هذه المادة تكثيف لتقرير قدمته مبادرة" أوروبا المناهضة للفاشية" عن أنشطة متطوعي اليمين المتطرف الأجانب، أي بعبارة ادق النازيون الذين يتوزعون كما معروف، على طرفي الصراع، لأسباب تاريخية وعقائدية، وردود أفعال على الحروب المحدودة التي شهدتها بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة، والذين تواجدوا في أوكرانيا، او دخلوها منذ الغزو الروسي. ويتضمن التقرير نتائج تقييم المصادر المتاحة للجمهور خلال الخمسين يومًا الأولى من الحرب وتحليل المنشورات الموجودة حول طبيعة ظاهرة المتطوعين المقاتلين في أوكرانيا. يحاول هذا التقرير تقديم تسلسل زمني لتورط متشددي اليمين المتطرف في العمليات القتالية، ولمحة عامة موجزة عن صراع عام 2014، وإلقاء نظرة فاحصة على هيكل الفيلق الدولي لأوكرانيا. ولطول وسعة التقرير الذي اقترب من 10 آلاف كلمة في نصه الألماني سأحاول في هذه المساهمة التركيز على المعلومات الأساسية وبعض القراءات السياسية والفكرية الواردة في التقرير

 مبادرة "اوربا المناهضة للفاشية"

 أوروبا المناهضة للفاشية هو مشروع بحثي مناهض للفاشية أطلقته مؤسسة روزا لوكسمبورغ القريبة من حزب اليسار الألماني، يتناول مبادرات ناشطين وصحفيين وأكاديميين من جميع أنحاء أوروبا، لمتابعة تطور الشبكات العابرة للحدود الوطنية للأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة، وكذلك جماعات البيض المتعصبة والنازية والفاشية الجديدة.

 لمحة عامة عن فيلق أوكرانيا العالمي

 بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب، أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي عن إنشاء فيلق أوكرانيا العالمي. منذ صدور المرسوم الرئاسي في عام 2016، الذي سمح للأجانب بالخدمة في القوات المسلحة والدفاع ( إضافة عن ) الحدود الدولية الأوكرانية: „كل من يرغب في الانضمام إلى الدفاع عن الأمن في أوروبا والعالم يمكنه أن يأتي ويواجه غزاة القرن الحادي والعشرين جنبًا إلى جنب مع الأوكرانيين".

 يعرض الموقع الرسمي للفيلق أعلام ثماني دول، الدنمارك وبولندا وإسرائيل ولاتفيا وكرواتيا والمملكة المتحدة وهولندا وكندا. وانضم متطوعون من دول أخرى إلى الفيلق أيضًا. وفي أوائل اذار 2022، أعلن رئيس مديرية المخابرات الرئيسية في وزارة الدفاع كيريلو بودانوف أن أكثر من 20 ألف شخص من 52 دولة أعربوا عن رغبتهم في الانضمام إلى الفيلق. وتم تعيين المحامي النرويجي البالع من العمر 33 عاما، داميان ماجرو، متحدثًا باسم الفيلق.

 يحتفظ الجيش الأوكراني بسرية التفاصيل حول تكوين الفيلق، ورفض الكشف عن حجم القوة وعدد المتطوعين من كل بلد. ووفق وزارة الدفاع الروسية، جندت كييف، منذ بدء الحرب، أكثر من 6800 "مرتزق أجنبي" من 63 دولة. (وتطلق وزارة الدفاع الروسية على المتطوعين الأجانب توصيف "مرتزقة" وتهدد بعدم تطبيق اتفاقية جنيف عليهم. ويتم تعريف المرتزقة عادة على أنهم أشخاص يقاتلون في المقام الأول لأسباب مالية (وليست سياسية)، ومن هنا تم تجنب استخدام المصطلح إلى حد كبير في هذا التقرير.) ويقال إن معظم هؤلاء المقاتلين المتطوعين هم من بولندا: 1717 مقاتل، ويقال إن هناك 1500 مقاتل يتوزعون بالتساوي على كل من (الولايات المتحدة وكندا ورومانيا والمملكة المتحدة وجورجيا) دخلوا أوكرانيا. وتقول روسيا إن 1035 مقاتلا أجنبيا قتلوا. ووفقًا للجيش الروسي، يوجد حاليًا 4877   مرتزقا اجنبيا على الأراضي الأوكرانية.

