طه رشيد

احتضنت حديقة مقر الحزب الشيوعي العراقي في الاندلس ببغداد، عصر امس الاول الجمعة، احتفالية تكريم عشرات من الرفاق البغداديين، الذين بلغوا سن الثمانين او تجاوزوه، وتقليدهم مدالية الحزب الممنوحة لهم في مناسبة الذكرى الخامسة والثمانين لتأسيسه.

وجرت الاحتفالية بحضور حشد غفير من الرفاق المكرمين وافراد عائلاتهم واصدقائهم، والكثير من الرفاق الآخرين يتقدمهم الرفيقان رائد فهمي وحميد مجيد موسى والعديد من اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب.

وبعد عزف النشيد الوطني والوقوف صمتا إكراما  لذكرى الشهداء، اعتلى المنصة الرفيق مفيد الجزائري وألقى كلمة الحزب في هذه المناسبة. وقد اشاد فيها بالرفاق المحتفى بهم وبمسيرتهم النضالية وتضحياتهم الجسام،  كما نوّه بالتصاقهم بحزبهم طيلة العقود الطويلة من حياتهم وحتى اليوم، ومواصلتهم الكفاح في صفوفه من أجل القضية الكبرى التي يلخصها شعاره العتيد: "وطن حر وشعب سعيد". ( ننشر الكلمة كاملة في مكان آخر من هذه الصفحة).

بعد ذلك جرى التكريم الاحتفالي للرفاق المخضرمين، الذين زاد عددهم على 40 رفيقا، والذي ساهم فيه الرفاق القياديون. فيما ألقى الرفيق عبد الجبار الخزرجي المحامي (ابو مخلص) كلمة باسم المكرمين، اكد فيها الاستمرار رغم كل الصعاب في النضال داخل صفوف الحزب من اجل قضية الشعب والوطن.

وفي الجزء الثقافي من الاحتفالية  استمع الحضور الى قصائد للشاعر عبد السادة البصري، والشاعرين الشابين ميثم الطفيلي ومحمد فاضل.

تلت ذلك وصلة غناء وموسيقى قدمت فيها "فرقة انغام سومرية" بقيادة الفنان جمال السماوي مجموعة أغان وطنية وعاطفية، أداها الفنان كريم الرسام بصوته الدافيء بصحبة عازف الكمان باسم مطلب وعازف القانون جمال السماوي وعازف الإيقاع ابو عمار.

جدير بالذكر ان لجنة بغداد للحزب الشيوعي العراقي اقامت الاحتفالية، التي ستعقبها احتفاليات مماثلة في بقية المحافظات، وان الرفيقة منال جبار ادارتها بنجاح.

**********************

مخضرمون.. كبار فـي النضال كبار فـي التضحية*

لكم التحيات الحارة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، مقرونةٌ بوافر الشكر على تلبيتكم دعوتنا، وحضوركم معنا اليوم هنا، في حديقة مقر اللجنة المركزية ببغداد، هذا الاحتفال ببعض رعيل الشيوعيين الاوائل، حَمَلةِ بيارق النضال الوطني والطبقي المخضرمين.

بعضهم رأى النور مع ولادة الحزب سنة 1934، وآخرون حتى قبلها بسنة او اكثر، لكن معظمهم ولد بعدها بعام او اعوام معدودات. فهم اليوم جميعا في عمر الاشجار دائمة الخضرة، ثمانيون وأكثر.

انهم رفاقُنا الذين التحقوا بمسيرة الحزب المجيدة في مراحلها الاولى، حين كانت  تتلمس بعد طريقَ النضال الوطني والطبقي، وتشق هذا الطريق جسورة غير هيابة. 

انهم المناضلون الذين اكتسبوا الوعي الثوري في خضم تلك المسيرة الرائدة الصعبة، وواصلوا المعارك شجعانا ضد الاستعمار والاستغلال تحت قيادة حزبهم الشيوعي، حزب فهد وحازم وصارم، حزب سلام عادل والحيدري والعبلي.

وهم من ظلوا اوفياء لحزبهم ووطنهم، ولشعبهم عمالا وفلاحين وكادحين يدا وفكرا، أمناء على قضيتهم، مضحين من اجلها، ثابتين على مبادئهم ونهجهم، متمسكين بمُثُلهم الوطنية والتقدمية والانسانية.

هؤلاء الذين تحملوا مع بقية الرفاق من جيلهم ما تحملوا، في ظل عسف الانظمة الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة، من قمع وقهر وسجن وتعذيب وتنكيل وترويع وملاحقة وامتهان، ومن حياة بؤس وشظف عيش ومعاناة لا تنتهي، والذين قدموا وهم يتصدون لذلك كله جسيم التضحيات.

وإن ننسى فلا ننسى رفاقهم الذين وهبوا ارواحهم فداءً ، في غمار النضال من اجل الشعب والوطن، فتساموا شهداء خالدين، مشاعلَ تبقى منيرة في قلوبنا وعقولنا، نحفظ ذكراهم ونصونها، ونستعيدها في مثل يومنا هذا على وجه الخصوص. كما نستعيد ذكرى الكثير من رفاقهم الميامين الآخرين، الذين ظلوا امناء على العهد، وواصلوا المسير على طريق المجد، حتى غادروا الحياة منتصبي القامات، مرفوعي الرؤوس، يزهون بانتمائهم الوطني – الشيوعي.

اما احبتُنا النابضون بالحياة منهم، وهم من يحالفنا الحظ فنحتضن اليوم بعضهم من ابناء بغداد، فبقوا شامخين، متمسكين بحزبهم وشعبهم ووطنهم، حاضرين متأهبين في سوح النضال الجماهيري الوطني، رغم التقدم في السن، ورغم ما يعانون بفعل طول المسير على درب التضحيات والآلام، ورغم حصار الامراض والعلل التي تلاحقهم، وتهد قواهم. ورغم مشاعر الاحباط والخذلان، فوق هذا وذاك، التي تجتاح من قاسوا منهم الامرّين في سجون الانظمة المبادة، وهم يواجهون عقوق بعض العاملين في مؤسسة السجناء السياسيين، وقسوتهم وهم يحرمونهم  من ابسط حقوقهم التي اعترف لهم بها القانون، فيزيدون معاناتهم ويضاعفون آلامهم.

العزيزات والاعزاء

ان الطريق الطويل المليء بالمحن والآلام، الذي قطعه هؤلاء الرفاق مكافحين مع حزبهم ولا يزالون، متفانين من اجل شعبهم ووطنهم ولا يزالون، راسخي الاقدام في نضالهم حتى وهم يتقدمون في السن ويواجهون استحقاقات هذا الواقع، ان هذا كله هو ما يجعلهم كبارا في اعيننا، وقدوة لنا ولاجيالنا الجديدة في كل ما هو مضيء من الصفات الانسانية النبيلة والسامية، التي يتحلون بها.

عنهم وبلسانهم كان الجواهري الكبير يتحدث، في قصيدته الى الدكتور هاشم الوتري مثلا، وهو يقول:

ماذا يضر الجوع؟ مجد شامخ – أني اظل مع الرعية ساغبا. أني اظل مع الرعية مرهقا – أني اظل مع الرعية لاغبا .

وحين يقول:

يتبجحون بأن موجا طاغيا – سدوا عليه منافذا ومساربا . كذبوا، فملء فم الزمان قصائدي – ابدا تجوب مشارقا ومغاربا . تستل من اظفارهم وتحط من اقدارهم وتثل مجدا كاذبا .انا حتفهم ألج البيوت عليهم – اغري الوليد بشتمهم والحاجبا.

كذلك حين يقول:

 اعلمت هاشم أيُّ وقد جاحم – هذا الأديم تراه نضوا شاحبا؟ .  انا ذا امامك ماثلا متجبرا – اطأ الطغاة بشسع نعلي عازبا.

ايها الاحبة

ما ابلغ الجواهري وهوينطق بلسان هؤلاء الرفاق، وامثالهم من المناضلين الثابتين، الذين كانوا وما زالوا ويبقون، مبعث افتخار واعتزاز الشيوعيين وحزبهم، وكل المخلصين من بنات وابناء الشعب العراقي.

انه يوم عيد هذا اليوم الذي نحتفل فيه بهم، فيما ننغمر في احياء ذكرى تأسيس حزبهم الخامسة والثمانين، ودخوله العام السادس والثمانين مفعما بالحيوية، مجددا، مبدعا، جسورا، لا يخشى لومة لائم في تمسكه بطريق الوفاء لجماهير العمال والكادحين والفقراء، وفي عزمه الراسخ على خدمة قضية الناس والوطن حتى النهاية.

لرفاقنا الرواد التهاني القلبية، ونحن نحتشد للاحتفاء بنخبة منهم مع حزبنا الشيوعي، الذي يكرمهم بتعليق مدالية ذكرى تأسيسه الخامسة والثمانين على صدورهم، تقديرا لمسيرتهم النضالية الحافلة، وتعبيرا عن الامتنان العميق للتضحيات التي قدموها للشعب والوطن،

في سبيل وطن حر وشعب سعيد.

دوام العافية وطول العمر لرفاقنا الاعزاء المكرمين!

عاش الحزب الشيوعي العراقي!

ــــــــــــــــــــــــــ

*كلمة الحزب القاها الرفيق مفيد الجزائري