بعد ان بثت الفضائية العراقية الشهر الماضي لقاءات معي ضمن برنامج "خطى" ، ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي ردود فعل كثيرة وشديدة في معظمها.
وكان اهم تلك الاصداء واكثرها ايلاما بالنسبة لي، تلك المتصلة بما صدر عني في احد اللقاءات المذكورة بخصوص جريمة بشتاشان وما يتعلق بها.
إذ انهالت عليّ العبارات الغاضبة محملة بالعتب حينا، وباللوم الشديد حينا آخر، بل حتى بالاستنكار والادانة. والسبب هو انني كما عبر كاتبوها لم اقل بوضوح انها كانت جريمة، ولم اشجبها واشجب مقترفيها، وقد اكون حسب بعضهم حاولت التخفيف من هول الجريمة، وحتى التستر عليها!
ولا اكتم ان ذلك سبّب لي صدمة حقيقية.
فليس معقولا ان استهين بتلك الجريمة الآثمة الغادرة التي استهدفت في الاساس حزبنا الشيوعي، وذهب ضحيتها العشرات من رفاقي الانصار، وكان يمكن ان اكون انا ايضا او اي من الرفيقات والرفاق الآخرين الذين تسلقت معهم حينها سفوح جبل قنديل، واحدا من ضحاياها.
وليس معقولا ان انسى شهداءها من رفاقي الشيوعيين، الذين عرفت كثيرين منهم معرفة شخصية شدتنا الى بعضنا وثيقا، ونسجت بيننا وشائج انسانية عميقة، فضلا عن اواصر رفقة الدرب المشترك والنضال المشترك.. او ان انسى دماءهم التي سفحت ظلما وعدوانا وبدم بارد.
لكنني حين عدت الى التسجيل المحفوظ للقاء التلفزيوني، وتابعته مرةً وثانيةً، وجدت ان الساخطين والمنددين من رفيقاتي ورفاقي لم يكونوا بعيدين عن الصواب. وانا هنا استبعد بالطبع المتطفلين المتربصين، الذين وجدوا في حديثي فرصة للاساءة الى الحزب الشيوعي وتصفية حسابات عوجاء قديمة معه، الى جانب الطعن في شخصي من منطلق الكراهية ليس الا.
فالصياغات التي تحدثت بها، وانا اجيب على اسئلة محاوري في شأن الهجوم الدموي، لم تكن دائما بالوضوح الكافي، وجاءت احيانا غير قاطعة ويمكن ان توحي بغير ما كنت أعنيه، كما كان يمكن العثور في لحظة معينة منها على ما يشي بأنني حتى اجامل حيث لا تجوز المجاملة.
وجعل هذا وغيره البعض يتصور انني ربما اتستر على مقترفي المجزرة، او حتى ادافع عنهم!
ولقد عدت الى التسجيل الفيديوي وتابعته اكثر من مرة، فوجدت - والحق يقال - ان نبرة حديثي في الموضوع بمجمله لم تكن قاطعة، بل كانت أقرب الى الحيادية.
سوى ان هذا بالضبط هو ما لا يجوز ولا يمكن قبوله مني بأية حال. وذلك ما ألوم نفسي عليه هنا بشدة، وأعتبر من غضبوا بسببه مني، ووجهوا اليّ الانتقاد وما يتجاوزالانتقاد، محقين في موقفهم وغير مبالغين في رد فعلهم.
وليس لي هنا الا ان اعتذر منهم ومن كل رفاقي الآخرين، واؤكد احترامي العميق لمشاعرهم النبيلة، واطلب صفحهم عما سببت لهم من أذى وألم بتعبيراتي غير الموفقة، وان لم تكن مقصودة.
اخيرا ولكي لا يبقى شيء غامضا في شأن رؤيتي الى مجزرة بشتاشان، اقول باختصار ووضوح انني اعتبرتها دائما وأبقى اعتبرها جريمة وحشية غادرة ضد حزبنا الشيوعي وفي حق انصاره البواسل. جريمة يتحمل الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤوليتها كاملة، وقد اقترفها باتفاق مع النظام الدكتاتوري في حينه، وبما شكّل خدمة لذلك النظام باعتراف حتى بعض قيادييه.
وكان من واجب الاتحاد الوطني الكردستاني الاعتراف علنا بمسؤوليته هذه، والاعتذار علنا من ضحاياها الشهداء الشيوعيين، ومن عوائلهم ايضا مع تقديم التعويض المستحق اليها.
ولكن وللأسف لم يحدث هذا طيلة الـ 38 سنة الماضية وحتى اللحظة.
وما زال الدين الثقيل يطوّق رقبة الاتحاد الوطني الكردستاني بانتظار السداد.
19 آب 2021