تدعي روسيا أن الأجانب الذين يقاتلون في الجانب الأوكراني يجب أن يوقعوا عقودا مفتوحة وأن البعض منهم متعاقد بالفعل مع شركات عسكرية خاصة مقرها الولايات المتحدة. ووفقًا لمناهضي الفاشية الأوكرانيين، غالبًا ما يُعرض على الأجانب عقود للتوقيع، وبعد ذلك يتم إرسالهم إلى قاعدة عسكرية ويظلون غير نشطين.

 تقول ريتا كاتز ، رئيسة "موقع  مجموعة المثقفين" التي تتابع  المتطرفين ، لصحيفة نيويورك تايمز: "أعرب العديد من الجماعات القومية النازية والجديدة اليمينية البيضاء من جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية عن دعمها الحماسي لأوكرانيا ، بما في ذلك من خلال البحث عن مليشيات يمكن أن ينضموا إليها في  القتال ضد روسيا ، بدافع رئيسي هو اكتساب الخبرة القتالية ،بالإضافة الى الدوافع ا الأيديولوجية".

 قصف قاعدة يافوريف العسكرية

 تناقلت وسائل الإعلام الغربية على نطاق واسع، ان الهجوم الروسي على قاعدة يافوريف العسكرية شكل ضربة قوية لحركة المقاتلين المتطوعين في أوكرانيا.

في 13 اذار، أطلق الجيش الروسي صاروخ موجه على قاعدة يافوريف في منطقة لفيف بأوكرانيا، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الأوكرانية البولندية. وتُعرف القاعدة أيضًا باسم مقر السلام والأمن العالمي لحلف الناتو، وهي وجهة للمتطوعين الأجانب. المسؤولون العسكريون الأوكرانيون نقضوا المعطيات الروسية، لكن الهجوم خلق حالة من الذعر في صفوف المسلحين الوافدين للبلاد، وعلق احد الهاربين، وهو نازي امريكي جديد بالقول، إن الأوكرانيين لم يعطوا الأجانب الذخيرة والمعدات، وأن العديد من رفاقه لقوا مصرعهم في القاعدة، وأنه عبر الحدود مع بريطاني ومواطن أمريكي في سيارة خدمة طوارئ. وأضاف أن جوازات سفر المقاتلين الأجانب يتم حجزها تحت التهديد بالتدمير وأن الجنود أعيدوا إلى ساحة المعركة، مما أجبره على التنكر واستخدام وثائق مزورة لعبور الحدود. وأضاف بخوف واضح: "على الناس أن يتوقفوا عن المجيء إلى هنا. إنه فخ ولن يسمحوا لك بالمغادرة". في حين نفى مواطنه وزميله في "الفيلق الجورجي" روايته،  قيام الأوكرانيون بمصادرة جوازات سفر المقاتلين الأجانب، وان ليس لديه مشاكل في عبور الحدود في أي من الاتجاهين. من جانبها قالت ريتا كاتز إن مقاطع الفيديو قد تكون معلومات مضللة، مضيفة أن مقطع الفيديو الخاص، الذي تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مجموعات موالية لروسيا "للسخرية بالمقاتلين الغربيين الذين قدموا إلى أوكرانيا".

قائمة التشكيلات الأجنبية الداعمة لحكومة الأوكرانية

 الفيلق القومي الجورجي الذي مر ذكره هو واحد من تلك المنظمات سيئة السمعة التي تضم مواطنين أمريكيين في صفوفها. وهناك وحدات أخرى من هذا القبيل، تم دمج نصفها على الأقل في الفيلق الدولي الأوكراني وهي:

