عمت مدن العراق في الأيام الماضية تظاهرات وفعاليات شعبية اخرى احتجاجا على الاساءة الموجهة الى الجيش العراقي، ومطالَبةً بمحاسبة من أطلقوا التصريحات المسيئة الظالمة.
ولا شك ان مشاعر الغضب في الاوساط الشعبية، التي أطلقتها الدعوة إلى حل الجيش ووصف عناصره بـ "المرتزقة"، مشروعة ومبررة، إذْ لا يمكن وضع مثل هذه التصريحات الاستفزازية إلا في خانة السعي الى إضعاف مؤسسات الدولة، وما يترتب على ذلك من إشاعة الفوضى والخراب.
والغريب ان يأتي هذا بعدما حقق الجيش سوية مع القوات العسكرية والأمنية الاخرى بمختلف صنوفها نصراً كبيراً على عصابات داعش الدموية، وفي تخليص ملايين العراقيين من نير الإرهاب الظلامي، الذي استباح مدنا ومناطق شاسعة من ارض بلادنا.
فالمفترض ازاء ذلك ان يحدث العكس، أي ان تتصاعد الدعوة الى تعزيز القوات المسلحة، واصلاح بنائها على اسس المواطنة والعقيدة الوطنية واحترام الدستور، وتخليصها من مظاهر الفساد، والارتقاء بتدريبها وتأهيلها وتجهيزها.
إن مظاهر الفساد في المؤسسة العسكرية والأمنية، مثلما هو الحال في بقية مؤسسات الدولة، لا تبرر بأي حال من الأحوال الدعوة إلى حلها، ذلك أنها مؤسسة دستورية تضطلع بمهام محددة في إطار الدستور، ويفترض ان تنطلق منه في مجمل عملها ونشاطها.
ورغم أن الرد الجماهيري على الاساءة والدعوة المريبة جاء قويا، فان المطلوب رد رسمي يتضمن إجراءات مناسبة ضد من يريدون اشاعة الفوضى وإطلاق العنان للسلاح المنفلت، ولاجل تحقيق المطلب الملح بحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها.
وأننا إذ ندعو إلى إبعاد المؤسسة العسكرية والأمنية عن الخلافات والمهاترات السياسية، فاننا نجدد دعوتنا إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، وتخليصها من الفاسدين والمفسدين الذين يسيئون إليها والى عناصرها الكفؤة المخلصة للوطن.
إن تعزيز قدرات وكفاءة الجهاز العسكري والأمني، وبناءه على أسس سليمة تضمن تعزيز صفوفه بمنتسبي كل أطياف الشعب العراقي، سيكون عامل تعزيز للاستقرار الأمني والسياسي في البلد. وهو ما يحتاجه العراق وأهله أمس الحاجة.