طريق الشعب

واجهت مخرجات اجتماع الكتل السياسية في "مكتب السيد عمار الحكيم" ببغداد، ليلة أمس الأول، ردود فعل غاضبة من قبل المتظاهرين والاوساط الشعبية الواسعة وجهات سياسية تدعم الحراك الاحتجاجي.

وفيما وصفت تنسيقيات الحراك الاحتجاجي مخرجات الاجتماع بأنها "التفاف" على مطالب المحتجين، تراهن على عامل الوقت لإنهاء الاعتصامات، قالت قوى سياسية أن مخرجات الاجتماع لم تأت بشيء جديد.

وبعد ردود الفعل تلك، حاولت قوى سياسية القفز من مركب الاجتماع باصدار بيانات تنفي التوقيع على وثيقة الاجتماع، وأخرى تؤكد وضع شروط للموافقة على الاتفاق السياسي.

وعقد قسم من قادة القوى السياسية، مساء الاثنين (18 تشرين الثاني 2019)، اجتماعاً موسعاً ضم "تحالف الفتح، وتحالف النصر ودولة القانون وتحالف القوى العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وتيار الحكمة وائتلاف الوطنية وجبهة الانقاذ والتنمية وكتلة العطاء الوطني وكتلة العقد الوطني والجبهة التركمانية"، لبحث الاوضاع الجارية والخروج بقرارات وتوصيات لحل الازمة التي تشهدها البلاد، فيما هددوا بإجراء انتخابات مبكرة وسحب الثقة عن الحكومة في حال عدم تنفيذها خلال مدة 45 يوماً.

المطلب الرئيس

القيادي في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق جاسم الحلفي، أكد ان مطالب المحتجين واضحة وفي مقدمتها مطلب اقالة الحكومة او استقالتها.

وكتب الحلفي عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن "تغيير عدد من الوزراء لا يأتي بحل، المطلوب استقالة الحكومة برمتها او اقالتها، مشيراً الى أن "الحديث عن اي مهلة هو تسويف وتملص ومماطلة وتهرب من المسؤولية".

وأضاف، أن "القوى التي تراهن على بقاء الحكومة، قصيرة النظر، لم تستوعب قوة الانتفاضة واتجاهها".

وتابع، أنه "لا جديد في اجتماعات القوى السياسية الا تكرار ما رفضه المنتفضون".

وأكمل الحلفي، أن "الطغمة الحاكمة مازالت تطرح حلولا لازمتها، وحلولها تخرج من منهج الازمة ذاتها".

ولفت الى أن "الاجتماع لم يتحدث عن القمع والقتل الذي تعرض إليه المنتفضون"، مبيناً أن "رفض الناس اجتماع القوى السياسية جاء سريعا، ما أكد عمق الهوة بين الشعب والحكومة".

سائرون لم تشارك

وكشف النائب عن سائرون سلام الشمري، أمس، سبب عدم مشاركة تحالفه في الاجتماع الذي عقد أمس بين 12 تحالفاً وكتلة سياسية، معتبراً أن الحل الأمثل للأوضاع الراهنة يتطلب إصلاحاً شاملاً للعملية السياسية.

وقال الشمري في بيان إن "عدم حضورنا كتحالف سائرون لاجتماع الكتل السياسية لقناعتنا الكاملة بعدم جدواه ونعده عودة الى المربع الأول بدون حلول".

وأضاف، أن "ما حصل أمس محاولة من بعض الكتل السياسية لتوحيد الفرقاء والجهود لمواجهة المطالب المشروعة للشعب العراقي الذي لن يقبل ونحن معه الا بالإصلاح الشامل للعملية السياسية".

فيما وصف النائب عن تحالف سائرون، رياض المسعودي، ‏ البيان الذي صدر بعد اجتماع القوى السياسية بـ "المتناقض" ولم يخرج بجديد.

وقال المسعودي لوكالة  (بغداد اليوم)، إن "موقف سائرون أو التيار الصدري يؤكد وجود مشاكل مفصلية في العملية السياسية وعلى ضرورة تصحيح مسار العملية التي تبدأ باستقالة الحكومة، وتعديل قانون المفوضية وجعلها مستقلة، وتشريع قانون شفاف للانتخابات، وإجراء انتخابات مبكرة"، مشيراً إلى أن "أغلب الكتل السياسية رفضت هذا الموقف، وسعت إلى المماطلة والتأخير للرجوع الى المربع الاول".

وأضاف، أن "سائرون تفاجأ بالاجتماع وغيرها من الاجتماعات التي تُعقد بشكل دوري منذ أسبوعين"، موضحاً أن "الاجتماع لم يأت بجديد، وعلى العكس فالبيان الذي خرج بعد الاجتماع كان متناقضا مع نفسه، تارة يحمل الحكومة وتارة يطلب منها".

نظام ناجح

من جهتها، قالت جبهة الانقاذ والتنمية، التي يترأسها أسامة النجيفي، الثلاثاء (19 تشرين الثاني 2019)، إن مقررات اجتماع القوى السياسية غير قابلة للتطبيق، وإنها تريد نظاما ناجحا في تداول السلطة وتقديم شخصيات يرضى عنها الشعب.