 الفيلق القومي الجورجي، مشكل من الجورجيين والأمريكيين

فوج كاستوس كالينوسكي ، مشكل  من مواطني بيلا روسيين

المفرزة البولندية في فوج الانتقام مشكل من بولنديين

اللواء الكندي الأوكراني، المكون من أفراد الجالية الأوكرانية في كندا

اللواء النورماندي المكون من قدامى المحاربين الكنديين

فيلق الحرية لروسيا، يضم بالإضافة الى آخرين منشقين روس

فوج جوهر دوداييف مشكل من شيشانيين

فوج الشيخ منصور مشكل من شيشانيين

فوج القرم، مشكل من تتار القرم

منظمات اليمينية المتطرفة الأخرى التي لا يمكن توصيفها بالتفصيل

 يتناول التقرير بالتفصيل تركيبة هذه المجاميع وأبرز رموزها وحكايات عن مساهماتها ومسارها. بالإضافة الى دمج بعضها بشكل مباشر بالقوات المسلحة الأوكرانية. وعادة ما تحمل هذه التشكيلات أسماء تاريخية مرتبطة بحركات نازية او قومية متطرفة في بلدان الصراع او في البلدان الأم التي ينحدر منها منتسبيها، ويحمل الكثير من مقاتلي هذه المجموعات رموز وشعارات نازية في ملبسهم في الوشم الظاهر في بعض التسجيلات على أيديهم. ويتخذ المنتسبين في كثير من الأحيان أسماء حركية، ولا يتعاملون بأسمائهم الحقيقية. وبضمن هذه المجموعات تشكيلات لجاليات اوكرانية مثل "اللواء الكندي الأوكراني"، او معارضين روس مثل "فيلق حرية روسيا"، كما تضم مجموعات إرهابية إسلامية مثل "كتائب جوهر دوداييف والشيخ منصور"، وجل منتسبيها من الشيشان، او تتار مثل "فوج القرم".

في 28 شباط 2022، وجه قائد فوج القرم عيسى أكاييف نداءً إلى "جميع المسلمين في روسيا"، دعا فيه جميع المسلمين في روسيا إلى ترك الجيش الروسي وهدد بقتل المرتد [المسلمون الذين يقاتلون إلى جانب روسيا] "بأي وسيلة تسمح بها الشريعة".

 وفي نهاية اذار، أعلنت مجموعة أفتونوم أن أس، وهي مجموعة من النازيين، الذين يعملون بإدارة ذاتية، عودتها إلى الكفاح المسلح ضد "حثالة البلاشفة الجدد التي غزت أراضي دولتنا".

"هدفنا الرئيسي هو إعادة إنشاء الأساس التقليدي للعرق الأوروبي الأصلي بروح الاشتراكية القومية. وقالت المجموعة على موقعها في التلغرام إن العنصر الأساسي لهذا التعليم هو التنوير والدعاية للتنمية وتحسين الذات وعبادة النضال للحفاظ على نقاء العرق الأبيض ومستقبله ومستقبل أبنائنا".

 الاتحاد الروسي للمتطوعين الأجانب

 في 11 اذار، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ضرورة تجنيد المتطوعين الأجانب الذين أرادوا مساعدة سكان دونباس في القوات المسلحة الروسية. وذكر أن الدول الغربية تشجع بنشاط إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا. من جانبه قال وزير الدفاع سيرجي شويغو إن الدائرة المسؤولة قد تلقت أكثر من 16 ألف طلب من مقاتلين متطوعين من منطقة الشرق الأوسط وحدها.

أعرب قدامى المحاربين في الجيش السوري ومقاتلي الميليشيات المسيحية السورية ومقاتلي المعارضة السابقين عن استعدادهم للقتال ضد "النازيين في أوكرانيا" وقاموا بالتسجيل في مكاتب تجنيد متطوعين مركزية. ونقل عن أحد المتطوعين قوله:

 "سمعت ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال إنه إذا لم توقف روسيا الولايات المتحدة في أوكرانيا، فسوف يصلون إلى الأراضي الروسية ويدمرون [هذا] البلد العظيم. يجب ألا يحدث هذا. لقد أنقذتم سوريا من الولايات المتحدة وحلفائها. الآن نحن على استعداد للقتال من أجلكم ضد كلابهم".

