يظل لينين وتراثه الفكري والسياسي الثوري منارا  للمناضلين 

من اجل عالم جديد خال من استغلال الانسان واضطهاده

 ينقضي اليوم، 22 نيسان، 150 عاما على ولادة فلاديمير ايليتش اوليانوف لينين، الثوري العظيم والمنظر والمطور الأبرز للفكر الماركسي وللثورة الاشتراكية.

 وبالنظر الى الاوضاع القائمة في بلدنا اليوم واحوال العالم وتطوراتها، خاصة ما يتصل باستشراء وباء كورونا، وكشفه جوانب القصور الكبيرة في الانظمة الصحية للبلدان الرأسمالية، ونظرا الى طبيعة النظام الرأسمالي وطفيليته، والى الأزمة الرأسمالية المتجددة والمتفاقمة، التي لا شك ان العمال والكادحين عامةً وشعوب البلدان النامية سيُحمّلون تبعاتها من جديد، ومعها اشتداد التناقضات الداخلية للعولمة الرأـسمالية  وتعمق الاستقطاب الشديد في الثروة لصالح الرأسمال على حساب قوى العمل، واستمرار واشتداد التنافس الإمبريالي وما يسبب من مخاطر جديدة على السلام وعلى الشعوب .. نظرا الى هذا كله تبرز الحاجة للعودة الى شخصية لينين ودوره التاريخي في الدفاع عن قضية الطبقة العاملة والشرائح الشعبية الكادحة الأخرى، في النضال من أجل المجتمع الجديد العادل، المجتمع الاشتراكي.

 لقد نبغ لينين في اسهامه بإغناء وتطوير الفكر الماركسي كمرشد للنضال الثوري للطبقة العاملة، لا سيما في مجال بناء حزبها الثوري والأسس النظرية لرسم  استراتيج وتكتيك عملها تبعا للظرف التاريخي الملموس. وكان حزبه هو من قاد الطبقة العاملة وحلفاءها في روسيا إلى النصر من خلال الاستيلاء على السلطة، وإقامة سلطة الطبقة العاملة وسلطة السوفييتات لخدمة مصالح الكثرة المُستغلَّة والمضطهدَة. وحدد ف. إ. لينين ودلل على دور الطبقة العاملة، سواء في مسألة استلام السلطة او لاحقا في عملية الإنتقال الى الاشتراكية وبنائها.

 وكان لينين المنظّر الذي طوَّر وحدَّد بنحو أبعد الأجزاء المكونة للفلسفة الماركسية، والاقتصاد السياسي للرأسمالية في اعلى مراحلها، والشيوعية العلمية. وقد شكّلت أعماله محطات في نشر وتطوير الماركسية والصراع الثوري.

 وان أعماله تلك ومؤلفاته، ومنهجه المادي الجدلي المنطلق من التحليل الملموس للظروف الملموسة ومن حساب موازين القوى المحيطة بالنضال الثوري، تحتفظ براهنيتها إجمالاً، وتُشكّل "منارة" للتثقيف الأيديولوجي والسياسي لكل جيل جديد من الثوريين.

 كان ف. إ. لينين القائد لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، التي هزّت العالم قبل ما يزيد على قرن من الزمن. الثورة الظافرة التي ألقت الأضواء الساطعة على قوة الصراع الطبقي، وقوة المستغَلين والمظلومين عند اندفاعهم الإنقضاضي حين احتدم الصراع، وحين حركوا عجلة التاريخ الى الأمام في اتجاه التحرر الاجتماعي، اتجاه شعلة أكتوبر التي ألهمت الثوريين في شتى البلدان، وأدت إلى تسريع عملية التأسيس للعديد من الأحزاب الشيوعية واحزاب العمال الثورية.

وكان لينين القائد لأول دولة اشتراكية في العالم، اتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية، التي كان لقيامها الأثر العميق في التطور العالمي، وكانت سنداً للشعوب في نضالاتها من أجل الحرية والاشتراكية والسلام. وقد قادها لينين في سنواتها الاولى بمبدأية عالية وحنكة ثورية، ولكن بواقعية ومرونة ايضا، تشهد على ذلك "السياسة الاقتصادية الجديدة (نيب)" التي أطلقها في اواخر حياته، ولم يتسنّ تطبيقها بعد وفاته.

 وإذا كانت قوى الثورة المضادة والاخطاء الذاتية قد تضافرت بعد عقود طويلة وأعادت الرأسمالية الى الدولة الإشتراكية الأولى، فإنها لم تستطع اخفاء مكاسب الإشتراكية. ويقينا أن التطورات التي يمر بها العالم اليوم، والمشاكل الحادة التي تواجه الطبقة العاملة والشعوب والتي تنبثق من الاستغلال الرأسمالي، تؤكد ضرورة الإشتراكية و راهنيتها. الامر الذي يفرض دراسة  التجارب الإشتراكية وقضايا البناء الإشتراكي، وما واجهت ويمكن ان تواجه من  تحديات في النظرية والممارسة.

انها مناسبة اليوم للاحتفاء بذكرى ف.إ. لينين بصفته أممياً عظيماً، رفع عالياً راية الأممية البروليتارية، وبصفته صاحب مرسوم السلام، ومرسوم حق الأمم في تقرير مصيرها واختيار نظامها السياسي والاقتصادي - الاجتماعي، ومطلق النداء الشهير الى شعوب الشرق للنهوض وانتزاع حريتها ورسم مستقبلها، النداء الذي كانت له اصداؤه القوية في اوساط النخب الوطنية في بلدان الشرق، وبضمنها العراق، وتأثيره المحفز لها على التطلع نحو الاشتراكية والشيوعية وافكارهما.

تطل الذكرى الخمسون بعد المائة لميلاد فلاديمير ايليتش لينين، وقائد ثورة اكتوبر ومؤسس الدولة الاشتراكية الاولى باقٍ رمزا للنضال من اجل العالم الجديد الخالي من استغلال الإنسان واضطهاده، متحديا محاولات التجاهل ومساعي التشويه من جانب القوى السياسية المنخرطة في خدمة مصالح الرأسمالية.

ونبقى مع ملايين الثوريين، شيوعيين وغير شيوعيين، على امتداد العالم، نجهد لمواصلة قضيته، ولإستلهام الكثير الذي زكته الحياة والتطور في إرثه الفكري والنضالي الحافل، وندعو الجميع، خاصة الشباب، الى التعرف على هذا الإرث والإفادة منه.

 اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

  22 نيسان 2020