بعد كل ما اعلن وقيل ونُشر في الايام الماضية، رسميا وبشكل غير رسمي، في خصوص حوادث التفجير في مستودعات الاعتدة والاسلحة في بغداد وصلاح الدين ومناطق اخرى، يبدو واضحا ان قضية صيانة السيادة الوطنية، وقطع الطريق على عمليات انتهاكها، ودرء المخاطر التي تتهددها، تواجه امتحانا حقيقيا.

فقد رجحت تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو، صحة ما تردد منذ التفجير الاول في اكداس العتاد في آمرلي، من ان طائرة من دون طيار هي التي تسببت في ذلك التفجير. كما رجحت ان تكون الهجمات المماثلة اللاحقة، التي استهدفت مخازن اسلحة في معسكرات وقواعد عسكرية اخرى، قد نفذت بالطريقة نفسها، وانطلقت من مصدر العدوان – الاسرائيلي ذاته.

وفي الوقت الذي تتوجب فيه، في ضوء ذلك، ادانة هذه الانتهاكات الفظة السافرة للسيادة العراقية، وهذا التمادي الاسرائيلي في العدوان وفي استباحة اجوائنا الوطنية، فلا بد من القول ان تأكيد مصادر امريكية من جانبها قيام اسرائيل بتلك الاعتداءات، يثير تساؤلا مشروعا بشأن مسؤولية الطرف الامريكي ، عن كشف مثل هذه الخروقات والتصدي لها، استنادا الى الاتفاقية الامريكية العراقية وما تتضمن بخصوص حماية الاجواء العراقية.

من جانب آخر تلقي هذه التطورات الضوء على مساعي تحويل بلادنا الى ساحة صدام ذي عواقب وخيمة بين قوى اقليمية ودولية، في حال استمرار التصعيد. كما تبين ضرورة تعزيز القدرات العسكرية العراقية، لاسيما في المجال الجوي، وتطرح آنيا وبإلحاح على قيادة القوات المسلحة، الحاجة الى ضبط افضل لعملية تزويد اجهزتها المختلفة بالسلاح والعتاد، وتوزيعهما بصورة سليمة وفقا لحاجة البلد، ولمتطلبات حماية أمنه الوطني.

وإزاء المخاطر الجدية التي ينطوي عليها استمرار حالة التوتر في المنطقة وتداعياتها المُحتملة على اوضاع العراق الداخلية، نشدد من جديد على وجوب اتخاذ المواقف والاجراءات السياسية والتشريعية والتنفيذية، التي تعزز قدرة العراق على حفظ سيادته، وعلى تحكمه في ارضه واجوائه ومياهه، وتأمين استقلالية قراره الوطني. وارتباطا بذلك نؤكد اهمية سيطرة الدولة على السلاح، بما في ذلك مستودعاته التي يتوجب ان تقوم خارج المناطق السكنية والمدن، وضرورة الاسراع في تنفيذ الامر الديواني الخاص بالحشد الشعبي.

 ولقد بات ملحا على الحكومة ان تعمل على النأي ببلدنا عن الصراع الدائر في المنطقة، والحيلولة دون جعله ساحة لأي حرب محتملة، او منطلقا للاعتداء على الغير، ما يوجب عَلى كافة الأطراف ضبط إيقاع تصريحاتها وتنسيق مواقفها. كذلك ان يتم التحقيق الشفاف في ما حصل فعلا، وإعلان النتائج بما يطمئن  المواطنين العراقيين التواقين الى السلام والاستقرار، والرافضين للتصعيد والحرب.

25 آب 2019