وكذلك أعرب القوميون الصرب عن رغبتهم في القتال إلى جانب روسيا. يعتقد أن البعض موجود بالفعل في دونباس. وفي أوائل نيسان، ظهرت تقارير عن وفاة ستيفان ديميترييفيتش ، القومي الصربي الذي كان بالفعل في دونباس للقتال من أجل جمهورية لوغانسك الشعبية الموالية لروسيا في عام 2014. في ذلك الوقت، قاتل في تشكيل "الوحدة القارية" اليميني المتطرف، والتي كانت جزءًا من لواء بريزراك. وهناك أيضًا قناة تلغرام „المنشقون الصربيون" قريبة من جماعات المرتزقة ولديها مشاركات يمينية متطرفة ، لكن من غير المعروف ما إذا كانت قناة صربية بالفعل أم محاكاة ساخرة.

وحتى الآن هناك صمت مطلق حول حجم فيلق المتطوعين واسمه ومشاركته في العمليات القتالية. ولا توجد بيانات عن مشاركة اليمين المتطرف فيه. ويبدوان روسيا تعمدت الحد من مشاركة الجماعات اليمينية المتطرفة في العمليات القتالية من أجل عدم تقويض تبريرها المعلن لـ "نزع النازية" عن أوكرانيا.

 آزوف العمود الفقري لليمين المتطرف

 تضمنت عوامل الجذب الرئيسية للمقاتلين اليمينيين في كتائب المتطوعين الأوكرانية المختلفة التي روجت علانية لأفكار اليمين المتطرف، فوج آزوف، وقطاع اليمين، ومنظمة القوميين الأوكرانيين. وقد شكلت شبكة يمينية متطرفة داخل القوات المسلحة الأوكرانية. ومع تراجع تصاعد النزاع، تم دمج هذه الكتائب، في بعض الحالات تحت الضغط، في القوات المسلحة النظامية. وبهذه هي الطريقة سيطر اليمين المتطرف على قوات الأمن في البلاد، أو كفل له وجودا قويا داخلها: الجيش الأوكراني ووكالات الشرطة المختلفة، بما في ذلك شرطة المدينة والحرس الوطني، الذي يضم فوج آزوف.

 تشكلت حركة آزوف حول حزب الفيلق القومي، الذي أسسه قدامى المحاربين في آزوف. وبمرور الوقت. أصبح فوج آزوف  ذا  رمزية مؤثرة بالنسبة للعديد من اليمينيين المتطرفين، وعلى الرغم من استمرار الاتصالات بالطبع بين اليمين المتطرف والفوج. لكن منذ عام 2014، خفض من خطابه المتطرف بشكل ملحوظ

ومع ذلك، تظل حركة آزوف لاعباً رئيسياً في أوساط اليمين المتطرف في أوكرانيا وتحظى باحترام، هذه القوى في جميع أنحاء العالم. استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجود مثل هذه التشكيلات داخل القوات المسلحة الأوكرانية كسبب للحرب، وكان أحد أسباب ما يسمى بـ "عمليته العسكرية الخاصة" ، لنزع السلاح وتشويه سمعة أوكرانيا

لقد طورت حركة آزوف تكتيكات تجنيد معقدة داخل أوكرانيا وخارجها وتحافظ على "معسكرات الشباب، والمرافق الترفيهية، وبرامج التلقين".  ومنذ عام 2015، تعمل حركة آزوف بشكل منهجي على تجنيد المتطرفين اليمينيين لتعزيز أجندتها الدولية الخاصة. ووصفت السكرتيرة الدولية للفيلق القومي، أولينا سيمينجاكا، هذا الهدف بأنه "ثورة محافظة عالمية" أو "إعادة استعمار" من أجل "حماية العرق الأبيض". وقالت إن الحركة تبحث عن "جميع المتعاطفين المحتملين" و "جماعات الضغط" المحتملة على أمل "إجراء اتصالات مع الجيش [الأمريكي]".

