في كلمة افتتاح مؤتمر الاشتراكيين الديمقراطيين الامريكان (DSL) الذي عقد هذه الايام، اكدت المديرة السياسية للحركة ماريا سفارت على:"ان غيبوبة ديمقراطيي الوول ستريت الليبرالية الجديدة، اوصلتنا الى هاوية استبداد الرئيس ترامب". وفي الوقت نفسه اشارت سفارت الى الفرص السياسية المتاحة: الارقام القياسية للإضرابات، وموجة من نشاط اليسار في قواعد الحزب الديمقراطي الامريكي، وخاطبت سفارت مندوبي المؤتمر:"نحن جزء من النهوض اليساري، ونقوم بهجوم مضاد".
ويعقد المؤتمر، الذي يعد اعلى هيئة للحركة، كل سنتين، وحضر دورته الحالية، التي استضافتها مدينة أتلانتا في ولاية جورجيا، ألف مندوب. ومنذ نجاح حملة المرشح اليساري بيرني ساندرز الانتخابية في عام 2016، تضاعف عدد اعضاء الحركة 10 مرات تقريبا. لقد ارتفعت عضويتها من 6 إلى 55 ألفا. وقبل ثلاث سنوات، كان متوسط عمر الأعضاء أكثر من 60 عامًا، ويبلغ اليوم 33 عامًا، ويعود الفضل في ذلك الى النجاح الذي حققه بيرني ساندرز في السنوات الاخيرة. وكانت الحركة، التي لم تتبلور بعد الى حزب سياسي، ولكنها تسير بهذا الاتجاه، قد انطلقت من حلقات القراءة اليسارية في عام 1982، وتحولت في السنوات الثلاث الاخيرة، وفق مديرتها السياسية الى "ماكينة نشاط"، وشكلت الحملة من اجل ضمان صحي عام للجميع مركز اهتمامها.
وتمثل الحركة، التي تعتمد اسلوب التنظيم القاعدي الجناح اليساري للحزب الديمقراطي، وهي ممثلة في أكثر من 200 مدينة امريكية، وتملك 80 مجموعة محلية للشبيبة من التلاميذ والطلبة الذين يناضلون من اجل الاشتراكية المتلازمة مع الديمقراطية. ولا تملك الحركة سوى مقر واحد في العاصمة واشنطن.
وتتبنى الحركة استراتيجية مزدوجة في العمل داخل أطر الحزب الديمقراطي التقليدية، والعمل في الشارع، عبر دعم الحركات الاجتماعية والاحتجاجية من جهة، وتسمية مرشحيها على قوائم الديمقراطيين الانتخابية. وتمتلك الحركة قدرات تنظيمية وتعبوية، يبدو العمل بدونها، على مستويات مختلفة تجريد نظري غير مثمر.
وتنوعت مساهمات الحركة في إضرابات المعلمين الرئيسة في العام الفائت، وفي تنظيم الدعم لنقابات عمال النقابات، ومساعدة المستأجرين في مواجهة مالكي العقارات، وفي حركة الاحتجاجات ضد الترحيل القسري للمهاجرين.
قبل عامين كان ممثلو الحركة في السلطة التشريعية وفي جميع المستويات لا يزيدون على درزينة، واليوم تملك الحركة 94 ممثلا بدءا من الكونغرس الامريكي ونزولا الى مستويات السلطة التشريعية الاخرى في عموم البلاد، بضمنهم عضوتا الكونغرس الامريكي الأسكنرا أوساسيو كورتيز ورشيدة طالب، اللتان انتخبتا في عام 2018، واللتان تعدان من نجوم الحزب الديمقراطي في الوقت الراهن. وفي يوم المؤتمر الاول اعلن باعتزاز فوز شون باركر بعضوية مجلس مدينة ناشفيل ، عاصمة ولاية تينيسي.
ويعتبر بعض نشطاء الحركة مؤتمرها في عام 2017، بمثابة تأسيس جديد لها. ويجري العمل الآن على ترسيخ الجانب التنظيمي في الحركة التي تمتاز بتعدد تياراتها الفكرية، وقد اهتم نصف مشاريع القرارات التي ناقشها المؤتمر بالحياة الداخلية للحركة على طريق تحويلها الى منظمة سياسية واضحة المعالم. ومن أبرز تيارات الحركة التيار الماركسي "الخبز والورد"، الذي يتمحور حول مجلة "اليعاقبة" النظرية، والذي يسعى الى اعطاء الحركة هوية تنظيمية واضحة، مع برنامج لتحقيق تحولات جذرية. وبالمقابل يريد ناشطو تيار "بناء التجمع" الحفاظ على استقلالية المنظمات المحلية وعلى مرونتها السياسية.
لقد اتخذ المؤتمر قرارات مهمة منها عمل الحركة مستقبلا على الصفقة الاشتراكية الخضراء الجديدة التي تعمل عليها 40 مجموعة محلية، بالاضافة الى تبني حملة حرية الحركة والحدود المفتوحة لدعم المهاجرين. ولم يحصل قرار تبني للمشاركة في اضراب المناخ الذي تنظمه حركة "جمعة في سبيل المستقبل" في 20 ايلول المقبل" على الاكثرية، وذلك لضيق الوقت وستكتفي الحركة بمشاركة رمزية. وتمتع مشروع القرار الخاص بالقضايا الاجتماعية كالحضانة والامومة والتأهيل المهني باكثرية ساحقة.
وستدعم الحركة حملة ترشيح ساندرز للرئاسة الامريكية، وفي حال عدم تسميته من قبل الحزب الديمقراطي، فان الحركة سوف لا تتبنى حملة المرشحين الآخرين. وفي التنافس الانتخابي التمهيدي ستدعم الحركة مرشحيها في مناطق متعددة. دون ان يغيب عن بال الحضور اهمية ازاحة ترامب من سدة حكم الولايات المتحدة الامريكية.
وعلى هامش المؤتمر قالت ويني وونغ مستشارة ساندرز:" ساندرز يمثل طليعة لأجندة يسارية في البلاد"، وان حملته قوية. واضافت ان نشطاء الحركة يتمتعون باهمية خاصة لبناء قوة يسارية مضادة في جميع مؤسسات البلاد، "انهم يمثلون الجناح اليساري"

عرض مقالات: