متابعة – طريق الشعب

بعد قرار رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، وبعد دعوة الاتحاد الأوروبي المجتمع الدولي إلى الالتزام به، يرى مراقبون أن موقف ترامب قد يؤثر بشكل سلبي على أسواق النفط العالمية، كما سيؤدي إلى عرقلة العديد من الصفقات التجارية مع عدد من الشركات الأجنبية العاملة في ايران.

وإثر توقيع الرئيس الأمريكي قرار الانسحاب منيت العملة الإيرانية بخسائر كبيرة حيث هبط التومان الإيراني إلى مستوى تاريخي جديد عند 7000 تومان مقابل الدولار، وبعد أشهر سيتوجب على الشركات أن تتخلص من حيازة الديون السيادية الإيرانية أو العملة الإيرانية. كما ستعود العقوبات إلى ما كانت عليه منذ وقف التجارة مع إيران بالذهب والمعادن النفيسة، وقطاع السيارات والمنتجات الفاخرة مثل السجاد الإيراني والكافيار.

وتشير تقارير اقتصادية، إلى أن الاقتصاد الإيراني كان قد حصد فوائد الاتفاق النووي بدرجة كبيرة، على الرغم من عقبات تطبيع العلاقات الإيرانية مع المصارف الغربية، فلم تكن العملة الإيرانية هي الوحيدة التي سقطت. فالتراخيص الممنوحة لشركتي بوينغ وإيرباص من أجل بيع طائرات ركاب إلى إيران من المقرر أن تسقط هي أيضاً، بحسب ما أعلنه وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، وبسبب هذه العقوبة، لن تستطيع شركة الخطوط الجوية الإيرانية، الحصول على 400 طائرة ركاب، موزعة على الشركات الأوربية والأمريكية، إذ تعتمد جميع هذه الصفقات على التراخيص الأمريكية، نظراً للاستخدام الكثيف للمكونات الأمريكية في الطائرات التجارية، فيما يقول تقرير صندوق النقد الدولي، الصادر في آذار الماضي، إن الاقتصاد الإيراني شهد عودة قوية للنمو، في أعقاب رفع الحظر الغربي، وكان قد توقع أن ينمو الاقتصاد الإيراني بمعدل 4,3 في المائة في 2017/ 2018، وبالتالي، فمن المتوقع أن تكون لنهاية الاتفاق النووي، عواقب سيئة على النمو الاقتصادي الايراني.

ومن جانب آخر تسعى السعودية الى خفض سعر النفط مجددا، بحجة الفائض المعروض، ولتقليص الدخل الإيراني،  والحد من قدرة طهران على تمويل حروب بالوكالة في اطار الصراع الإقليمي في المنطقة.

قرار ترامب لن يسبب أزمة في طهران وحدها. يبدو أن الأزمات ستطول دولاً وشركات أخرى. فحتى الآن، لم تعلن شركات أوروبية مهمة تتعامل مع إيران عن موقفها النهائي. على سبيل المثال قالت شركة "بيجو سيتروين" الفرنسية لصناعة السيارات، إنها تأمل في أن يتبنى الاتحاد الأوروبي موقفاً مشتركاً بشأن إيران بعد قرار ترامب. فهي لا تريد أن تجد نفسها وحيدة في مواجهة آثار العقوبات الأمريكية على إيران عليها.

من جهتها، نددت روسيا بشدة بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني رغم انها أقل عرضة من الاوروبيين للتبعات الاقتصادية عند اعادة فرض العقوبات الامريكية والتي يمكن ان تشكل فرصة فريدة لشركاتها العاملة في ايران.

وفي الوقت الذي يبذل فيه الاوروبيون جهودا حثيثة من أجل الحفاظ على العلاقات الاقتصادية التي اقاموها مع ايران منذ توقيع الاتفاق في 2015، يقول محللون ان الشركات الروسية تجد نفسها في موقع الأفضلية.

وسعا البلدان حتى قبل توقيع الاتفاق النووي الى تعزيز الروابط الاقتصادية بينهما رغم العقوبات السارية، وتتخذ الصين التي تمول مشاريع بعشرات مليارات الدولارات في مجال المحروقات والبنى التحتية والكهرباء بإيران، الموقف نفسه. وأكدت بكين انها تريد الحفاظ على علاقات اقتصادية وتجارية طبيعية مع ايران.

وخلال زيارة ظريف إلى بروكسل، تعهدت القوى الأوروبية بالإبقاء على الاتفاق النووي المبرم في 2015 دون الولايات المتحدة في محاولة للحفاظ على تدفق النفط الإيراني والاستثمارات مع طهران لكنها أقرت بأنها ستجد صعوبة في تقديم الضمانات التي تطلبها طهران.

وهددت واشنطن بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية المتعاونة مع إيران وامهلتها 180 يوما للالتزام ، ومن بين الصفقات المهددة بالإلغاء اتفاق لمدة 20 عاما بقيمة 5 مليارات دولار بين شركة توتال إس إيه وشركة الصين الوطنية للبترول لتطوير جزء من حقل فارس للغاز. إذا يبقى السؤال، عن تأثيرات قرار ترامب على الاقتصادين الإيراني والعالمي قائماً؟