شهدت اورغواي في 27 أيلول انتخابات حكام تسع عشرة ولاية ورؤساء البلديات ومجالس المدن والبلديات. وتميزت الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها في أيار، وأجلت بسبب وباء كورونا، بنسبة مشاركة عالية بلغت 85 في المائة، رغم حالة الطوارئ الصحية.

وأرغواي ناجحة نسبيًا في مكافحة الوباء. وهناك أقل من 2000 حالة إصابة و47 حالة وفاة فقط. ويعود ذلك اساسا للإنجازات الاجتماعية لحكومات اليسار والتوسع في السياسة الاجتماعية، ومكافحة الفقر، والاستثمار الكبير في قطاع الصحة، وجعلها في متناول الجميع في الأوروغواي، لكن الإعلام اليميني يصمت عن هذه الحقائق، وكأن “النظام الصحي الحكومي الفعال” قد هبط من السماء. ولولا وجود نظام صحي متطور، لكانت هذه الدولة الصغيرة في وضع سيئ مثل الأرجنتين والبرازيل وبيرو وتشيلي والإكوادور، حيث دمر الرؤساء الليبراليون الجدد النظام الصحي بوحشية.

في تشرين الثاني 2019، فاز مرشح اليمين المحافظ، لويس لاكالي بو بفارق 1,5 في المائة في انتخابات الرئاسة، لينهي 15 عاما من حكم تحالف اليسار “فرنته امبيو” (الجبهة العريضة)

وفي هذه الانتخابات كان الصراع يدور حول العاصمة مونتيفيديو، التي يبلغ عدد سكانها 1,3 مليون من مجموع سكان البلاد البالغ 3,4 مليون نسمة. والدفاع عنها باعتبارها معقلا لليسار، ضد محاولات اليمين الحاكم لاختراقها. لقد حكم تحالف الجبهة الواسعة مونتفيديو منذ عام 1990بشكل مستمر، وهو تحالف من الديمقراطيين الاجتماعيين ومقاتلي حركة الكفاح المسلح السابقين، ويساريين مستقلين والشيوعيين.

لقد استطاعت جبهة اليسار الدفاع عن مواقعها والفوز في العاصمة بنسبة 52 في المائة من أصوات الناخبين، مقابل 40 في المائة لتحالف اليمين. وتم انتخاب المهندسة الكهربائية، والقيادية الشيوعية كارولينا كوس البالغة 59 عامًا عمدة للعاصمة.

عملت كارولينا كوس وزيرة للصناعة والطاقة والمناجم في حكومة الجبهة من 2015 إلى 2019 وانتُخبت عضو مجلس الشيوخ. انضمت كارولينا كوز إلى اتحاد الشبيبة الشيوعي في أوائل الثمانينيات. وكان جدها ووالدها من نشطاء الحزب الشيوعي. خلال سنوات الديكتاتورية (1973 - 1985).

وعندما أصبح فوزها مؤكدا، قالت كوس: “ نعلم جميعًا ما الذي كان على المحك، وبكل هدوء، وبكل الحب منا جميعًا وبكل تفانينا، أريد الأفضل لمونتيفيديو والأفضل للجبهة”. وأعلنت كوس ليلة الانتخابات أن التدابير الأولى التي ستعمل عليها هو خطة لـ “العمل وتوزيع الأراضي، وبناء المساكن وتطوير الأحياء والمساعدات الغذائية والمساواة بين الجنسين والصحة”. وهي الجوانب المركزية فيما يسمى بالدعم الأساسي للمواطنين، الذي يتضمن على سبيل المثال في قطاع الصحة، إنشاء “صندوق الأدوية لتعزيز الرعاية الطبية. أما بالنسبة “للأراضي والشقق والأحياء”، فسيتم إنشاء صندوق تضامن لإصلاح المنازل المهددة بالحرائق والفيضانات أو سوء الأحوال الصحية. وسيتم تمويل الخطة بنسبة 7 في المائة من الإيرادات السنوية للعاصمة. وبشأن النقل المحلي، ستعمل على توفير “تذكرة نقل العمال”، على غرار تذاكر الطلبة أو المتقاعدين.

وأكدت كوس أنها ستلتزم في عملها ببرنامج الجبهة، وتؤكد على المحاور الثلاثة المركزية: النظافة وسهولة التنقل وخلق فرص عمل، وستبقى “الثقافة والابتكار والمشاركة هي الشغل الشاغل”. إن البرنامج الحكومي للجبهة عبارة عن 53 صفحة مليئة بالاقتراحات. وسنكافح باستمرار وسيكون عملنا هو حل مشاكل المواطنين دوما”، “ ومواجهة التراجع وإلغاء المكتسبات الاجتماعية من قبل الحكومة اليمينية “ والسعي إلى الحوار مع جميع أصحاب المصلحة”. وستبين حكومة العاصمة “كيف يمكن خلق وضوح بأفكارنا، والحزم في قناعاتنا، والحكم   لمن لديهم القليل وما زالوا يأتون للحوار والحوار ثم الحوار”.

وستكون الحكومة عادلة بين الجنسين. “والأهم بالنسبة لي ليس إيجاد صيغة حسابية تحدد المناصب وفق عدد الأصوات التي تم الحصول عليها، بل ان تبقى روح الجبهة قوية في حكومة العاصمة، وهذا ما يجب أن نعمل عليه داخل جبهة أمبليو بالحوار وأضافت. “أريد العمل مع فريق الجبهة بأكمله”.

وكانت كوس قد التقت في 30 ايلول قيادة اتحاد النقابات الموحد لمناقشة كيف يمكن لحكومتها أن تساعد في إعادة تنشيط التوظيف. وقبل كل شيء، يجب توفير فرص العمل لأولئك الذين فقدوا العمل والدخل بسبب وباء كورونا والأزمة الاقتصادية.

وعلى الرغم من انتصار اليسار في العاصمة وفي ثاني مدينة من حيث الكثافة السكانية، الا انهم خسروا أصواتا ورئاسة بعض البلديات في المناطق الريفية، وهو امر يستدعي المراجعة النقدية وطرح البدائل.

عرض مقالات: