علي شغاتي

يعتبر ملف استرداد الأموال العراقية المجمدة في الخارج، واحد من أكثر الملفات التباسا منذ سقوط النظام وحتى الان، على الرغم من تصريحات حكومية وبرلمانية سابقة وحالية حول إيلاء اهتمام كبير من قبل العراق باستعادة أمواله المجمدة في الخارج، وكان آخر تلك التصريحات والمواقف هو ما لجأ اليه البرلمان في أيار الماضي من تعديل على قانون استرداد الأموال، ومنح رئاسة اللجنة المعنية الى هيئة النزاهة بعد ان كان يترأسها وكيل وزير المالية.

ونظرا لأهمية هذا الملف، تنشر "طريق الشعب" تقريرا من جزأين، يستعرض تفاصيل تخص البدايات الأولى للملف، الى يومنا هذا، ويحاول معرفة حجم الأموال المجمدة والمشاكل والتحديات التي تقف في طريق استعادتها، وستنشر "طريق الشعب" اليوم الجزء الأول من الملف، على ان تنشر جزأه الثاني والاخير غدا الخميس.

بدايات المتابعة

قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، لـ"طريق الشعب"، ان "ملف الأموال العراقية المجمدة في الخارج، تمت متابعته من قبل جهتين، الأولى هي صندوق استرداد الأموال في وزارة المالية، الذي شكل بموجب القانون رقم (9) لسنة 2012، برئاسة وكيل وزير المالية وعضوية ممثلين عن الوزارات ذات العلاقة وهي الخارجية، والعدل، والجهات الأمنية، من اجل حصر هذه الأموال، ومتابعة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1518، الصادر عام 2003، من اجل استرداد أموال كيانات وأشخاص النظام السابق، والجهة الأخرى هي دائرة استرداد الأموال في هيئة النزاهة، لتحال وفقاً لتعديل قانون استرداد أموال العراق إلى هيئة النزاهة".

قضية قضائية

وبين صالح، أن "القضية قضائية وفق قرار مجلس الأمن، ويفترض بالدول التي لديها كيانات وأشخاص النظام السابق أن تصادر هذه الأموال وترسلها إلى صندوق تنمية العراق في البنك الفيدرالي الأمريكي، الذي تأسس وفقا للقرار رقم 1483، عام 2003، وتتم متابعتها من قبل لجنة الجزاءات في مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يجب على العراق متابعته، من اجل إعطاء إشارة للمجتمع الدولي وسراق المال العام. أن الذمة المالية تلاحق المدان أين ما كان، وفي أي وقت كان، ولن يترك أحد، كونها أموال الشعب".

قاعدة بيانات

وأكد صالح، "تم انشاء قاعدة بيانات، من اجل حصر الأموال العراقية في الخارج، التي تعود ملكيتها للدوائر والوزارات العراقية، لكن من الصعب معرفة عدد أموال العراق في الخارج، كونها ليست أموالا فقط بل توجد هناك أملاك عينية وغيرها، وبعض الأموال مختفية، وليست بالأسماء الصريحة"، مستدركا "وجود تعاون ومذكرات تفاهم مع بقية دول العالم، لا سيما عن طريق مكتب مكافحة رؤوس الأموال في البنك المركزي العراقي".

"لا دينارا واحدا"

من جهته، قال عضو النزاهة البرلمانية، خالد الجشعمي، لـ"طريق الشعب"، انه "منذ صدور قانون استرداد الأموال العراقية في عام 2012 ولغاية اللحظة لم تسترد أي أموال عراقية من الخارج سواء من الأموال المخصصة لمشروع النفط مقابل الغذاء، أو الأموال المهربة قبل 2003، وبناء على طلب الحكومة، صدر في الشهر الخامس من هذا العام تعديل من البرلمان على القانون، من اجل زيادة فاعليته، ومعالجة السلبيات التي ربما عرقلت عملية استرداد الأموال العراقية".

6 مليارات دولار في ايطاليا

ووجد الجشعمي، أن "تعديل القانون يساهم بشكل كبير في استرجاع الأموال العراقية، وخاصة أن هذه الأموال موجودة لدى شركات في المانيا وإيطاليا وغيرها من الدول، جراء التعاقد معها من قبل النظام السابق"، منبها "لدينا أموال كبيرة محجوزة في هذه الدول لم تسترد حتى الآن وتقدر بمليارات الدولارات، في إيطاليا فقط هناك عقد مع احدى الشركات بقيمة 5 مليارات دولار، وعقد آخر بما يقارب المليار دولار، بالإضافة إلى الأموال المهربة من قبل أزلام النظام السابق، وهي بحاجة إلى إجراءات من الهيئة المشكلة بموجب هذا القانون من اجل استعادة الأموال".

هيئة النزاهة

ورأى عضو لجنة النزاهة البرلمانية، أن "تحويل الصلاحيات إلى هيئة النزاهة، ربما سيحدث تغييرا إيجابيا في متابعة استرداد هذه الأموال، نظرا لامتلاك الهيئة دائرة معنية لاسترداد الأموال المنهوبة ما قبل وبعد 2003، وهذا سيساهم في فعالية هذا الصندوق من خلال الاطلاع المباشر على التحقيقات ومراجعة الأدلة بشكل مباشر، ونحن نتابع هذا الأمر حاليا مع هيئة النزاهة، الإجراءات التي يجب اتخاذها، وبانتظار رد هيئة النزاهة على الأسئلة التي رفعت لها من قبل اللجنة، من اجل النظر فيها في الفصل التشريعي الثالث للبرلمان".

أموال معروفة ومجهولة

وأوضح الجشعمي، أنه "ليس كل الأموال معروفة، لان هناك عقارات واسهم وحسابات غير معروفة حتى الآن، ولكن اغلب ما هو معروف محجوز وفقا لقرارات مجلس الأمن، ودول العالم تلتزم بذلك، ولن يستطيع المستفيدون منها، التحكم بها، وتجري تحركات الآن من قبل العديد من الأشخاص المجمدة أموالهم ، من اجل رفع الحجز عنها، وسط عدم اهتمام عراقي من الحكومات السابقة، والحالية، فهي غير جاده في استرداد هذه الأموال، وكان يجب على الصندوق والهيئة التي شكلت في مجلس الوزراء، اتخاذ إجراءات اللازمة، ولكنها للأسف فشلت في استرداد الأموال، وبقيت أموالنا محجوزة، ومبعثرة في دول العالم".