أدى المجلس الوطني الجديد في النسما، في 23 تشرين الاول الفائت، اليمين الدستورية. ويقترب حزب الشعب اليميني المحافظ وحزب الخضر، أكثر فأكثر في حوارهما لتشكيل الحكومة. وفي الجبهة الاخرى يناقش اليسار السبل الممكنة للسير قدمًا بعد انتخابات 29 ايلول البرلمانية وما تمخض عنها من نتائج.
وتحت شعار "حان وقت الحزب؟" يضيّف مقر شبكة "تحول" للبحوث التابعة لحزب اليسار الأوربي الأحزاب والمنظمات والحركات اليسارية النمساوية في اجتماع لتبادل وجهات النظر العامة ووضع حجر الزاوية لتأسيس حزب يساري جامع من أجل الدخول المشترك في انتخابات العاصمة النمساوية فيينا عام 2020
وسواء توجت هذه الحوارات بتأسيس حزب يساري مشترك، وليس مجرد تحالف انتخابي آخر، يفرضه الواقع، فان المشاركين في الاجتماع تناولوا الملف من زوايا ورؤى مختلفة. الشبيبة اليسارية من حركتي "تغيير" و"انطلاق" اللتان نشأتا في السنوات الأخيرة عبروا عن رغبة واضحة وصريحة في التوصل الى الإطار اليساري الجامع.
داني بلاتش، المرشحة على قائمة "تغيير" في انتخابات المجلس الوطني في 29 ايلول، كانت مقتنعًة بأن نجاح قائمتها (22 ألف صوت، 0,5 في المائة) يعود الى التركيز على ما هو أفضل في عالم ما بعد الرأسمالية. وكذلك "لان الميزانية المتوفرة كانت تكفي لثلاث طاولات إعلامية".
وأكدت زينب أرسلان من جمعية العمال الديمقراطيين، وأحدي مرشحات قائمة "نستطيع" التي كان الشيوعي النمساوي قوتها الرئيسة أن على اليسار ان يركز على نضالات الشارع الجماهيرية. وأضافت "يجب أن تكون مطالبنا، منذ زمن، هي مطالب تيارات الوسط سياسيا"، لكي تكون ذات أهمية جوهرية لجميع شرائح السكان الاجتماعية.
وقال ممثل الشبيبة اليسارية أن "الهدف هو" تنظيم يصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس وأن يكون مفيدًا بشكل ملموس في حياتهم ". ان نقد الرأسمالية وحده لا يكفي. وبدون بدائل، سنبقى غير قابلين للانتخاب من قبل أوساط واسعة من السكان. من المهم، ان لا يبدو المشروع الجديد مجرد شيء جديد، بل يجب ان يكون شيئًا جديدًا، كما اشارت المساهمات.
وتشير الآمال الى ان حزبا يساريا مناهضا للرأسمالية، امميا، ايكولوجيا، ونسويا، يمكن ان يستقطب 5-7 في المائة من الناخبين، شرط ان يصاحب المحتوى الجديد، إرادة العمل المشترك والتماسك.
وقالت كلوديا كريغلشتاينر من الحزب الشيوعي: "إذا اتجه الديمقراطيون الاجتماعيون أكثر فاكثر إلى اليمين، لا يعمل اليسار على ملء الفراغ، بل يسير الى الهاوية. ان المهمة هي بناء شيء جديد بدلاً من الهاوية، وعلى الجميع المشاركة في هذه المهمة، نريد تغييرات جدية".
وفي مقال تحليلي لنتائج الانتخابات وتوازن القوى الجديد الذي افرزته قال عضو قيادة الحزب الشيوعي النمساوي، وسكرتيره السابق، والمنسق لشبكة "تحول" فالتر باير "نحن في مأزق تاريخي" ان رأسمالية الليبرالية الجديدة تمر بأزمة هيكلية، والمشاريع السياسية الطويلة الأمد تنشا بالتزامن مع هذه التصدعات.
وبشأن موضوعة ان نتائج اليسار في الانتخابات الأخيرة تعود لظروف موضوعية غير مناسبة، يرى فالتر باير "ان مشكلة قوى اليسار، بما في ذلك الحزب الشيوعي، ليست الظروف الموضوعية، بل أدائها الذاتي".
ان العيب في النظام الحزبي النمساوي هو غياب حزب يساري ناقد للرأسمالية ومؤثر على الصعيد الوطني. لقد أصبح واضحا الخلافات داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، والتناقضات في حزب الخضر، في حال تحالفه مع حزب الشعب المحافظ، فان تطورات غير متوقعة تلوح في الأفق. ويضيف باير: " لا يستطيع الحزب الشيوعي ان يقرر، نشوء الجديد من عدمه، ولكن يجب عليه ان يقرر إذا كان يريد المشاركة، ويجب على الحزب ان يخلق الشروط الداخلية لذلك".
يذكر ان جميع القوائم اليسارية لم تتجاوز منفردة نسبة 1 في المائة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
هل يستطيع اليسار النمساوي تأسيس إطاره الجامع؟
- التفاصيل
- رشيد غويلب
- مدارات
- 1513