للشرعية معايير متعددة منها:

 - القبول والتأييد الشعبي.

- التداول السلمي للسلطة بين المكونات الاجتماعية وقواها السياسية.

- البرنامجية والغائية المستهدفة.

- المؤسسات السياسية المستديمة .

- حرية التعبير لمنظمات المجتمع المدني من أحزاب وغيرها من التنظيمات .

- الاقرار العملي لحقوق الانسان الطبيعية والمكتسبة.

لو طبقنا هذه المعايير على السلطة الملكية ( آب 1921- 14 تموز 1958) فنرى أنها اكتسبت شرعيتها (الشكلية) وقوتها وسلطتها من قبل قوى الاحتلال الأول (1914-1932) وما أضافتها سلطة الإنتداب، أي من خارج البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي التي تسيطر الدولة عليه وتتحكم فيه. وتعمقت من خلال مضابط الاستفتاءات التي أجريت آنذاك والتدخل الفظ المباشر في الانتخابات المزورة على وفق كل الشرائع باعتراف الشخصيات المحورية في النظام.

 اما من حيث مضمون الشرعية فقد أنتهكتها السلطات الملكية بعدة مؤشرات ومعايير انصبت على الماهيات الأراسية لكل من:

- العقد الاجتماعي: كان غير معبر عن كل المكونات الاجتماعية، حيث تركزت السلطة بيد مكون واحد. - كانت العلاقة بين النخبة الحاكمة والمكونات الأخرى تقوم على أساس زبائني .

- الانحياز الطبقي لإدارة  السلطة إلى الملاكين الكبار وشيوخ العشائر وإلى الفئات الغنية وكل كبار المسؤولين .

- ولهذا تركت غالبية المجتمع في حالة فقر وتخلف والحاجة لازمتهم في معيشتهم .

-الانتهاكات للدستور الذي سنته وأدارت السلطة بالمراسيم والقرارات والاحكام العرفية .

- عدم نجاح الحكومات الملكية في تحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية ولا في عصرنة الحياة .

- عرقلة التداول السلمي للسلطة بين الطبقات والقوى الاجتماعية .

- كبح الممارسة الديمقراطية التي لا تعمل في فراغ بل على وفق النظام الاجتماعي القائم .

- احتكار فئة قليلة السلطة التنفيذية ويقدر عددهم ب 166 وزيرا تداولوا 778منصبا وزاريا . احتكار23 عائلة حركة رأس المال الاقتصادية وبين 50-60 على السلطتين التنفيذية والتشريعية .

- اصبح النمط شبه الاقطاعي هو السائد الأرأس، وأستولت حفنة صغيرة لا تتعدى أصابع اليدين، على نسبة كبيرة من الأراضي، يقابلها كم هائل من الفلاحين المعدمين.

- ربط العراق بالاحلاف العسكرية والتبعية الاقتصادية للمراكز الرأسمالية والتي لا فائدة للعراق منها .

-سيادة العقلية العثمانية وما رافقها من فلسفة سكونية أعتمدت على التراث السيسيولوجي والثقافي والتراتيبية الاجتماعية .

- عدم السمح للطبقات الأخرى وبالأخص الحديثة المساهمة في إدارة الصراع الاجتماعي وفي محيط سياسي متغير بسرعة .

- اعتمدت على القوة والعنف في تثبيت قرارها المركزي وسريان مفعوله .

- وكانت اكبر نقاط ضعف النظام الملكي فشله في بناء  مؤسسات سياسية مرنة قابلة للاستمرار .

والنتيجة ان السلطة الملكية لازمتها الازمة البنيوية في طبيعة النظام وأواليات أدارته وكمحصلة هي التي عبدت الطريق نحو تغيير ذاتها بقوى العنف المنظم (الجيش).

 علماً بأن الملك ( المستورد) والنخبة الأوليغاركية ، أستمد قوتها من خلال:

 - قوى الاحتلال البريطاني إلى عام 1932، حيث الإستقلال الشكلي والسفارة البريطانية لغاية تموز 1958 .

- النَسَب ورابطة الدم (العلاقات الأسرية - العشائرية -القبلية).

