طريق الشعب
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عرقلت مسارالمباحثات الاقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي خلال نيسان الفائت. وكان الجانبان اتفقا على ان تفضي مباحثاتهما الى توقيع اتفاق استثمار ثنائي حتى نهاية العام الحالي يتوج بعقد صفقة كبيرة في عام 2020
وقد يجبر حصار ترامب المتوازي للمنتجات الصينية والأوروبية الطرفان على تشكيل تحالف تجاري لمواجهة القرصنة الامركية الساعية الى هيمنة مطلقة على الاقتصاد العالمي.

تكافؤ اقتصادي

والعلاقات الاقتصادية بين القطبين قوية، ويشكلان مع الولايات المتحدة اكبر ثلاثة اقتصادات بالعالم، والصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الولايات، في حين يعتبر الاتحاد الشريك الاقتصادي الرئيس للصين.
والطرفان يعيان اهمية شراكتهما الشاملة، وياتي الضغط الامريكي لمنع اي تقدم في علاقتهما الاقتصادية، ليؤكد حقيقة مساعي الولايات المتحدة للحفاظ على تفوقها الاقتصادي عالميا، و لكن يبدو أن هذا الضغط لم يُجدِ نفعا مع الاتحاد الأوروبي، الذي وصف بكين بأنها "منافس نظامي".
ويدرك اصحاب القرار الاقتصادي في الاتحاد أن العمل مع الصين أمرٌ ايجابي ومطلوب، وكذلك ضرورة وجود فضاء متكافئ للتجارة العالمية. ومن هنا سعيهم لبناء علاقات راسخة مع الصين.

ذهنية براغماتية

وعمليا عززت الصين علاقاتها مع عدد من بلدان الاتحاد. ووقّعت مذكرة تفاهم مع إيطاليا تشمل التعاون في البنى التحتية كالموانئ وشبكات النقل، وفشلت المحاولات الامريكية في افشال الصفقة، وبدلا من الاستجابة للضغود الامريكية، وقعت فرنسا، اكبر صفقة تجارية مع الصين بقيمة 45 مليار دولار، مقابل توريد 29 طائرة إيرباص.
وتجاهلت دول أعضاء في الاتحاد دعوات ترامب إلى حظر شراء معدات تكنولوجية صينية، فيما وافقت الحكومة البريطانية على قيام شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" بدعم بناء شبكة الجيل الخامس، دون الاصغاء لتحذيرات واشنطن.واتفق الطرفان على تعزيز الصادرات الزراعية إلى الصين، في منافسة مكشوفة للمنتجات الأميركية.

اسواق مفتوحة وشراكة بديلة

وخلال زيارة الرئيس شي جين بينغ باريس، كان الاهتمام الأوروبي بالصين واضحا، من خلال اتخاذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطوة غير مسبوقة، بدعوته المستشارة الألمانية ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إلى المشاركة في المباحثات.
وأعلنت الحكومة الفرنسية أن اللقاء الرفيع المستوى بحث "تحديات التعددية"، وأكد القادة الأربعة في اجتماعهم الرغبة في تعاون أكبر مع بكين، ووجوب إزالة المخاوف المتعلقة بالمنافسة غير العادلة وتبديدها لمصلحة بناء علاقة متينة
ويرى خبراء اقتصاد، أن من مصلحة الصين استراتيجياً التوسّع في علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي. وان اوربا هي شريك اقتصادي مهم للصين، وهناك استثمار متبادل من قبل شركات الطرفين. وهذا يتطلب تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.وان بكين تحناج، في ظل النزاع التجاري القائم مع واشنطن، تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، الذي يحتاج علاقات قوية معها. وفي ظل رئاسة دونالد ترمب لم تعد امريكا شريكاً موثوقاً للكثير من بلدان عالم. لقد تبدلت الأهداف والاستراتيجيات.

عامل الزمن

أن ولادة تحالف أوروبي صيني يحتاج إلى سنوات، ومن المهم الإشارة إلى أن التجارة العالمية لا تزال تعتمد على الدولار الأميركي فيما يخص تسويات التجارة والاستثمار، ومع الوقت يجب أن تحل العملة الصينية مكان الدولار في التسويات، والدفع في التجارة العالمية مع تنامي أهمية الصين التجارية.

وثيقة

ونشر نشرها الاتحاد الأوروبي أخيراً وثيقة، حملت عنوان "الاتحاد الأوروبي والصين -نظرة مستقبلية استراتيجية" اعترفت بالصين منافساً اقتصادياً، ودعت إلى "التكيّف مع تغير الحقائق الاقتصادية وتعزيز السياسات المحلية وقاعدتها الصناعية". ويشير التقرير"لم يعد ممكناً اعتبارها دولة نامية، بل قوة رئيسية وتكنولوجية رائدة". وان
"
وجودها المتزايد في العالم بما في ذلك أوروبا، يجب أن يقترن بمسؤوليات أكبر لدعم النظام الدولي القائم على القواعد، إضافةً إلى تعزيز مبدأ المعاملة بالمثل وعدم التمييز وانفتاح نظامها".
ولا تعيق هذه الرغبة الأوروبية الفوارق بين النظامين الاقتصاديين الذين يتطوران باستمرار، فالصين سائرة على طريق الانفتاح، الذي قد يحتاج مزيدا من الوقتً، وهناك تفهم اوربي لهذا المسار.