طريق الشعب

باشرت هيئة التقاعد الوطنية، مؤخرا، باستقطاع جزء من رواتب المتقاعدين بشكل مفاجئ دون سابق إنذار. الاستقطاعات تراوحت بين ١٠ - ١٥ في المائة تحت عنوان (ضريبة الدخل) محسوبة على أساس الاستحقاق الكلي وليس على الراتب الاسمي للرواتب التي تتجاوز ٥٠٠ الف دينار، ما شكّل صدمة كبيرة للمتقاعدين الذين اطمأنوا سابقا لتأكيد رئيس الوزراء بعدم مساسه برواتبهم، واثار استياء الكثيرين الذين اعتبروه استهدافا للمواطنين وتحميلهم اعباء الفشل الاقتصادي بشكل غير قانوني.

موقف هيئة التقاعد

ذكر مدير هيئة التقاعد الوطنية العامة، احمد عبد الجليل، في تصريح صحفي ان "٧٣ في المائة  من المتقاعدين لم يتم المساس برواتبهم، وأن الاستقطاعات ستكون وقتية وليست دائميه"، مبيناً أن "إيقاف الرواتب التقاعدية شمل من لديه أكثر من راتب تقاعدي او وظيفي"، داعيا محتجزي رفحاء الى "مراجعة مؤسسة السجناء لغرض اكمال متطلبات ملفاتهم".

مجلس النواب يصوت ضد القرار

من جانبه، صوت مجلس النواب، امس الاول، على قرار رفض اي استقطاع لرواتب الموظفين كافة والمتقاعدين. ونص القرار النيابي على "رفض أي استقطاع لرواتب الموظفين والمتقاعدين كافة بشكل مباشر او غير مباشر ورفض فرض أية ضرائب على رواتبهم على ان لا يشمل القرار الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة".

وفي السياق، أكد مقرر اللجنة المالية النيابية، أحمد الصفار،  ان الاستقطاعات من المتقاعدين مؤخرا ستعاد إليهم.

وأشار الصفار في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، الى إن "البرلمان أصدر قراراً بعدم استقطاع أي مبلغ من الرواتب عدا الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة وللنواب وكبار المسؤولين، ولا يجوز الاستقطاع من الموظفين والمتقاعدين والشرائح الموجودة في المجتمع بأي مبلغ"، موضحا ان "المبالغ التي تم استقطاعها من المتقاعدين ستتم اعادتها اليهم".

وحول قرار البرلمان كشف الخبير القانوني طارق حرب، ان قرار البرلمان بشأن رواتب الموظفين والمتقاعدين اليوم لا قيمة دستورية أو قانونية له.

وقال حرب في ايضاح قانوني اطلعت عليه "طريق الشعب"، إنه "كان على البرلمان تشريع قانون يتعلق باستثناء المتقاعدين والموظفين، وليس اصدار قرار لا قيمة دستورية أو قانونية له. وكان الأولى به كتابة قانون يتضمن كلمتين فقط وتتم قراءته قراءة أولى كمقترح قانون لإيقاف اجراءات الحكومة في استقطاع رواتب المتقاعدين والموظفين، لأن قرار مجلس النواب حول الاستقطاع الضريبي لا قيمة له لانه قرار تشريعي، وليس للبرلمان صلاحية اصدار قرار تشريعي في القانون والقرارالاداري فقط، اذا كان (الغاء الضريبة المفروضة على راتب ومخصصات المتقاعد والموظف)".

وتابع حرب "هذا ما مطلوب قراءته لمقترح القانون اليوم، وبعد يومين قراءة وبعد اربعة ايام تصويت، فالعملية لا تستغرق اسبوعا واحداً، ثم بعدها يصدر قانون ينهي الموضوع وليس قرارا اصدره البرلمان لا قيمة دستورية او قانونية له وان كانت له قيمة اعتبارية، وكان عليهم الشروع بتشريع القانون التالي: أولاً- يستثنى من ضريبة الدخل راتب ومخصصات الموظف والمتقاعد. ثانياً- ينفذ هذا القانون من تاريخ صدوره".

عدالة السلطات مختلفة

وفي المقابل، اوضح المتقاعد، محسن الساعدي، انه خدم الدولة ٣٦ سنة منها ٨ سنوات خدمة عسكرية ولم يتمتع بالإجازة طيلة المدة سوى باقل من ٤٠ يوم، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه واحيل على التقاعد بناء على طلبه في عام ٢٠٠٧ وحصل على راتب تقاعدي قدرة حوالي ٩٥٠ الف دينار وهو اقل من راتب اي طفل رفحاوي او سياسي طارئ، حسب قوله.

واكد الساعدي لـ"طريق الشعب" انه "صدم بخصم ٨ في المائة من راتبه كضريبة دخل، في تجاوز سافر على حقوق المتقاعدين لأنها الحلقة الاضعف"، مضيفا "أنا مع الحكومة فيما تتخذه من إجراءات تقشفية لتجاوز أزمتها المالية، بشرط تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة في تطبيق هذه الإجراءات. ولكني أسألها وأسال أصحاب القرار فيها هل ستحققون العدالة والمساواة وتوقفون صرف رواتب الكثير من الموظفين الذين يتقاضون رواتب ومخصصات بالملايين ممن فصلتم القوانين على مقاساتكم ومقاساتهم،  وهل من العدالة أن يتقاضى نائب، أو عضو مجلس محلي، او مستشار، أو رئيس وحدة إدارية خدمته الظروف السياسية الطارئة راتبا أكثر من راتب موظف أفنى عمره بالعمل الوظيفي موظفا وجنديا، وهل من العدالة أن يتقاضى موظف مستمر بالخدمة أو متقاعد راتبين وأكثر".

وتابع المتقاعد "هل من العدالة أن تتقاضى عائلة واحدة مهما كان عددها وأعمار افرادها راتبا لكل منهم يزيد على المليون دينار دون أن يؤدوا خدمة وظيفية ليوم واحد سوى لأنهم مضطهدون، وهل المواطنة أن تستمر الدولة بصرف رواتب تقاعدية لنواب ووزراء ومسؤولين وهم يتنعمون بها في دول الجوار ودول العالم الأخرى"، مطالبا بـ"تحقيق مطالب المتظاهرين وإيجاد فرص عمل للعاطلين منهم، وزيادة رواتب الحماية الاجتماعية، وإيقاف صرف الرواتب التقاعدية التي تصرف بغير وجه حق لمن لا تنطبق عليه شروط الوظيفة العامة وفق قوانين الخدمة والتقاعد، والقضاء على ظاهرة الفضائيين في أجهزة الدولة والقوات الأمنية، وإعادة النظر برواتب المفصولين السياسيين ففيها الكثير من الفساد، وإيقاف النفقات غير المبررة للمسؤولين وتقليص حماياتهم وسياراتهم".