- المُلكية والثروة .

- الروابط الشللية والعصبوية .

- الشهرة والوجاهة الاجتماعية.

- الكفاءة والمقدرة، وهذه أندر من النادر .

-إمتلاك أو التصرف بوسائل العنف المادي ( الوزراء الضباط تحديدا ) .

- التجمعات الرسمية واللا رسمية (الاحزاب السياسية، مؤسسة العشيرة والقبيلة) .

- حركة التجمعات الجماهير الشعبية المنظمة وغير المنظمة.

إن مصادر القوة هذه تخضع نسبياً:

من حيث المرونة والثبات. وفعالية التأثير.  ودرجة الأولوية.الى طبيعة تطور المجتمع ودرجة نضج مؤسساته السياسية وبخاصة الدستورية واستقلاليتها وسلطتها (التنفيذية، القضائية والتشريعية). فهناك مصادر قوة مستقرة نسبياً، بغض النظر عن المرحلة أو الظرف الحسي الملموس للعلاقات والوعي الاجتماعيين، كالثروة التي تعطي مالكها مصادر قوة حتى لو كان خارج سلطة الحكم. ومنها ما له قوة تأثير تتوقف على طبيعة الظرف السائد.

وبهذا فقد وضعت ثورة العشرين، وجملة الانتفاضات الشعبية في عموم العراق، حداً للهمينة البريطانية المباشرة، وفي جعل العراق اقليماً تابعا لحكومة الهند البريطانية، وإلى الأخذ بإدارة السلطة بصورة غير مباشرة، من خلال نظام تابع سياسياً واقتصاديا لبريطانيا، وقد استكملتها بـ (إستيراد) ملكاً للعراق. بمعنى آخر فقد  كانت هزيمة كبرى لمدرسة الهند التي حاولت جعل العراق مستعمرة هندية وترجيح كفة مدرسة القاهرة التي دعت إلى منح العراق شكلاً من إشكال الاستقلال الشكلي عن طريق إقامة حكم ( وطني). وبذلك عمد الانكليز في سياستهم الجديدة التأكيد على ثلاثة مسائل:

- الأولى: انتقاء عناصر نخبة سياسية من الشخصيات المتنفذة لحكم البلاد تحت إشرافهم، مع قبولهم مسايرة سياسة المعاهدات والاستقلال على مراحل تحت المضلة البريطانية. لذلك لم تكن مصادفة عندما وجه المندوب السامي البريطاني كلامه إلى جعفر العسكري بقوله:(كانت عادة الانكليز أن يحكموا مستعمراتهم مباشرة، أما الآن فصاروا يحكمونها بواسطة أبنائها).

- الثانية:  إستمرار خلق المشكلات للدولة الفتية و/أو التهديد بها، خاصة ما يتعلق بمشكلات الاقليات ( الآثوريين/ الآشوريين) والحدود (الموصل) بهدف استمرار اعتماد العراق الفتي على الوجود البريطاني، في حل مشكلاته والحفاظ على وحدته الوطنية. سوفي ظل هذه الظروف غير المتفق عليها بين قوى الاحتلال الأول (1914-1932)، فقد كان يجري في كواليسها، نقاش حول ماهية طبيعة النظام القادم ملكي أم جمهوري؟ وتقرر حسم المسألة في إقامة النظام الملكي المقيد بدستور وبفصل السلطات.

- أما الثالثة: الممارسات التي اتبعتها بريطانيا كانت"... دائماً تختار الاقلية وتمنحها صلاحيات في إطار مبدأ فرق تسد الشهير، وعلى هذه الأقلية قمع الأغلبية السكانية وغيرها من الاقليات. لذلك يكون من السهل التحكم وإدارة مثل هذا النظام من الخارج، على الرغم من أنه يصدر أحياناً بيانات صاخبة ومتشددة...  "

في المنعطفات السياسية الأرأسية والرئيسية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- د. عبد الوهاب حميد رشيد، العراق المعاصر، ص. 76، مصدر سابق.

- د. فالح الحمراني، مواصفات التجربة الديمقراطية العراقية، جريدة المدى العدد4292، في 15/10/2018

عرض مقالات: