طريق الشعب
استقبلت ساحة التحرير، منذ ليل الخميس الماضي ومع بدء صباح أول أمس الجمعة، أعدادا كبيرة من المحتجين في تظاهرة "مليونية" جرى التحضير لها قبل أيام، و ذلك بعد مرور 100 يوم على انطلاق الاحتجاجات مطلع تشرين الأول الماضي، وما شهدته هذه الفترة من قمع مفرط واجهت به قوات الأمن المتظاهرين السلميين، تضاف إليه عمليات الخطف والترويع والقتل بحق الناشطين. فيما شهدت محافظات عدة حراكا جماهيريا واسعا على ذات السياق.

تحضير مسبق للمليونية

وفيما رفع المحتجون الأعلام العراقية والشعارات التي ترفض التدخلات الأجنبية في العراق، وعبروا عن غضبهم ازاء خضوع أحزاب السلطة للإرادات الخارجية، وعدم قدرتها على حفظ كرامة البلد وأمنه. نشرت القوات الأمنية عناصرها في المناطق القريبة من ساحة التحرير.
يأتي ذلك بعدما دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تنظيم تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير يوم الجمعة، وساحات التظاهر الأخرى في محافظات العراق، احتجاجاً على تأخر الحكومة في الاستجابة إلى مطالب التظاهرات الشعبية، وعدم اختيار رئيس وزراء جديد، فضلا عن انتهاك سيادة العراق من قبل أمريكا وإيران.
وقال ناشطون في حديث صحفي، أن "التظاهرة المليونية الجديدة تأتي للضغط على البرلمان والكتل السياسية من أجل الإسراع في الاستجابة للمطالب الشعبية، وعدم تمييعها على وقع التصعيد الحاصل بين الولايات المتحدة وإيران"، مؤكدين "مواصلتهم التظاهر الى حين تحقيق مطالبهم المشروعة". فيما رفعوا لافتات دعوا فيها إلى تجهيز "البيبسي" و"الخوَذ"، استعدادا لأي طارئ، في حال قامت القوات بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
ولم تخلُ تظاهرات الجمعة في التحرير، شأن الأيام الأخرى، من الفعاليات والنشاطات المختلفة، الثقافية والفنية والتكافلية، وغير ذلك من الحملات الطوعية من حيث تنظيف المكان وإعداد الطعام للمتظاهرين. وقد ازداد توافد العائلات البغدادية إلى ساحة التحرير، بعد الظهر.
من جانبه قال الناشط المدني هاني الربيعي، في حديث صحفي: "تظاهرتنا المليونية اليوم هي رسالة تحدٍّ لأحزاب السلطة، وردّ على الأصوات النشاز التي تحدثت عن ضعف التظاهرات. نحن مواصلون تظاهراتنا ولن نتراجع عنها، وسنستمرّ حتى تحقيق المطالب وتشكيل حكومة وطنية مستقلة"، مؤكداً أن "أحزاب السلطة تحاول تسويف المطالب، ونحن نقول لها إن صوت الشعب أعلى وأقوى، وسنحقق ما نسعى إليه من مطالب مشروعة".
وأشار إلى "الانتقاد الواسع لضعف السلطة، وعدم امتلاكها القرار السياسي، ومغامرتها بأمن الشعب ومستقبله، من خلال جره لحرب بالوكالة بين أميركا وإيران"، مشدداً على أن "لا قرار مستقلاً للبلاد ولا أمان مع بقاء أحزاب السلطة الخاضعة للإرادة الأجنبية. فيجب أن تقود العراق شخصيات مستقلة وغير خاضعة للخارج".

