شهدت البرتغال الاحد الفائت انتخابات برلمانية عامة جديدة، استطاع الحزب الاشتراكي الذي قاد حكومة اقلية مدعومة من الشيوعي البرتغالي وحزب كتلة اليسار وحزب الخضر أن يقطف فيها الفوز، دون ان يحقق الاغلبية المطلقة التي كان يسعى إليها. فقد حصل الاشتراكيون على 36.6 في المائة، مقابل 32.31 في المائة في انتخابات 2015، وبهذا سيحتاج رئيس الوزراء القديم الجديد أنتونيو كوستا إما حلفاء، او داعمين على غرار حال الحكومة المنتهية ولايتها. والجديد هو حصول حزب الدفاع عن الحيوان على أربعة مقاعد، وسينظم الى معسكر دعم الحكومة.
وشغل حزب "كتلة اليسار" الماركسي الموقع الثالث بعد حصوله على 9.6 مقابل 10.19 في المائة في الانتخابات السابقة، واحتفظ بـ 19 مقعدا برلمانيا. وحصل تحالف الشيوعي البرتغالي والخضر على 6.46 مقابل 8.27 في المائة في الانتخابات السابقة محتفظا بـ 12 مقعدا من أصل 17 مقعدا كان يشغلها في البرلمان السابق. وبموجب النتائج فان قوى المعسكر الحاكم حققت زيادة قدرها15 مقعداـ على حساب اليمين المحافظ، واليمين المتطرف الذي لا يملك في البرتغال دورا مؤثرا، على عكس الاتجاه السائد في اوربا اليوم.
المتابعون اعتبروا نتائج الانتخابات هزيمة تاريخية لليمين بشقيه حيث حصل حزب المركز الديمقراطي اليميني المحافظ على خمسة مقاعد فقط مقابل 18 مقعدا في انتخابات 2015، وحصل حليفه الديمقراطي الاجتماعي اليميني على 77 مقعدا بخسارة 7 مقاعد، اما تحالف اليمين المتطرف الذي يضم حزبين فقد حصل على مقعد واحد فقط.
انتونيا كوستا: استمرار نموذج الحكومة السابقة
زعيم الحزب الاشتراكي ورئيس الوزراء انتويو كوستا أكد في ليلة الانتخابات استمرار نموذج حكومة الاقلية المدعومة من قوى اليسار الجذري، الذي حقق نجاحات مهمة في الدورة السابقة. وقد وصف القيادي في الشيوعي البرتغالي بيدرو غويريرو آلية عمل الحكومة بالقول: "لدينا حكومة أقلية اشتراكية تحصل على أصواتنا في كل قضية مطروحة او لا تحصل، وبهذا الشكل حافظنا على استقلالية قرارنا كذلك الاشتراكيون. لهذا حققنا تقدماً مهماً، وإن كان محدوداً، على المستوى الاجتماعي لغالبية السكان والأسر، وهذا بدوره كان له تأثير إيجابي للغاية على الاقتصاد". ومن المفيد الاشارة الى ان تعميق انجازات الحكومة الاجتماعية جاء نتيجة لضغط الشيوعيين واليسار الماركسي، الذي دفع الى القطيعة مع سياسات التقشف القاسية، والتراجع عن اجراءات اليمين السابقة، وخفض الضرائب، وزيادة الاجور والرواتب التقاعدية، وزيادة عدد العاملين في قطاع الخدمات، واعادة العمل بـ 35 ساعة عمل في الاسبوع. وأدت هذه الاجراءات الى زيادة القوة الشرائية، وبالتالي تسريع انعاش الاقتصاد، وخفض البطالة الى نسبة 6.4 في المائة، وهو مستوى لم تصله منذ 17 عاما. لذلك سارع رئيس الوزراء الى تطمين الناخبين على عدم "التطرف" لهذا الاتجاه، لكنه اكد عدم التراجع عن المنجزات المتحققة والسير باتجاهها.
الشيوعي البرتغالي: انجازات السنوات السابقة حملت بصمتنا
واكد السكرتير العام للشيوعي البرتغالي غيرونيمو دي سوزا في ختام الحملة الانتخابية:" ان كل الانجازات الايجابية في السنوات الاخيرة حملت بصمتنا، ولكيلا يحدث تراجع علينا ان نعزز مواقعنا" وشدد دي سوزا، على ان الاشتراكيين اجبروا على تنفيذ اجراءات اجتماعية، ولكنهم مستمرون في الدفاع عن مصالح الشركات والمؤسسات المالية الكبيرة ويسمحون بالمضاربة".
وبعد اعلان النتائج اكد زعيم الشيوعيين ان نتائج تحالفهم ستكون عاملا سلبيا بالنسبة لامكايات الدفاع عن الانجازات المتحققة، ولكن الشيوعيين وحلفاءهم الخضر سيواصلون العمل لتحقيق التزاماتهم تجاه العمال وسكان البلاد، وعدم السماح بسيادة ذهنية الوسطيين من الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين. وعلى هذا الاساس سيتحدد موقف تحالف الشيوعيين من الحكومة الجديدة.
حزب كتلة اليسار: تعزيز مواقع اليسار سينقذ البلاد
أما كاترينا مارتينيز، منسقة حزب "كتلة اليسار" البرتغالي فأكدت في تصريح لها بعد اعلان النتائج "الهزيمة التاريخية لليمن" وتعزيز دور حزبها ليصبح القوة السياسية الثالثة في البلاد. وشددت من جديد على استعداد الحزب للعمل على مواصلة استعادة حقوق العمال والنساء والشباب وإضفاء الاستقرار على حياة البلاد. وقالت ان الفضل في التقدم المتحقق يعود لنموذج الحكم الذي تم التوافق عليه، بدلا من السلطة المطلقة للحزب الأقوى. واكدت الزعيمة الاشتراكية استعداد حزبها للعمل في الحكومة المقبلة.
لقد حسبت كل انجازات الاشتراكيين في الدورة السابقة، لقيادتهم الحكومة، وتكرر دفع قوى اليسار ضريبة سعيها لقيادة البلاد نحو واقع أفضل، انطلاقا من حرصها على تحمل مسؤوليتها الوطنية ويبدو ان هذه المعادلة ستبقى ترافق عمل قوى اليسار ما دامت الهيمنة لقوى اليمين والوسط في عالم اليوم.