اعتبارًا من 1 اذار 2022، بلغ عدد كتيبة آزوف قرابة 900 مقاتل، بما في ذلك المقاتلون الأوكرانيون والأجانب القادمون من أوروبا والولايات المتحدة. لقد انضم مواطنون من الولايات المتحدة، بمن فيهم أعضاء مجموعة أتوموافا النازية الجديدة، إلى منظمات مختلفة تحت مظلة آزوف، ورأوا إمكانية تسريع انهيار المجتمع وإنشاء دولة عرقية بيضاء بالكامل

وفي تشرين الأول 2019، وبعد الهجوم الإرهابي على مسجدين في كرايستشيرش في نيوزيلندا، دعا الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي إلى تصنيف فوج آزوف كمنظمة إرهابية. وثبت أن القاتل برينتون تارانت كان على اتصال بحركة آزوف.

 الجماعات اليمينية المتطرفة الروسية في دونباس خلال حرب 2014

 ردا على سؤال "مشروع مكافحة التطرف"، قال أحد المتحدثين، يمكن التأكيد فقط على أن المتطرفين اليمينيين المتطرفين قاتلوا أيضًا إلى جانب جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، لكن طبيعة منظماتهم ودوافعهم لم يتم استقصائها كثيرًا:

"هذه حرب قبلية وليست حرب أمة ضد أخرى. هناك قوميون على كلا الجانبين لأن أيديولوجيتهم والرموز التي يتماثلون معها، اقل أهمية من الجانب الآخر. [...] إنها حرب ما بعد حداثة والخط الفاصل بين الجانبين سطحي لأن الناس اليوم يكبرون بمشاعر انتماء سطحية ".

 وهناك قائمة من هذه المنظمات منها: ميليشيا نوفوروسيا، بقيادة ظابط مخابرات روسي سابق، وهي التي تجاوزت الحدود في عام 2014، وكان ذلك إيذانا ببدء الحرب حينها، التي تمخضت عن قيام "الجمهوريات الشعبية. بالإضافة الى " القوة روسيج" التي يقودها أحد النازيين الجدد الصرب، وكذلك "فوج جوفان سيفج" الذي ينحدر منتسبيه من صربيا. و "الفيلق الامبراطوري" وهو تشكيل نازي يعتبر نفسه معارضا للرئيس الروسي، لكنه يدعمه في الحرب لأسباب قومية. ومجموعة " تيريك وولف سوتنيا" بقيادة مجرم محترم مطلوب للقضاء الروسي. واخيرا "تشكيلات القوزاق"، الذين يقومون بمهام الشرطة في مناطق الجمهوريات الشعبية""

مجموعة فاغنر

انضم بعض مقاتلي اليمين المتطرف إلى جماعة فاغنر الروسية. وهناك شركة أيضًا باسم؛ فاغنر بي سي ام وهي مملوكة من قبل يفغيني بريغوزين، القريب جدا لبوتين، الذي أدار عمليات سرية في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط. والمجموعة متورطة في الحرب. الحالية، لكن التفاصيل لا تزال طي الكتمان.

 توصيف نفسي للمقاتلين الأجانب

يتشابه المقاتلون الأجانب على جانبي النزاع بشكل مذهل: فهم شباب، ذكور، لديهم دوافع سياسية ولديهم خبرة في الخدمة مع قوات الأمن المسلحة. ومع ذلك، فإن دوافعهم للمشاركة في العمليات القتالية تختلف بشكل كبير، كما بينت سارة ميغر من جامعة ملبورن في دراستها عن حرب 2014 في دونباس.

دراسة أخرى اجرتها إيغل إي موراوسكيت في عام 2020، باحثة أقدم في معهد التحليل السياسي في فيلنيوس (عاصمة لتوانيا)، توصل إلى أربعة أنواع أساسية من المقاتلين الأجانب القادمين من البلدان الغربية للقتال في أوكرانيا:

 1 – "محاربون قدامى" يشاركون في الحرب "لتسوية حسابات قديمة مع أوكرانيا أو روسيا"، وهم الفئة الأكثر شيوعًا.

2 – "عقائديون محبطون"، وهؤلاء „أصيبوا بخيبة امل من الظروف القائمة في العالم الغربي بشكل عام".

 3- "أنصار المعارضة المسلحة"، في الغالب مواطنون بيلا روسيين،  وروس، وهؤلاء "يحولون معارضتهم السياسية لبوتين إلى كفاح مسلح".

