رشيد غويلب
تعود جذور حزب العمل البلجيكي الى الحركة الطلابية في عام 1968 ، التي احتُفل هذا العام بذكرى اندلاعها الخمسين، والتي انطلقت في فرنسا والمانيا، وامتدت الى بلدان اوربية غربية اخرى. وهي الحركة التي ادت نتائجها الى احداث تغيير ثوري في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، ليس فقط في البلدان التي شهدت احداثها، بل تجاوزت تأثيراتها حدود القارة الأوربية، لتصل، بدرجات متفاوتة، الى الكثير من بلدان العالم الاخرى.

ويمتاز الحزب بطابعه الوطني، وبكونه الحزب السياسي الوحيد الذي يضم جميع مجموعات المجتمع البلجيكي السكانية، وتغطي تنظيماته عموم البلاد.ويؤكد قادته ان حزب العمل ظل طيلة العقود الاولى من تاريخه حزب كادر ماوي صغير، يركز على العمل داخل المصانع. وفي عام 2008 قرر الحزب الانفتاح وتجديد نفسه سياسيا وفكريا وتنظيميا.

الدخول الى البرلمان

وفي عام 2014 دخل الحزب لاول مرة البرلمان البلجيكي بمقعدين عن ولاية والونيا. وشكل هذا النجاح الانتخابي الصغير اختراقا مهما في حياة الحزب، ودوره في الحياة السياسية في البلاد. ومنذ ذلك الحين ، يعمل الحزب على طرح القضايا التي تمس حياة العاملين وعموم الشعب في البرلمان، ويدعم الإضرابات العمالية والاحتجاجات الاجتماعية خارج البرلمان. ويركز الحزب على العمل في الاحياء السكنية والمصانع. وقد استطاع مضاعفة عدد اعضائه من 3 آلاف في عام 2008 الى 14 الف حاليا.
ويمنح احدث استطلاعات الرأي للانتخابات المحلية، يمنح الحزب في مدن ولاية والونيا الكبيرة 20 في المائة من الاصوات، وهي نسبة مضاعفة للاصوات التي حصل عليها الحزب في عام 2014 . وتمنح الاستطلاعات الخاصة بالانتخابات الوطنية الحزب نسبة 10 في المائة في ولاية والونيا، وفي منطقة العاصمة بروكسل قرابة 6 في المائة، وفي ولاية فلاندرز قرابة 5 في المئة. فقد أصبح الحزب قوة مؤثرة في بلجيكا.
النضالات الاجتماعية

منذ الإضراب العام في كانون الأول 2014 ، شهدت بلجيكا موجة من التظاهرات والاحتجاجات ضد سياسات التقشف الجائرة. ويمثل ملف "اصلاح الضمان التقاعدي"، الذي تطرحه حكومة يمين الوسط حاليا، قضية محورية. وشهدت بلجيكا منذ كانون الأول 2017 سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات ضد خطط الحكومة، بضمنها اضرابات العاملين في القطاع العام. ويرى الحزب ان التوترات بين مختلف المجموعات العرقية البلجيكية مصطنعة، وهي تنشأ وفقا لشعار "فرق تسد" ، لغرض صرف انتباه العاملين والقطاعات الشعبية عن الصراعات الاجتماعية. ويقوم الحزب بالتصدي لهذه السياسة من خلالالتركيز على وحدة العاملين.

الحزب والحركة النقابية

تمتاز بلجيكا بارتفاع نسبة العاملين المنضمين الى النقابات، اذ تصل النسبة الى 60 في المائة. وتوجد في البلاد 3 اتحادات نقابية متنافسة: اتجاه ديمقراطي اجتماعي، واتجاه مسيحي، وآخر ليبرالي. وحاليا تركز حملات الاتحادات النقابية على التصدي لـ"اصلاح الضمان التقاعدي" الذي تطرحه الحكومة. ويشارك حزب العمل في هذه الحملات. وفي داخل الاتحادات النقابية لا توجد كتل سياسية. ولهذا ينشط اعضاء الحزب في الاتحادات الثلاثة، خصوصا في نقابات القطاع العام، المدارس، البريد، المستشفيات، المعادن، والصناعات الكيمياوية.

هيئات الحزب في المصانع

يمتلك الحزب 70 مجموعة حزبية قي المصانع، وبامكان اعضاء الحزب العمل في هيئات المصانع الحزبية، او في الهيئات الحزبية في مناطق السكن. ويقوم الرفاق في هيئات المصانع بكتابة البيانات وتوزيعها امام ابواب المصانع، ويسعون لكسب زملائهم الى الانتماء الى صفوف الحزب. كما ينظمون فعاليات سياسية وثقافية، على سبيل المثال زيارة بيت كارل ماركس في بروكسل. وتهتم فعالياتهم بمواضيع تخص حياة العمل والمصنع وموضوعات عامة ايضا. ويتباين عدد اعضاء الهيئة الحزبية الواحدة ، ففي بعض المصانع يبلغ العدد 3 فقط، وفي اخرى يصل الى 30 رفيقة ورفيقاً.