تحولت الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ عدة أشهر والتي أطلقها التلاميذ والطلبة، ويشارك فيها الملايين من البشر تحت اسم "جمعة في سبيل المستقبل" المطالبين بدرء الكارثة المناخية التي تواجه العالم، تحولت الى حركة احتجاجية في سبيل السلام بعد ان تلقى الشباب المشاركون الدعم من قوى اليسار ومن طيف واسع من القوى التقدمية والحركات الاجتماعية والنقابات والكنائس. وفي أمس الاول الجمعة الفائت، شهد العديد من عواصم العالم ومدنه، وفي جميع القارات، أكثر من خمسة آلاف فعالية ومسيرة حاشدة، شارك فيها الملايين الداعين الى السلام ودرء كارثة المناخ.
البداية كانت استرالية
نظراً لتباين في التوقيت المحلي كانت البداية في جزر المحيط الهادي المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، حيث انشد التلاميذ: "نحن لن نغرق، نحن نناضل". وفي أستراليا، شارك أكثر من 300 ألف من المحتجين في مختلف مدن البلاد، في التظاهرات. وفي تصريح صحفي، حث نائب رئيس الوزراء الاسترالي مايكل ماكورماك الشبيبة على التوجه إلى المدرسة: "يجب تنظيم هذه التجمعات خلال عطلة نهاية الأسبوع حتى لا تعرقل الأعمال التجارية، ولا يتعثر عمل المدارس والجامعات".
وفي الفلبين، المهددة بارتفاع منسوب مياه البحر واستمرار وتزايد الأعاصير خرج الآلاف إلى الشوارع. وفي العاصمة مانيلا أكد أحد قادة الاحتجاجات ان "هناك الكثير من الناس هنا يشعرون فعليا بآثار تغير المناخ، وعلى الخصوص الاعاصير المستمرة". وفي العاصمة الإندونيسية، جاكرتا، طالب الطلبة باتخاذ إجراءات ضد حرائق الغابات في جزر بورنيو وسومطرة، والتي أدت بالفعل إلى مشاكل صحية خطيرة لسكان المنطقة.
في تايلاند، اقتحم 200 محتج وزارة البيئة في العاصمة بانكوك، وتمددوا في ممرات البناية مجسدين لحظة الموت. وقال أحد المشاركين:" هذا ما سيحدث إذا لم نوقف تغير المناخ الآن"، وقالت تلميذة تبلغ الثانية عشرة من العمر: "نحن المستقبل، ونحن نستحق الأفضل." فالكبار "يتحدثون عن ذلك، لكنهم لا يفعلون شيئا. نحن لا نريد الاعتذار". الهند تعاني فعليا من آثار تغير المناخ، من خلال موجات الحرارة والأمطار الغزيرة والجفاف ونقص المياه. وفي العاصمة دلهي يلجأ الاثرياء الى شراء الفلاتر لمنازلهم لمواجهة الهواء الملوث، واعتبر المحتجون كارثة المناخ بمثابة شيطان، وان الوقت قد حان للقيام بشيء ما. وقالت احدى الامهات المشاركات في التظاهرة: " تعتقد النخب هنا أنها تستطيع شراء كل شيء -حتى الهواء النقي -والفقراء يعانون بالفعل مما يكفي من مشاكل وعليهم الان التعامل مع أزمة المناخ. والمشكلة ان معظم الناس لا يزالون يرفضون الاعتراف بذلك".
افريقيا قارة الجوع والكوارث المناخية
في إفريقيا أيضًا كان صوت المحتجين مسموعا. وفي جنوب افريقيا ارتفعت شعارات مثل: "لا مستقبل على كوكب ميت"، "اتحدوا، لا تحرقوا" أو "الفحم يقتل". والمعروف ان جنوب إفريقيا من البلدان المنتجة للفحم الذي يُعتمد عليه في إنتاج الطاقة. وفي نيروبي الكينية ، احتج المئات من الشباب على خطط الحكومة لبناء محطات لتوليد الطافة تعتمد على الفحم. ودعوا الحكومة إلى التركيز على الطاقة المتجددة، وان على المجتمع الدولي اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد التغيرات المناخية. وفي أوغندا، تجمع مئات من تلاميذ المدارس في ضواحي العاصمة كمبالا للمطالبة بمزيد من المشاركة الحكومية في تغيير المناخ.
احتجاجات ومناقشات في اوربا
وشهد العديد من عواصم ومدن اوربا مسيرات شارك فيها الملايين. وفي بريطانيا خرج الآلاف إلى الشوارع، وفي فيديو نشر على التويتر سلط الاتحاد الوطني للطلبة الضوء على بعد سياسي آخر لكارثة المناخ، معتبرا اياه "مسألة عنصرية". وقال ممثل الطلبة انه في النهاية "السود والسكان الأصليون في جنوب العالم وليس البيض هم الأكثر تضرراً". ولمواجهة الأزمة، "يجب أن نستمع إلى ناس الجنوب، والى اجوبتهم المتعلقة بالعدالة المناخية وتغيير المناخ". وعبّر عمدة لندن عن تضامنه مع المشاركين في الاحتجاج العالمي، وسمح لموظفي بلدية العاصمة بمتابعة اعمال الاحتجاج. وفي طريقه الى المشاركة في التظاهرة، باعتباره أحد المتحدثين فيها، قال زعيم حزب العمال اليساري جيرمي كوربين: "الشبيبة هنا وفي العالم يجعلون من المستحيل تجاهل الأزمة البيئية والمناخية". ومن جانبه، قال وزير الشؤون الاقتصادية والطاقة البريطاني كواسي كوارتينغ إنه يدعم "الطاقة والإبداع" لدى الطلبه. ولكن الوقت الذي يقضيه التلميذ في المدرسة "مهم للغاية". ولذلك لا يدعم مشاركة الطلبة في الاحتجاجات.
وفي العالم الجديد ايضا
هذا وستشهد الولايات المتحدة 800 فعالية احتجاج تزامنا مع انعقاد قمة المناخ التي تنظمها الامم المتحدة الاثنين في مدينة نيويورك، التي تنتظر تظاهرة مليونية بالمناسبة.
وفي امريكا اللاتينية ستشهد بيرو وبورتوريكو وكوبا والبرازيل والأرجنتين وكولومبيا وشيلي احتجاجات مماثلة.