طريق الشعب
أكد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، النائب عن تحالف سائرون، الرفيق رائد فهمي، ان العراق لا يزال يعاني نتائج فشل نهج المحاصصة الطائفية والأثنية في بناء الدولة، حيث كشفت تجربة السنوات الماضية سوء أداء الدولة وتضخمها والفساد الذي استشرى في كافة مفاصلها، منبها الى ان معظم تخصيصات الموازنة العامة تذهب الى الموازنة التشغيلية، وبسبب ذلك لم تنجح الحكومة في تأمين الحد المعقول من التمويل اللازم لتحقيق تنمية اجتماعية اقتصادية ولبناء قاعدة انتاجية متنوعة للاقتصاد الوطني.
جاء حديث الرفيق فهمي، في ندوة سياسية، نظمتها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في فرنسا الخميس الماضي (22 اب)، ناقشت اخر مستجدات الوضع السياسي في العراق، وحضرها عدد من بنات وابناء الجالية العراقية اضافة الى ممثلي الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في فرنسا.
ورحب الرفيق فهمي، في الندوة التي ادارها، الرفيق عدنان احمد، بالحضور المتنوع، بضمنهم رفاق من دولتي السودان وتونس، موجها تحية تضامن الى الشعب السوداني وقواه الوطنية، ومع الحزب الشيوعي السوداني على وجه الخصوص ودوره البارز في حركة الاحتجاجات الشعبية التي استطاعت إزاحة طغمة البشير وتعمل حاليا من اجل ضمان تحقيق الانتقال الديمقراطي وإقامة دولة مدنية ديمقراطية في بداية الندوة الى بناء الدولة العراقية، ثم تطرق إلى التحديات والملامح المشتركة للعمليات السياسية وصراعاتها في البلدان التي تحررت حديثا من الدكتاتورية وتعيش مخاضات الانتقال نحو الديمقراطية وبناء مؤسساتها.
وتناول بالتحليل في هذا السياق الظروف التي سبقت ورافقت انطلاق العملية السياسية في العراق وتركت بصماتها وتأثيراتها على خصائصها وتركيبتها واسس تشكيلها وعملها، ومن اهم العوامل المؤثرة فيها سقوط النظام الدكتاتوري بفعل العامل الخارجي وقيام الاحتلال واتساع نفوذ ودور القوى والأحزاب القائمة على الهوية الدينية والمذهبية والأثنية مقابل تراجع تأثير القوى والتنظيمات القائمة على الهوية الوطنية، وقد وجد ذلك انعكاساته في وتشكيل العملية السياسية على اساس المحاصصة.
وأشار إلى أن العراق ما يزال يعاني نتائج فشل نهج المحاصصة الطائفية والأثنية في بناء الدولة كما كشفت عن ذلك تجربة السنوات الماضية من سوء أداء الدولة وتضخمها والفساد الذي استشرى في كافة مفاصلها، وتوالي الازمات في البلاد والتي بلغت اوجها باحتلال ثلث الاراضي العراقية من قبل داعش بفعل سوء الادارة والفساد والتواطؤ. واستنادا إلى تحليل معمق للواقع السياسي والاجتماعي-الاقتصادي للعراق خلص حزبنا الى الاستنتاج بضرورة تحقيق اصلاحات عميقة تطال العملية السياسية وعملية بناء الدولة وذلك بالخلاص من نهج المحاصصة واقامة دولة المواطنة. ويطلب ذلك حدوث تغيير في موازين القوى السياسية لصالح القوى السياسية والاجتماعية ذات المصلحة في التغيير، وقد عبر عن مهمات المرحلة شعار الحزب " التغيير ... دولة مدنية ديمقراطية... عدالة اجتماعية".
وتوقف الرفيق عند تطور الأوضاع التي مهدت واعقبت انتخابات مجلس النواب في أيار 2018. وتم التطرق في هذ السياق الى الانتخابات الاخيرة وما افرزتها من تحالفات وتوافقات، وتشكيل حكومة عادل عبد المهدي ضمن توافق سياسي، ويمكن القول انها احدثت شرخا في المحاصصة ولكنها لم تتخلص منها نهائيا. كما اشار الى ازمة الحكومة خلال الفترة التي انقضت وضعف انجازاتها وخصوصا في المجالات الخدمية والصحة والتعليم.
وذكر ان معظم تخصيصات الموازنة تذهب الى الموازنة التشغيلية، وضعف الاستثمارات، ومن الواضح أن مثل هذه البنية للأنفاق العام غير قادرة على تأمين الحد المعقول من التمويل اللازم لتحقيق تنمية اجتماعية اقتصادية ولبناء قاعدة انتاجية متنوعة للاقتصاد الوطني تخلق فرص عمل حقيقية تستوعب معدلات البطالة المرتفعة والاعداد الكبيرة من خريجي مؤسساتنا التعليمية.
وعلى خلفية هذه اللوحة السياسية والاجتماعية-الاقتصادية لواقع البلاد بعد تحقيق الانتصار العسكري على داعش، بات وضع وتنفيذ برنامج اصلاح وتغيير ضرورة ملحة لكل حكومة تنبثق عن انتخابات عام 2018. وانبثق تحالف سائرون لخوض هذه الانتخابات متبنيا لمطالب الإصلاح ومحاربة الفساد وتأمين الخدمات العامة التي رفعتها الحركة الاحتجاجية للسنوات 2015-2017 وامتدادا سياسيا لها.
وبشأن هذا التحالف أشار الرفيق أن هذا التحالف امكانيات لتحقيق مطالب الجماهير، مؤكدا الأسس التي قام عليها التحالف والمتمثلة في احترام الاستقلالية الفكرية والسياسية والتنظيمية للأطراف التحالف، وانه يملك برنامجا اصلاحيا واضحا ضد المحاصصة ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات، مؤكدا على ان "مهماتنا هي الارتقاء بحياة ومصالح الكادحين والفئات الفقيرة والمحرومة".
ونبه الى وجود علاقة جيدة بين الاقليم وحكومة عادل عبد المهدي يمكن استثمارها لحل جميع الخلافات.
وفي ختام الندوة، أجاب الرفيق رائد فهمي على أسئلة ومداخلات الحاضرين.

عرض مقالات: