في الذكرى السنوية الحادية والثلاثين لغزو النظام العراقي البائد للكويت، ها نحن، للأسف، نعيش في ظل ظروف لا تقل سوءاً عن تلك الظروف التي كان يعيشها الشعب الكويتي قبيل اجتياح الغزاة أرض الكويت، من حيث حالة الانقسام الداخلي التي استغلها نظام صدام، جراء الانفراد بالسلطة بعد الانقلاب على الدستور في ١٩٨٦، وسطوة الفاسدين، ذلك أن الكويت اليوم رغم الالتزام الشكلي بالدستور ووجود مجلس أمة، فإنها تئن أكثر من أي وقت مضى مما تعرضت وتتعرض له من نهب منظم لمقدراتها؛ واستباحة القلة المنتفعة لثرواتها؛ والسطوة غير المسبوقة لمافيات الفساد؛ والإدارة السياسية، بل المنظومة السياسية الفاشلة؛ والمشكلات التي تتفاقم وتتراكم من دون حل؛ والتراجع على مختلف المستويات.
لقد تعرضت الكويت خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى تدمير ممنهج لأسس الدولة الدستورية ولقيم الحرية والمواطنة والمساواة وروح التضامن الاجتماعي والتضحية الوطنية التي قدم الشهداء أرواحهم من أجلها، وضحى في سبيلها المقاومون والأسرى والصامدون، حيث استمرت السلطة وحلفاؤها الطبقيون طوال ثلاثين عاماً في تفريغ دستور الحد الأدنى من مضامينه، وقمع الحريات والانفراد بالقرار وتكريس المشيخة، وحماية الفاسدين، وملاحقة المعارضين... ما أوصل البلاد والمجتمع إلى حالة مستعصية من الأزمة العامة.
إنّ الكويت اليوم تحتاج إلى وقفة بوجه قوى التحالف الطبقي المسيطر ونهجها المدمر وبوجه مافيات الفساد، شبيهة بتلك الوقفة العظيمة أمام المحتل، لانتشال الوطن من أزمته الخانقة ومن مستنقع الفساد الذي استنزف الثروات وأهدر كرامة الناس وأضعف الدولة... ومن دون مثل هذه الوقفة لا يمكننا الحديث عن تصحيح المسار وتحقيق الإصلاح والانطلاق نحو التنمية المعطّلة، فالوضع الراهن سيعيد انتاج نفسه، مالم يتم تغييره، والقوى المتنفذة إنما هي جزء من المشكلة ولن تقدم الحل... وهذا ما يتطلب قبل أي شيء آخر حراكاً شعبياً موحداً ومنظماً يبدأ بالمطالبة برحيل رئيس مجلس الأمة ورئيس الحكومة الحاليين عن المشهد كونهما أحد الأسباب الرئيسية للأزمة التي تعاني منها البلاد، وكون رحيلهما متطلباً مستحقاً لاستعادة الشعب لدوره المسلوب في المشاركة الحقيقية بالقرار السياسي، وكونه المدخل الذي يفتح الطريق أمام تشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص تتعهد بتحقيق:
١- العفو غير المشروط عن المحكومين والمتهمين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، وإغلاق ملف سحب الجناسي لأسباب سياسية إلى غير رجعة.
٢- إلغاء نظام الصوت الواحد المجزوء.
٣- إلغاء القوانين المقيدة للحريات.
٤- المكافحة الجدية للفساد السياسي والمالي والإداري، وفتح جميع ملفاته، ورفض أي محاولة للفلفة بعضها.
٥- تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة وتغيير النهج الاقتصادي والسياسات الاقتصادية الاجتماعية النيوليبرالية المنحازة طبقياً لمصلحة كبار الرأسماليين الطفيليين.
٦- حل قضية الكويتيين البدون حلاً إنسانياً قانونياً عادلاً شاملاً ونهائياً.
٧- حل المشكلات الرئيسة العالقة مثل مشكلة المقترضين، ومشكلة المتضررين من الإغلاقات بسبب الجائحة، ومشكلة السكن، ومشكلة البطالة.
٨- تطوير الحياة السياسية وتنظيمها عبر تشريع قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية.
فقد آن الأوان لتتحرر الكويت من سطوة قوى الفساد مثلما سبق أن تحررت من قبضة الاحتلال، بحيث تتحقق أماني الشعب الكويتي الصابر في كويت جديدة هي كويت الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتقدم والتنمية المعتمدة على الذات.
وفي الختام: المجد لشهداء الكويت والمقاومين البواسل في الذكرى الحادية والثلاثين لغزو النظام العراقي البائد… والخزي والعار لكل مَنْ اعتدى على وطننا؛ ولكل مَنْ نهب وينهب ثرواته؛ وعبث ويعبث في مصائره.
الكويت في الثاني من أغسطس ٢٠٢١