4 - "حمقى حروب" يسعون إلى "المشاركة في أي حرب"

 حلل تقرير أعده كاسبر ركاويك مشروع مكافحة التطرف، عام 2020، مقابلات مع 18 مقاتلاً أجنبياً من سبع دول (البرازيل وفرنسا وجورجيا والمملكة المتحدة وإيطاليا والسويد وإسبانيا) شاركوا مع جانبي الحرب في أوكرانيا. يحدد هذا التقرير ثلاثة نماذج من المقاتلين الأجانب:

"1 – "الوافدون الجدد" الذين "يريدون بدء حياة مهنية جديدة في بلد جديد" ويقاتلون إلى جانب أوكرانيا أو ما يسمى بالجمهوريات الشعبية المنشقة عليها

2 – "المقاتلون الأشباح" الذين يتنقلون بين بلدانهم الأصلية وخطوط المواجهة في أوكرانيا، يقضون الوقت في بلدانهم الأصلية في الترفيه وجمع التبرعات

"المغامرون" الذين يعدون على الدوام "مدمني حرب"، ومنفتحين على المشاركة في الحروب المستقبلية.

ويعتبر ركاويك النموذجين الأخيرين الخطر الأكبر لأنهما مستعدان وقادران على المشاركة في نزاعات أخرى.

ويرى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم الحرب في أوكرانيا على أنها تعبير عن صراع عالمي بين الغرب والشرق، والولايات المتحدة وروسيا، وأوروبا وآسيا، حيث لا يمكن أن يظل المقاتل غير مشارك فيها. يستشهد ركاويك بأمثلة من الإجابات النموذجية للمتطوعين الموالين لروسيا، والتي تعكس تنوع الدوافع الأيديولوجية وراء مشاركتهم في الحرب:

1 – "لنفترض أنني أريد تغيير النظام في الغرب" ، وبما أن «روسيا هي العدو المعلن لهذه الأنظمة ، فمن المنطقي الوقوف إلى جانب روسيا"

2 – "أنا أدافع عن شعب روسيا وحقه في العيش بالطريقة التي يريدها. أنا قومي"

3 – "إنه العدوان الفاشي الأوكراني بدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وأمثالهما ضد سكان دونيتسك ولوغانسك ونوفوروسيا وما إلى ذلك، أفعل ذلك تضامناً".

 إجابات نموذجية لمقاتلين الى جانب أوكرانيا:

1 - "نحن مهتمون بحماية تراثنا الأوروبي ونحن فخورون بأن نكون هنا، كممثلين لبلداننا، لنحارب روسيا"

2- "أنا قومي وهذه انتفاضة قومية ضد الأوليغارشية الفاسدة"

3 - "إنه العدوان الروسي على أوكرانيا، وسيكون بلدي الهدف التالي. أنا أفعل هذا من منطلق التضامن"

وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف يضع في المرتبة الأخيرة الدوافع الإنسانية (المساعدة لـ "الجانب الأضعف") والجيوسياسية والأيديولوجية للتورط في الحرب. بالنسبة لهؤلاء الناس، يتعلق الأمر بشيء أكبر من النضال العالمي.

ويختتم ركاويك التقرير بالكلمات التالية:

"لقد تبين أن هؤلاء المقاتلين لم يظهروا لسبب غير مفهوم مع إطلاق اول رصاصات الحرب. لقد شاركوا بنشاط في المشاهد المتطرفة حتى قبل اندلاع الصراع. وبالنسبة لهم، كانت أوكرانيا مسرحًا للعمل أو لعرض معتقداتهم الاجتماعية والسياسية أو الجيوسياسية، التي ترسخت قبل  ذهابهم إلى كييف أو دونيتسك ولوغانسك، بوقت طويل. باختصار، المشكلة هي ليست أوكرانيا فقط. إنها مشكلة داخل المجتمعات الغربية أساسا، حيث يشعر الكثير من الشباب بأنهم نازحون داخليًا ومستاؤون بشدة من الظروف الاجتماعية والسياسية الحالية في اوطانهم الأم".

 خلاصة: الحرب هي الجائزة الرئيسية

على الرغم من مرور شهر ونصف على اندلاع الحرب في أوكرانيا حتى كتابة هذه السطور، إلا أنه لا يزال من السابق لأوانه تحديد عدد المتطوعين الذين يشاركون في الحرب وعدد اليمينيين المتطرفين منهم. ومع ذلك، فقد بدأت بالفعل بعض النماذج المقلقة في الظهور. وفقًا لتقرير "موقع مجموعة المثقفين"، إن العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة من الولايات المتحدة وأوروبا تعرب عن دعمها لأوكرانيا، وتتبرع لحركة آزوف وتبحث عن طرق للانضمام إلى الحرب ضد الروس، الذين يسمونهم "العفاريت"، "الحثالة الحمراء" أو "البلاشفة الجدد".

هناك مجموعة واسعة من الجماعات النازية الجديدة التي تعلن هويتها، وبضمنها الذين عبروا عن حماس سياسي كبير للصراع ويعتزمون توظيفه لأغراضهم الخاصة. (وتجدر الإشارة إلى أنه لم تتخذ كل الجماعات اليمينية المتطرفة موقفًا واضحًا، فـ"القاعدة الأمريكية" و"حركة المقاومة الشمالية في أوروبا"، على سبيل المثال، دعت ناشطيها إلى عدم الانحياز لأي طرف). المجموعات التي تثير القلق، هي ما يسمى بالمجموعات المعجلة او المسرعة، والتي تريد تدمير نظام العولمة القديم وتنذر بإنشاء دول عرقية بيضاء.

إن تنوع النماذج النفسية والأسباب الأيديولوجية المختلفة للمشاركة في الحرب تخفي خلفها شيئا فظيعًا: الحاجة إلى العنف وتصديره من منطقة الصراع. لهذا السبب، يذكر ريكاويك أن السبب الرئيسي للتدخل "هو افق تشكيل ما أطلق عليه المنظر النازي الجديد جان تيريارت" الكتائب الأوروبية "، أي أن "تشكيلات الوطنيين الأوروبيين" القادمين من منطقة نزاع في بلد مجاور لإشعال حرب قومية في أوروبا".

 مزيدا من التفاصيل في دراسة مجموعة صوفان:

 "مثلما كانت أفغانستان ملاذا آمنًا للمنظمات الجهادية في الثمانينيات، أصبحت أجزاء من أوكرانيا ملاذا آمنًا للجماعات المتطرفة التي تروج لتفوق البيض الذين يتجمعون ويتدربون ويتطرفون هناك. وكما هو الحال مع الجماعات الجهادية، فإن هدف العديد منهم هو العودة إلى بلدانهم الأصلية (أو السفر إلى بلد ثالث) لنشر الفوضى واستخدام العنف كوسيلة لتجنيد أعضاء جدد لقضيتهم. وعلى عكس الجهاديين الذين يهدفون إلى مهاجمة أهداف غربية، يتمتع المتطرفون البيض بميزة القدرة على الاندماج غير المرئي بالحياة في الغرب، كما فعل برينتون تارانت" النازي الأسترالي الذي مر ذكره.

بعبارة أخرى، يشكل المتطوعون اليمينيون المتطرفون العائدون من أوكرانيا تهديدًا لمجتمعاتهم وبلدانهم. في عام 2021، صُدمت الولايات المتحدة بقصة المحارب القديم والنازي الجديد كريج لاند ، الذي كان في صفوف آزوف سيئ السمعة. لقد قاتل في صفوف الفوج في أوكرانيا. واتهم بارتكاب العديد من جرائم الحرب والتعذيب ضد مواطني دونباس، فضلا عن قتل زوجين من فلوريدا. وكانت مجموعته مكونة من نازيين جدد أجانب وتم حلها وطرد أعضائها.  اضطر إلى البقاء في أوكرانيا لأن محكمة محلية منعته من مغادرة البلاد.