رسالة المعتصمين الى العوائل

وتحدث المتظاهر امير البديري، لـ "طريق الشعب"، أن "العراق تحول الى ساحة صراع مفتوحة بين إيران وأمريكا، والدولتان تنتهكان سيادة البلد دون أن يحسبا أي حساب للدولة العراقية"، مبينا أن "العراق سيبقى ساحة مفتوحة للدول الأجنبية ما لم ترحل هذه الاحزاب المتنفذة التي رهنت البلد للخارج، وتعمل وفق أجندات الدول الأجنبية دون مراعاة لأيّة مصلحة داخلية".
وفي الأثناء، وجه معتصمو ساحة التحرير، امس الاول، رسالة الى العوائل العراقية، ‏بخصوص التظاهرات المستمرة منذ 100 يوم في البلاد.‏
وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها "طريق الشعب"، "الى العوائل العراقية ‏الكريمة، كنتم ومازلتم الشجرة المثمرة التي رفدت ساحات الاحتجاج ‏بشباب وشابات ابطال ساحة التحرير وباقي سوح التظاهرات، كنتم رغيف ‏هذه الثورة ودواءها، وأثبتّم ان العراق يملك من يدافع عنه ضد محاولات بيعه ‏للغرباء وسرقة خيراته"، مضيفة "استكمالاً لهذه النهضة المباركة يدعوكم ابناؤكم الثوار الى ‏مسيرات ليلية بالسيارات تجوب شوارع العاصمة بغداد وباقي المحافظات ‏رافعين علمنا العراقي وحده، لنعلن الولاء للوطن فقط".‏
ونقل مراسلنا في ساحة التحرير بلال رضا، ان "المئات من طلبة الجامعات تظاهروا يوم امس امام بناية وزارة التعليم العالي في شارع النضال، رافضين محاولات الوزارة انهاء الاضراب الطلابي، معلنين عن استمرار اضرابهم حتى تحقيق كامل المطالب وعودة المتظاهرين الى منازلهم".

حراك في محافظات أخرى

وفي غضون ذلك، منعت القوات الامنية المتظاهرين من ‏التجمع في ساحة ام البروم في محافظة البصرة، الذين تجمعوا لإحياء المليونية مرددين هتافات تؤكد على الروح التنافسية بين بقية الساحات للتميز بالحضور وتسجيل الساحة الاكثر عدداً.
وخلال ذلك نفذت جريمة اغتيال صحفيين اثنين في البصرة، ما اثار موجة واسعة من الغضب والتنديد باستمرار استهداف الناشطين والصحفيين دون أي دور للقوات الامنية والحكومة المحلية.
أما ساحة الحبوبي في الناصرية، فقد غصت بالمتظاهرين المناهضين للفساد المستشري في البلاد، بعد أن امتلأت بالمحتجين الوافدين من جميع اقضية ذي قار، في اطار الدعوات التي اطلقها ناشطون ومدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهرات مليونيه في المحافظة.
واستنكر المتظاهرون تدخلات دول اقليمية ودولية وجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات، مطالبين بالإسراع في اختيار مرشح وفق المواصفات التي طرحوها لشغل منصب رئيس الوزراء تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة.
وفي ميسان، تظاهر عشرات الالاف وسط المحافظة مطالبين باحترام سيادة العراق والاسراع في اختيار رئيس للوزراء من الشخصيات المستقلة والكفؤة والنزيهة. بعدما نظم عدد من طلبة جامعة ميسان مسرحية تجسد حالات الاعتداء ضد المتظاهرين وعمليات القتل والاغتيال والاختطاف.
في حين افاد مصدر أمني من محافظة الديوانية، بأن ممثلي خيم الاعتصام والتظاهر في ‏المحافظة قرروا استمرار الاضراب وإغلاق الدوائر الحكومية.‏
وفي المثنى، توافد المواطنون الى ساحة التظاهر وسط مدينة السماوة معلنين استمرارهم حتى تحقيق المطالب.
واقام عدد من المتظاهرين ماراثونا شبابيا لدعم المتظاهرين المستمرين باعتصاماتهم. بينما توافد الاف الطلبة من جامعة كربلاء إلى ساحة التربية وسط المحافظة معلنين استمرار الاضراب عن الدوام حتى تحقيق كافة المطالب، بمشاركة جماهيرية واسعة من الاهالي.

البرلمان لا يمثلني

وفي محافظة النجف، توافد المئات من المتظاهرين، على ‏ساحة الاعتصام الرئيسة رافعين شعار "البرلمان لا يمثلني".‏ فيما شهدت محافظة بابل توافد الاف المتظاهرين والطلبة الى ساحة الاعتصام وسط المحافظة، معلنين عن استمرارهم في الاضراب والاعتصام والاسراع في اختيار رئيس للوزراء.
يذكر ان ناشطين ومدونين اطلقوا حملات تحشيد وتحضير لتظاهرة مليونيه ‏تحت شعار "البرلمان لا يمثلني" في ساحة التحرير وبقية الساحات، من اجل استمرار الضغط على البرلمان لاختيار رئيس ‏الحكومة الانتقالية وفق الشروط التي وضعها المتظاهرون.‏