أعلن رئيس وزراء الهند اليميني العنصري ناريندرا مودي الجمعة 19شرين الثاني الحالي أنه سيتخلى عن حزمة قوانين "تحرير" القطاع الزراعي الذي كان يسعى لتمريره. ويأتي قرار حكومته بعد قرابة عام من احتجاجات الفلاحين الواسعة والمستمرة، والتي شملت جميع أنحاء البلاد. وناشد مودي الفلاحين المستمرين في التظاهر بالعودة الى منازلهم.
ورحب اتحاد الفلاحين " ساميوكتا كيسان مورتشا"، والذي يمثل أكثر من 50 منظمة فلاحية، في بيان صحفي "بإلغاء القوانين الثلاثة الخاصة بالفلاحين والمفيدة لشركات تجارة المنتجات الزراعية ". واكد الاتحاد ان عليهم الانتظار حتى يتم تنفيذ التراجع الحكومي. ومن جانب آخر، أكد الاتحاد ر مرة أخرى أن الحكومة المركزية برئاسة مودي مسؤولة عن عمليات القتل "الذي كان يمكن تجنبها" لما يقرب من 700 فلاح وناشط سقطوا خلال الاحتجاجات في العام الفائت.
بالإضافة إلى ذلك، أكد الاتحاد ان الحكومة، لم تقدم حتى الآن إجابات على بعض المطالب المهمة للفلاحين، بما في ذلك الضمان القانوني للحد الأدنى لأسعار جميع المنتجات الزراعية. ولم يتم طي صفحة قانون خصخصة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية. وغرد القيادي البارز في الحركة الفلاحية راكيش تيكيت، على التويتر إن "الاستفزازات وردود الفعل لن تتوقف فورا".
الفلاحون يواصلون الاحتجاج
على الرغم من اعلان حكومة اليميني الهندوسي تراجعها عن القوانين الثلاثة التي رفضها الفلاحون، نظم اتحاد الفلاحين في 26 تشرين الثاني مسيرة شارك فسها 500 ألف، معلنا بذلك استمرار الحركة الاحتجاجية. وكان البرلمان قد اقر قيل ذلك اعلان الحكومة بالتراجع عن حزمة القوانين. ويؤكد مراقبون محليون أهمية التراجع الحكومي بالنسبة لحركة الفلاحين والعمال وكذلك للمعارضة اليسارية. واكد ممثلو الحركة الاحتجاجية، ان الاحتجاجات ستستمر لحين الغاء القوانين نهائيا، وتحقيق مطالب الفلاحين الأخرى.
وكان التنظيم الفلاحي لعموم الهند للحزب الشيوعي الهندي مشاركا في الاحتجاجات منذ انطلاقها. واكد سكرتيره في ندوة عامة عبر الفيس بووك على انه لأمر بالغ الاهمية،" مشاركة أكثر من 500 منظمة و10 نقابات وطنية، في التعاون على إطلاق احتجاجات شملت عموم البلاد واستمرت لأكثر من عام".
لقد تمكن التحالف الذي قاد الاحتجاجات من تمثيل مصالح الفلاحين والعمال الزراعيين والنساء والمراتب الاجتماعية الهرمية للهندوس، وتوحيد الجميع للنضال على هدف رئيسي وهو منع الشركات الكبرى من السيطرة على الاقتصاد الزراعي، الذي لو تحقق لأضر بمصالح أكثرية السكان. ونجح المحتجون في تنظيم شبكة إعلامية خاصة بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أوصلت اخبار الحركة الاحتجاجية وتطوراتها الى كل زاوية في البلاد، وبهذا كسروا الحصار الإعلامي المضروب حولهم. وبهذا يشير القائد الشيوعي الى ان هذا الوعي الجديد سيكون له تأثير ايجابي آني وبعيد المدى في مواجهة الجهاز الدعائي لليمين الهندوسي العنصري الحاكم.
الانتخابات وتراجع الحكومة
ويأتي الإعلان عن تراجع الحكومة قبل أشهر قليلة من إجراء انتخابات مهمة في ولايتي أوتار براديش والبنجاب، حيث كانت الاحتجاجات شديدة فيهما. ووفقًا لتقارير مختلفة، سيخسر حزب بهاراتيا جاناتا، حزب رئيس الوزراء مودي هذه الانتخابات بسبب استياء الفلاحين. لذلك ترى أحزاب المعارضة في أن حزب بهاراتيا جاناتا يريد بقرار التراجع تجنب الهزيمة فقط. وتخشى المعارضة من عودة الحكومة المركزية بعد اجراء الانتخابات الى تمرير قوانينها مرة أخرى، أو محاولة خصخصة القطاع الزراعي بطريقة أخرى.
ومع ذلك، اعتبرت المعارضة تراجع رئيس الوزراء ة نجاح لاحتجاجات الفلاحين. وغرد الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي المعارض، راهول غاندي: "مبروك هذا الانتصار على الظلم!" وكتب السكرتير العام للحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) ، سيتارام يشوري ، في تويتر. : ان "على رئيس الوزراء أن يعتذر عن المصاعب والمشاكل التي سببتها ممارساته "الديكتاتورية".
وكانت القوانين الزراعية الثلاثة ستفتح القطاع الزراعي الهندي لسيطرة الشركات الخاصة. وبموجب النظام الجديد، سيكون المزارعون قادرين على بيع منتجاتهم مباشرة إلى شركة زراعية خاصة خارج سوق القطاع العام الذي تديره الدولة، مع ضمان حد أدنى لأسعار المنتجات. ومع ذلك، يرى الفلاحون أن سوق القطاع العام سوف يختفي من الوجود وأنهم سيواجهون مضاربات الشركات الكبيرة.
وسيؤدي إلغاء تسويق المنتجات في سوق القطاع العام أيضًا إلى انهيار نظام التوزيع العام الذي يزود الفقراء في الهند بالطعام الرخيص. يعتمد قرابة 800 مليون مواطن في الهند على هذا النظام، وقد يؤدي فشله إلى انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
واندلعت احتجاجات الفلاحين في الهند، منذ 26 تشرين الثاني من العام الفائت. لقد أغلقوا العديد من الطرق السريعة المؤدية إلى دلهي واحتلوا عدة تقاطعات. وفي كانون الثاني من هذا العام، عقدت إحدى عشرة جولة محادثات فاشلة مع الحكومة الهندية. رفض الفلاحون قرار المحكمة العليا القاضي بتأجيل تنفيذ حزمة القوانين الحكومية. ويؤكد الفلاحون إنهم سيواصلون احتجاجاتهم حتى يتم إلغاء هذه القوانين تمامًا.