وتدرك السلطات الأمنية هذه الظاهرة جيداً وتراقب أنشطة المتطوعين في الخارج. قال ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، إن السلطات الأمريكية تراقب عن كثب التهديد الذي  يشكله اليمينيون المتطرفون، الذين يقاتلون في شرق أوكرانيا. ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية، غادر البلاد فقط 27 متطرفا يمينيا للقتال في أوكرانيا. وقال رئيس مكتب المخابرات في ولاية تورينغن الالمانية، شتيفان ج.كرامر: ما يقلقني هو أن هؤلاء المتطرفين يتلقون تدريبات قتالية بالأسلحة والمتفجرات، وبسبب خبراتهم الحربية،  ولديهم القليل مما يمنعهم من استخدام الأسلحة والقوة المميتة" .

تشارك إيغل إي موراوسكايت هذا القلق في دراستها: «أكبر مصدر للقلق هو أن المقاتلين ذوي الخبرة العسكرية، والذين تطرفوا من خلال التجربة القتالية والأفكار التي قاتلوا من أجلها، سيعودون ويستخدمون مهاراتهم محليا، في بناء فروع محلية لمنظمات عالمية، او تأسيس منظمات متطرفة جديدة.

 واكدت إليزابيث جوسلين مالو في بحثها للمعهد العالمي للدراسات السياسية أيضا:

"يكمن خطر تشكيل الفيلق في اوكرانيا، في فتح الابواب مرة أخرى أمام الأفراد المتطرفين وشديدي التطرف، الذين ن ( يحذف ) سيتم تدريبهم واشراكهم في المعارك، لتوسيع شبكاتهم. وهذا يخلق مشكلة مزدوجة: من ناحية، في أوكرانيا، ه ( و )  من المحتمل جدا، سيصبح من الصعب السيطرة على هؤلاء الأفراد بعد انتهاء العمليات القتالية، مما يؤدي إلى زيادة النشاط المتطرف في البلاد. ومن ناحية أخرى، سيكون لهؤلاء المقاتلين الذين يعودون إلى بلدانهم الأصلية تأثير أكبر في تجنيد الآخرين وتشديد تطرفهم فقط، بل سيكون لديهم أيضًا قدرات أكبر على استخدام القوة".

لا يمكن إنكار وجود مشكلة النازية في أوكرانيا بالقول إنها دعاية بوتين لتبرير إمبرياليته بحجة "نزع النازية". ابرز ممثلي هذه الحجة، السفير الأمريكي السابق لدى روسيا مايكل ماكفول، الذي ادعى مرارًا وتكرارًا أنه لا يوجد نازيون في أوكرانيا، مستندا إلى الخلفية اليهودية للرئيس الأوكراني زيلينسكي. لقد حدثت واحدة فقط من أعنف موجات الاحتجاج المتعلقة بالتمييز وعنف الشرطة ضد المجتمع الأسود في الولايات المتحدة في فيرغسون في عام 2014 عندما كان باراك أوباما رئيسًا. ولم تختف مشكلة العنصرية المنهجية وعنف الشرطة بانتخاب رئيس أسود. ووفقًا لبعض المراقبين، فقد وصلت المشكلة إلى ذروتها.

 بينما تضخم الدعاية الروسية مشكلة النازيين الجدد في أوكرانيا، يتظاهر الغرب بأن هؤلاء النازيين غير موجودين. عندما تنتهي الحرب، ستستمر القومية في أوكرانيا في التطبيع وستتمتع الجماعات المقاتلة اليمينية المتطرفة بوضع المحاربين القدامى، الذي سيحاولون تحويله إلى أكبر قدر ممكن من رأس المال السياسي. اكتسب مقاتلو اليمين المتطرف بالفعل شعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بعد الحرب سيكونون قادة رأي ومترسخين بقوة في المجتمع المدني.

تمكنت حركة آزوف فقط، بعد عام 2014، من النمو بشكل ملحوظ. لقد أجبر دخولهم الساحة السياسية قادتهم على تخفيف حدة خطابهم. سيظل هذا الخطاب على الأرجح قوميا وعسكريا بعد الحرب، ولكن ليس نازيا جديدا. وعلاوة على ذلك، سيكون لدى جميع قوى الطيف السياسي، بما في ذلك اليساريون والليبراليون والحركة النسوية، مقاتليها: ستقوم جميع الأحزاب السياسية بضمهم الى صفوفها، حتى لا تمنحهم اليمين المتطرف امتياز احتكارهم.

  

عرض مقالات: