اختتم الثلاثاء الفائت في أحد المراكز الثقافية في مدينة الرقة السورية الاجتماع السنوي العام للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. وتناول الاجتماع الذي استمر ليومين تقييم التطورات التي شهدها الملف السوري في عام 2019، وتحديد اهداف الإدارة الذاتية خلال العام الحالي.ولخصت القيادية الكردية البارزة إلهام أحمد الحصيلة الجوهرية بالقول:" عندما هاجمتنا تركيا، افترض الكثير من الناس أن إدارة الحكم الذاتي وقوات سوريا الديمقراطية سوف يتم تدميرها. لقد أظهرت التطورات أن العكس هو الصحيح: اثبتت إدارة الحكم الذاتي قوتها. وكان لهذا تأثير إيجابي على علاقاتنا على الصعيد الدولي".
ولأسباب أمنية، لم يلتئم الاجتماع في مدينة عين عيسى التي تعد عاصمة إدارية فعلية لمنطقة الحكم الذاتي المعروفة أيضًا باسم روجافا، لاستمرار هجمات الجيش التركي رغم الهدنة المتفق عليها في تشرين الأول الفائت. وفي بداية الأسبوع الفائت قُتل ثلاثة أشخاص وجُرح آخرون في هجوم تركي بطائرة بدون طيار بالقرب من احدى قرى المنطقة المحيطة بعين عيسى. وتقع المنطقة المحيطة بالعاصمة الإدارية في مركز اهتمام الغزاة الاتراك، حيث يسعى الجيش التركي الى السيطرة على الطريق الاستراتيجي والمهم (م 4) الموازي للمنطقة التي تسيطر عليها تركيا، بعمق 30 كليو متر داخل الحدود السورية. وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد اكدت مرارا أن "وقف إطلاق النار المزعوم قد انتهك في اليوم الأول لإعلانه".
وفي الوقت الذي تم التوصل فيه الى تعاون عسكري بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري على التصدي المشترك، دفاعا عن الوطن، ضد الهجمات التركية، لم يتحقق، حتى الآن، أي تقدم سياسي بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية. ولم يتم التوصل الى اية نتيجة. ووفقا للتصريحات التي ادلى بها الزعيم السابق للاتحاد الديمقراطي صالح مسلم لتلفزيون روداو في أربيل فإن الحكومة السورية "تصر على الأفكار التي عفا عليها الزمن" ورفضت بشدة حقوق الحكم الذاتي، وعبر الاجتماع السنوي للإدارة الذاتية عن شكواه: "هناك محادثات بيننا وبين روسيا وبين سوريا وروسيا. لكن سوريا لا تريد الحديث مع إدارة الحكم الذاتي" وعبر صالح عن تفاؤل حذر" ربما سيتخلون عن موقفهم المتشدد ويدخلون في حوار مباشر معنا"، بعد التداعيات التي خلفها اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، جراء قصف امريكي قرب مطار بغداد، والذي عد داعما رئيسا للحكومة السورية.
وفي هذه الأثناء، يوجد تقارب حذر بين إدارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي القريب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحكومة إقليم كردستان العراق، لأن المعبر الحدودي بين إقليم كردستان شمالي العراق وشمال سوريا يمثل شريان حياة مهم للإدارة الذاتية لذا فان وجود علاقة أفضل بين الطرفين يتمتع بأهمية استراتيجية بالنسبة لإدارة الذاتية في شمالي سوريا. وهكذا، سُمح للأحزاب القومية الكردية العراقية، التي تعتبرها قوات سوريا الديمقراطية أحزابا محافظة، إعادة فتح مكاتبها في روجافا، متجاوزين المشاكل العميقة والاتهامات المتبادلة في وقت سابق بين الطرفين.
وبمبادرة من القائد الأعلى لقوات سوريا الديمقراطية مسلم عبدي، تم تشكيل لجنة الحقيقة لتوضيح مصير الآلاف الذين "اختفوا" خلال مجريات الحرب. وشرعت هذه اللجنة في التحقيق في اول ملف يتعلق بمصير عشرة أعضاء قياديين في المجلس الوطني اختفوا بين عامي 2012 و2019 في اماكن ق مختلفة من روجافا. وقال المسؤولون "نحن مسؤولون قانونيا حتى يتم توضيح مكانهم بالكامل". وان الهدف هو معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة. وكانت هذه الخطوة الأولى لتذليل الخلافات بين الأكراد وتعزيز الوحدة الوطنية للأكراد في سوريا.

عرض مقالات: