تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 نتيجة لتطور نضال الشعب العراقي وحركته الوطنية والديمقراطية. وهو حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر، حزب يضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، ويكافح لاستكمال استقلال البلاد وسيادتها الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، ومن اجل التقدم الاجتماعي والاشتراكية، ويناهض استغلال الانسان لأخيه الانسان وكل اشكال الكبت والعسف والقهر، ويكافح لتحريره منها بصورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، ولإطلاق طاقاته الخلاقة وقدراته الكامنة المبدعة.
ويسترشد الحزب في كفاحه وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه، بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، ويسعى إلى تجسيد ذلك في ظروف العراق الملموسة بإبداع، استناداً إلى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في الميادين كافة.
كذلك يستوحي كل ما هو تقدمي في إرث حضارة وادي الرافدين، والحضارة العربية الإسلامية، وسائر الحضارات الإنسانية، إلى جانب التراث الخاص لأبناء شعبنا من العرب والكرد والتركمان والكلدان السريان الآشوريين والأرمن والإيزيديين والصابئة المندائيين والشبك، ورصيدهم النضالي.
ويرى الحزب في الفدرالية، أي نظام الحكم الاتحادي، شكل الحكم المناسب للعراق، ويدعو إلى توطيدها في إقليم كردستان، وتطوير اللامركزية في مناطق العراق الأخرى بتعزيز صلاحيات المحافظات. ووفقاً لأحكام الدستور يمكن تشكيل اقاليم جديدة، عندما تنضج الشروط الضرورية لذلك، وفي المقدمة منها تطمين المصالح والحاجات الحقيقية لأبناء المناطق المعنية، وان يأتي تشكيلها تعبيرا عن إرادتهم الحرة.
وارتباطاً بذلك كله وقف الحزب، ويقف دائماً، ضد جميع أشكال الحكم الاستبدادي، والتسلط السياسي، والتمييز القومي والديني والطائفي، والتمييز ضد المرأة، ومصادرة الحقوق والحريات العامة أو الخاصة.
فهو حزب ديمقراطي في جوهره، يعمل على إقامة نظام ديمقراطي اتحادي أساسه التعددية الفكرية والسياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الإنسان، وضمان الحريات الشخصية والعامة، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص، وتأمين العدالة الاجتماعية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة الديمقراطية العصرية.
وهو ديمقراطي في أساليب نضاله، يرفض أشكال التطرف والتعصب والإرهاب كافة، ويدعو إلى نبذها ويسعى إلى استبعادها عن الحياة السياسية، واعتماد أساليب الصراع السلمية والديمقراطية في حلّ المشكلات الاجتماعية والسياسية، ويناضل من أجل كفالة شرعية هذه الأساليب بالدستور وبقوة القانون.
ويجمع الحزب، بثبات، بين القضية الوطنية وقضية الديمقراطية، وينظر إليهما في إطار وحدة لا تنفصم. ولهذا، فبجانب سعيه إلى استكمال السيادة والاستقلال الناجزين، يعمل من أجل إعادة بناء الدولة على أساس المواطنة، وإقامة النظام الديمقراطي الاتحادي في عراق موحد مستقل.
ويؤكد الحزب ضرورة الوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الشعب وسائر قواه ذات المصلحة في تحقيق الاستقلال الوطني والتحول الديمقراطي.
ويعمل، في الوقت نفسه، على صيانة وحدة نضال الشعب العراقي بجميع انتماءاته الاثنية، ويشدد على تلبية حقوقها المشروعة، وعلى محاربة الشوفينية وضيق الأفق القومي والنعرات الطائفية والعنصرية، ويدعو إلى التمسك بتقاليد شعبنا في التسامح والعيش المشترك والتكافل الاجتماعي.
ويتمسك الحزب باحترام حقوق الإنسان، كما عبّر عنها الإعلان العالمي لحقوق الأنسان والمواثيق والمعاهدات الاخرى ذات العلاقة. ويعمل، في الوقت ذاته، على تكريس مفهوم المواطنة ومبدأ المساواة بين المواطنين، من دون التمييز بينهم على أساس الجنس أو العرق أو القومية أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الانتماء السياسي أو الوضع الاقتصادي أو المنبت الاجتماعي.
ويدافع الحزب عن حقوق المرأة ومكتسباتها ويرفض التمييز ضدها، ويعمل على توسيع دورها وإسهامها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتوفير شروط ذلك عملياً بتنمية قدراتها وإفساح المجال واسعاً لتبوئها مراكز قيادية في الدولة والمجتمع، عبر إزالة جميع المعوقات وضمان الفرص الفعلية لتمتع المرأة العراقية بالحقوق السياسية والمدنية والشخصية، وضمان الالتزام بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل.