وذكرت الجبهة في بيان أن "أسامة عبد العزيز النجيفي رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية، اطلع، وقيادة الجبهة، على مقررات الاجتماع والذي ضم قادة الكتل السياسية لمناقشة الوضع السياسي، ووضع الحلول لتنفيذ مطالب المتظاهرين"، مشيرة الى أنها "بعد دراسة هذه المقررات، تعلن جبهة الإنقــاذ والتنمية عدم موافقتها على هذه المقررات".

تحذير من الالتفاف 

وانتقد حزب "عمل" الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، مخرجات المناقشات والاجتماعات التي عقدها عدد من القوى السياسية المشاركة في السلطة خلال اليومين الماضيين، واصفا اياها بأنها لا تلبي طموح الجماهير ولا تتحدث عن معالجات فعلية بل وتجاهلت الدماء التي أريقت في ساحات التظاهر والبحث عن الفاعلين والجهات التي تقف ورائهم.

وقال الحزب في بيان أورده مكتبه الاعلامي وتلقت السومرية نيوز، نسخة منه، إن بعض الأطراف المشاركة في وضع الحلول هي بالأساس متسببة في المشاكل وليست لها القدرة على ايجاد حلول ناجعة للشعب العراقي

ودعا الحزب في بيانه كافة القوى الوطنية وأبناء الشعب العراقي الذين خرجوا من أجل الحرية والكرامة والقضاء على الفساد إلى الانتباه لما يحاك ضدهم في الخفاء.

ولفت البيان إلى أن هناك قوى سياسية تحاول ممارسة الحيل والخداع فهي تريد أن تخرج من الباب لتدخل من الشباك لتضمن بقاء الحال على ما هو عليه وتتم مصادرة تضحيات الجماهير التي خرجت مطالبة بإصلاح العملية السياسية بكاملها .

وأكد حزب عمل أن لامجال لأي حل خارج نطاق المطالب الجماهيرية التي تريد تغييرا جوهرياً في العملية السياسية من خلال حل الحكومة والبرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وفق الأطر الدستورية والقانونية.

لم يقدموا الحلول 

وعلق النائب هوشيار عبد الله، على اجتماع القادة السياسيين، فيما اشار الى ان الاجتماع لم يقدم أية إصلاحات تلبي مطالب الشارع.

وقال عبد الله في بيان ان "القوى السياسية التي اجتمعت أمس في منزل عمار الحكيم لم ولن تقدم أية حلول أو اصلاحات حقيقية تلبي مطالب الشارع الذي انتفض ضدها منذ أكثر من شهر ونصف في بغداد والمحافظات الجنوبية"، مبينا انه "بحسب اتفاقهم الذي توصلوا اليه لیس هناك حل للحكومة والبرلمان، و لیس هناك موعد لإجراء انتخابات مبكرة، وبالمحصلة النهائية فإن اجتماعهم بلا جدوى ولم يأتِ بجديد".

وتساءل عبدالله ان "معظم المجتمعين اللیلة الماضية من القوی الشیعیة والسنیة والكردية هم فاعلون أساسیون في العملیة السیاسیة بعد ۲٠٠۳، والشارع الان ينتفض ضدهم"، متسائلا "هل من المعقول أنهم هم الذين یقدمون الحلول؟! وهل سيصبحون هم الخصم والحَكَم؟ وأصلا هل باستطاعتهم تقدیم نموذج ناجح غیر النموذج الفاشل السابق، وإذا كان بإمكانهم ذلك فلماذا لم يقدموه حتى الان؟". 

واعرب عبد الله عن امله "من الشارع المنتفض ان لا یستمع الى هل هذه القوی المجربة التي لم ولن تبتغي اصلاح البلد"، موضحا ان "هذه الأحزاب على يقين بأنها لن يكون لها مكان في إدارة البلد في حال وجود الإصلاحات الحقيقية، ولذلك تحاول ان تجهض هذه الانتفاضة التي باتت تقلقها وتهدد وجودها في سدة الحكم".

مطالبة بانتخابات مبكرة

وعقب انتهاء الاجتماع والاعلان عن مخرجاته، قال تحالف النصر في بيان وزعه على عدد من الإعلاميين: "يعلن تحالف النصر الى الرأي العام، انّ امضاءه وتوقيعه على وثيقة الكتل السياسية جاء مشروطا بتشكيل حكومة جديدة تقوم بتطبيق هذه الالتزامات واجراء انتخابات مبكرة بعد تعديل قانون الانتخابات واصلاح مفوضية الانتخابات وبمشاركة الفعاليات الشعبية وكذلك ادانة واضحة لقتل وجرح المتظاهرين السلميين واختطافهم". 

كذلك جدد زعيم ائتلاف الوطنية، اياد علاوي، تمسكه بخيار الانتخابات المبكرة، وتغيير مفوضية الانتخابات، مبينا أن الائتلاف لم يوقع على اي ورقة إصلاحية. وقال علاوي في بيان إن "الورقة التي تم تداولها عبر وسائل الاعلام حول اجتماع يوم امس لا تتناسب مع خطورة المرحلة ولا متطلبات الاصلاح السياسي". وحذر الائتلاف من "استمرار تسويف المطالب الشعبية وانتهاج المحاصصة والفساد"، مشددا على ضرورة " تبنى طروحات الاصلاح ودعوات المتظاهرين منذ 2005 الا ان الحكومات المتعاقبة لم تستجب لتلك المطالبات وهو ما ادى الى ما نحن عليه الان".