رشيد غويلب
وصفت الحكومة الايطالية الجديدة التي اعلن عن تشكيها في 31 ايار الفائت بانها الحكومة الأكثر يمينية في ايطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية. و يواجه التحالف الحاكم المشكل من حزب "خمس نجوم" اليميني الشعبوي وحزب "الرابطة" اليميني المتطرف هذه الايام اولى عثراته.
لقد جاء قرار المحكمة العليا في روما واضحا: اما ان يسدد حزب "الرابطة" 49 مليون يورو لخزينة الدولة، او يتم حجز ما يعادل المبلغ المذكور من ممتلكات الحزب. ويرى متابعون ان تنفيذ القرار قد يدفع بحزب وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني وحزبه الى حالة العجز. وليس مستغربا ان بعبر سالفيني عن غضيه وخوفه من الهجوم على الديمقراطية وحرية التعبير، ويعلن ان رئيس الجمهورية، بوصفه حامي الدستور سيدافع عن حزبه. ولكن رد القصر الجمهوري كان باردا جدا: " الرئيس سيرجيو ماتاريلا موجود في الخارج، وليس لديه تصور واضح بشأن ما يطلبه حزب الرابطة".
وتعود خلفيات الفضيحة الى تحقيقات النيابة العامة في مدن ميلان وجنوة ونابولي وريجيو كالابريا، بشأن اختلاس اموال الحزب، الواردة من تعويض تكاليف الحملة الانتخابية والتبرعات الحزبية. ووجهت التهم خصوصا الى مؤسس ورئيس الحزب السابق أومبرتو بوسي و عائلته باستخدام اموال الحزب لأغراض خاصة. واتهم بوسي وقيادة الحزب كذلك بغسل الأموال لصالح مافيات للجريمة المنظمة في الجنوب وشراء أصوات الناخبين. ونتيجة للاجراءات القانونية استقال بوسى من جميع مهامه الحزبية، تاركا القيادة في البداية لرفيقه روبرتو ماروني ، الذي تخلى بدوره عن القيادة لوزير الداخلية الحالي ماتيو سالفيني.
وفي عام 2015 ، الزمت محكمة جنوا أومبيرتو بوسي وحزب الرابطة باعادة 40 مليون يورو من الأموال المختلسة ، وخلال 3 سنوات ارتفع إجمالي المبلغ إلى 49 مليون يورو. وتنصل ماتيو سلفيني من تسديد المبلغ المطلوب: " سوف لن نتكفل انا والحزب بمطالبات سببها آخرون قبل 10 سنوات. ويريد الزعيم اليميني المتطرف اللقاء برئيس الجمهورية، لتوفير الحماية لحزبه، منطلقا من ان على الرئيس باعتباره حامي الدستور، حماية حزب سياسي يتمتع بتأييد غالبية الايطاليين، من هجوم القضاء عليه لدوافع سياسية. وكما كان رئيس الوزراء الايطالي الاسبق سلفيو بريلسكوني، يرى اليوم سلفيني نفسه ملاحقا من قضاة ينتمون الى معسكر اليسار ، يريدون تدمير حياته السياسية. والمهم في الأمر ان ادعاءات نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، لا تتمتع بدعم الشريك الأكبر في التحالف الحاكم.
وزير العدل ألفونسو بونافيد من حزب "خمس نجوم" يقف بالكامل خلف قرار القضاة. لقد قام القضاة بعملهم بعناية . واصدروا قرارا موضوعيا، يجب احترامه.
ويرفض وزير العدل سعي سالفيني لزج رئيس الجمهورية في هذه القضية لحماية حزبه: "سوف لن نعود الى الاوضاع التي كانت سائدة في الجمهورية الثانية" في اشارة إلى عهد جوليو أندريوتي. وكذلك دعا وزير آخر من حزب"خمسة نجوم" هو لويجى دي مايو، زميله وزير الداخلية ورئيس حزب "الرابطة" الى الاعتدال واحترام قرار القضاء.
من جانبه قال المدعي العام في جنوة ، فرانشيسكو كوزي ، إنه يجد سلفيني شخصية لطيفة وتمنى له كل التوفيق. ولكن الامر يتعلق هنا بـ "مسألة فنية قمنا بحلها بموضوعية وتقنية" ، ولم يكن هناك سبب لوقف اصدار الحكم. ورأت الجمعية الوطنية للقضاة، لادستورية مطالبة سلفيني لرئيس الجمهورية بحماية حزبه . ويتوقع مهتمون بالتطورات السياسية في ايطاليا ان الفضيحة ستؤدي الى توترات في صفوف التحالف الحاكم.