ويولي حزبنا الشيوعي اهتماماً خاصاً للشبيبة، ويعمل من أجل ضمان تمتعهم الكامل بالحقوق والحريات المكفولة دستورياً في التنظيم والتعبير، ويسعى من أجل محاربة البطالة في صفوفهم وضمان المساواة لهم في الفرص والأجور، وتهيئة مستلزمات حصولهم على التعليم والتدريب والتأهيل المهني، وتوفير شروط تطوير كفاءاتهم ومواهبهم الابداعية، ليساهموا في بناء العراق الجديد ودولته الديمقراطية العصرية.
ويعمل حزبنا من أجل ضمان حرية الثقافة والابداع، واحترام التعددية الفكرية والسياسية والقومية في ثقافتنا الوطنية والعمل على ازدهارها، ورعاية الثقافة والمثقفين.
وينحاز الحزب الشيوعي العراقي إلى عالم العمل وقيمه، وإلى العاملين بسواعدهم وفكرهم. وهو يرى أن الدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تعرّضاً للتهميش والاضطهاد والاستغلال، هو الطريق المفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
وفي شأن الحالة الانتقالية التي يعيشها مجتمعنا واقتصادنا، والتي تنطوي على أزمات موروثة من النظام المباد وسياساته، وأخرى مستحدثة أفرزها الاحتلال، الى جانب انهيار مؤسسات الدولة، والتناقضات والصراعات الجارية حول عملية إعادة بناء الدولة واتجاهات تطورها ومضامينها، يناضل الحزب الشيوعي العراقي من أجل تكريس الطابع الوطني الديمقراطي للدولة الجديدة، والشروع بإصلاحات اقتصادية لتوسيع قاعدة الاقتصاد الإنتاجية، وتغيير بنيته الريعية الأحادية وتحديثه، وتأمين توزيع عادل للدخل وللثروة، وتنمية الموارد البشرية، والعناية بالفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً. ومن جانب آخر تقتضي متطلبات إعادة الإعمار توفير الشروط والضوابط المناسبة للاستعانة برؤوس الأموال الخارجية واجتذابها، كي تسهم في استنهاض الاقتصاد الوطني وتطويره.
ويرى الحزب الشيوعي العراقي ضرورة توظيف قدرات الدولة لمعافاة الاقتصاد الوطني وتنميته، والعمل على إقامة علاقات تكاملية بين القطاع الخاص وقطاع الدولة. كما يشدد على إطلاق المبادرة لتكوين وتطوير مختلف أشكال الملكية، العامة والخاصة والمختلطة والتعاونية، بما يستجيب لحاجات الاقتصاد الوطني وتطوره المتوازن في إطار التنمية المستدامة.
ويدين حزبنا كل أشكال الارهاب والعنف التي تشهدها بلادنا، والتي تستهدف البشر والبنى التحتية ومؤسسات الدولة، كما تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة عملية بناء الدولة الجديدة وأجهزتها.
ويدعو الحزب إلى اعتماد منظومة متكاملة من الاجراءات الأمنية والسياسية والاقتصادية -الاجتماعية والثقافية لمحاربة الارهاب، وللعمل على تجفيف منابعه واجتثاث جذوره، ويطالب بمعالجة نتائج العمليات الارهابية بما يضمن عودة النازحين والمهجرين وتعويض المتضررين.
ويدرك الحزب الشيوعي العراقي الأهمية غير العادية للعولمة كظاهرة موضوعية، وضرورة الإفادة من الامكانات الكبرى التي تطرحها أمام تقدم المجتمع البشري في سائر الميادين. لكنه يعتبر نفسه، في الوقت ذاته، جزءاً من الحركة العالمية التي تناهض توظيف العولمة من جانب قوى الرأسمالية، كوسيلة لإدامة نظامها وتعظيم قدراتها وفرض إرادتها على العالم وشعوبه، عن طريق الضغط والابتزاز والعقوبات الاقتصادية والعنف السياسي والتدخل العسكري.
ويناضل الحزب الشيوعي العراقي من أجل سلم وطيد في العالم، عبر إقامة نظام للأمن العالمي الشامل والامن الاقليمي، يضمن درء خطر الحروب، وتصفية الأسلحة النووية والكيمياوية والجرثومية، ونزع السلاح.
ويربي الحزب أعضاءه وأصدقاءه بروح التضامن مع الشعوب، ومساندة حقها في تقرير المصير واختيار النظام الذي تريد، ويناضل من اجل تثبيت القيم الإنسانية وصيانتها، وحماية البيئة، وإقامة نظام عادل للعلاقات الدولية، وتعزيز وتطوير منظمة الأمم المتحدة واصلاح دور المؤسسات الدولية الاخرى، كي تمارس جميعا نفوذها ودورها في معالجة المشكلات الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة، وبما يخدم مصالح السلم العالمي وحقوق الشعوب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مقدمة برنامج الحزب الشيوعي العراقي المقر في مؤتمره الوطني العاشر ( ١-٣ كانون الاول ٢٠١٦)