تمر علينا الذكرى السادسة والخمسون على استشهادك البطولي، وصمودك الاسطوري، كانك تعيد صرخة برومثيوس حين قال "كونوا على ثقة من انني لن استبدل مصيري التعس بعبوديتكم الذليلة "بوجه بشاعة جلاديك، الذين لا يجمعهم سوى خيانة الوطن، وتقديم خيرة ابنائه قرابين لاولياء نعمتهم من الداخل والخارج، اعداء الحرية والمساواة والتقدم.
كنت درسا بليغا في التضحية، من اجل المبادئ السامية وحب الوطن والدفاع عن كادحيه وفقرائه، ونجما يضاف الى كوكبة من نجوم قادة حزبنا ومناضليه، يضيء ليل الثوريين الطويل، ومن حقنا نحن رفاق حزبك ان نفتخر بما قدمته واسترخصت حياتك لأجله.
لقد اثبتت الايام ان التاريخ لا يمكن ان يكون شاهد زور، فقد قال حكمه بحق جلاديك، ومن حاول ان ينال من حزبك مهما طال الزمن، فنالوا ما يستحقونه واستقروا في مزبلة التاريخ.
ومنذ ذلك اليوم المشؤوم في تاريخ العراق المعاصر 8 شباط 1963. الذي اغتيلت به ثورة 14 تموز المجيدة واحلام الفقراء من العمال والفلاحين وكل الوطنيين والديمقراطيين والتقدميين بغد افضل وسلام دائم. ذلك اليوم الذي اسدل به ستار الرعب والظلام على عراقنا الحبيب، ليستمر عقودا عاش خلالها شعبنا جحيم اعتى الدكتاتوريات التي تناوبت عليه وادخلته في دهاليز حروبها الداخلية والخارجية، وقمعها الذي حازت به الجائزة الاولى في مسابقة القمع العربية والاقليمية.
ومن المفارقات وسخرية الاقدار ان القطار الذي جاء بهم الى سدة السلطة، هو نفس القطار الذي اخرجهم منها، لكن الطغاة لا يتعظون ابدا، وعادوا بنفس القطار في 17 تموز 1968.
وهذا يؤكد ان اي رهان غير الرهان على ابناء شعبنا ومن اجل مصالحهم المشروعة في الحياة الحرة والكريمة، رهان لا يصمد طويلا، وسيكشفه الشعب عاجلا ام آجلا ويكافح من اجل نيل حقوقه المشروعة، والمغتصبة من قبل اعدائه المجرمين.
ان العملية السياسية الجارية الآن في العراق تعاني كما يعرف الجميع، من ثغرات خطيرة ونواقص كبيرة وكثيرة لا ينبغي السكوت عليها بأي حال من الاحوال، لأنها بنيت اساسا على نهج المحاصصة الطائفية والاثنية، والاستقواء بالخارج، الامر الذي لا يؤدي سوى الى اعادة انتاج الارهاب بأشكال مختلفة، وحماية الفاسدين من المحاسبة واستمرار الفساد المالي والاداري، وزيادة معدلات البطالة وتعمق التفاوت الطبقي، وسوء الخدمات. والذي عبر الشعب عن رفضها والسعي لاصلاحها وتغيير مسارها من خلال حركته الاحتجاجية او نسبة المشاركة المتدنية الى حد كبير في الانتخابات الاخيرة، التي عكست وبما لا يقبل الشك
مستوى التذمر والسخط لدى اغلب العراقيين من القوى المتنفذة، ومن نهجها في ادارة البلد خلال الفترة السابقة، وتبديدها للثروة من خلال فسادها وسوء ادارتها، وان الطائفية السياسية هي أس البلاء، وسبب الخراب والدمار الشاملين، كما انها خدعة لإعادة انتاج المتنفذين وحماية الفاسدين وانتاج نسخ جديدة منهم بأشكال مختلفة.
وكل ذلك يدعو القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية، الى تحمل مسؤوليتها، وتجاوز معوقاتها الذاتية، وموسميتها، وضرورة مشاركتها الفاعلة في الحراك الاحتجاجي العام، او على مستوى القطاعات المهنية، وزيادة زخم ودور منظمات المجتمع المدني ذات التوجهات المدنية والديمقراطية وبضمنها الاتحادات والجمعيات والنقابات من اجل تغيير موازين القوى لصالح الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، دولة المواطنة، والمؤسسات وسيادة القانون وتطبيقه على الجميع، دولة تكافح الفساد وتقدم الفاسدين للقضاء، دولة تسعى لتنويع الاقتصاد وتجاوزمشكلة الاقتصاد الريعي والاحادي الجانب الذي ابتلي به الاقتصاد العراقي من خلال اعادة الحياة للقطاعات الزراعية والصناعية والخدمات الانتاجية ووضع الحلول الجدية لمعضلة البطالة التي تنخر المجتمع، دولة تسعى لتحقيق السيادة الكاملة وترسيخ الديمقراطية.
ستظل ذكرى استشهاد "سلام عادل" رمزا خالدا لبطولات الشيوعيين ومنارا هاديا لكل من سار في هذا الطريق المشرف، وناضل وضحى في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد.
انه الامثولة والنموذج الفذ في الدفاع عن المصالح الجذرية لكادحي شعبنا من العمال والفلاحين، وسائر شغيلة اليد والفكر، وكل أبناء شعبنا المحرومين من خيرات بلدهم، ومن الحياة الحرة الكريمة.
المجد كل المجد للمناضل الاسطورة "سلام عادل"، ولكل شهداء حزبنا الأبرار.
الخزي والعار الأبدي لقتلته، ولكل أعداء الشيوعية والتقدم..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي القاها الرفيق عضو اللجنة فاروق فياض يوم امس الاول في حفل افتتاح مهرجان سلام عادل الذي يقام على مدى اسبوع في محافظة النجف.