يخطيء للمرة الالف من يظن ان القمع والعنف والقتل وتفعيل قانون مكافحة الارهاب، يمكن ان تكسر إرادة من صمموا على انتزاع حقوقهم سلمياً ، وتجبرهم  على التراجع والانكفاء.

وكما في مرات سابقة، لا يلغي القمع المفرط دوافع وأسباب اندلاع الحركة الاحتجاجية منذ سنة 2011 وحتى يومنا هذا.

القمع وصمة عار في جبين من يقدم عليه، خصوصاً وان كافة التقارير المحلية والدولية اشرت وقوعه، بما في ذلك التقرير الحكومي البائس عما حصل بعد الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2019. فهذا بدوره لم يجد بدا من تأشير حالات القتل المنظم، عند تناول حقيقة إصابة المنتفضين في رؤوسهم او صدورهم.

القتل العمد والملاحقات والاعتقالات ونشر السيارات "المدنية" لاصطياد المتظاهرين عند عودتهم من ساحات الاحتجاج، لا يزيد الأمور الا تعقيداً.

ويلفت الانتباه ان السلطة التنفيذية التي تتحمل كامل المسؤولية عما يحصل، تعمد الآن الى زج السلطتين التشريعية والقضائية في ما وقع. وذلك ما اظهره  البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء يوم امس، غداة اجتماع الرئاسات مع القادة الأمنيين، والذي اورد أنه "تم خلال الاجتماع تأكيد دعم السلطتين القضائية والتشريعية لجهود الحكومة بفرض الامن والاستقرار في عموم البلاد". ولم تكن الإشارة في البيان الى "حماية المتظاهرين" وما اليها، الا للتغطية على ما يراد القيام به "لحفظ الامن والنظام".

من الواضح لدينا ان تعنت الحكومة وإصرارها على التشبث بكرسي السلطة، هما ما يضاعفان جرعات الاحتقان الاجتماعي ويزيدان مساحة الغضب والسخط، كما يفتحان الاحتمالات على مصاريعها وبضمنها ألاسوأ، وهو ما لا نريد، مع غيرنا من الوطنيين الحريصين على امن البلد واستقراره وسلامة ابنائه، ان نراه ماثلا.

ان المسؤولية الكاملة عن أي تدهوريحصل، انما تقع على عاتق السلطة التنفيذية، وان زج السلطات الأخرى ليس غير تعقيد للموقف، وتوريط لتلك السلطات، خصوصا القضاء الذي يتوجب الا ينجر الى مواقف قد تسيء إليه والى حياديته وانتصاره للحق والعدل.

ولغرض تجنيب بلدنا الاحتمالات الخطرة الممكنة، يجدر في رأينا التوجه اليوم صوب تداول دستوري ديمقراطي سلمي للسلطة، عبر تقديم الحكومة استقالتها وتشكيل حكومة من شخصيات وطنية نزيهة وكفؤة، تؤمّن مستلزمات الفترة الانتقالية وما تتطلبه من إجراء انتخابات مبكرة خلال فترة وجيزة.

ذلك هو الطريق الذي يجنب بلدنا مخاطر الانزلاق الى ما لا تحمد عقباه، والذي يتوجب انتهاجه بعزم ومن دون تردد.