيدات مضرة. فيما تبقى مطالب المنتفضين وعامة المواطنين بحصر السلاح بيد الدولة قائمة ومطلوبة، وهي عملية تراكمية متواصلة، ليصار في النهاية الى تحقيق هذا المطلب الجماهيري على ارض الواقع.