بعد اعلان نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في 26 أيار الفائت قال بيتر ميرتينز، زعيم حزب العمل البلجيكي مبتهجا: "أيها الصديقات والأصدقاء الأعزاء، أيها الرفيقات والرفاق الأعزاء، أمامكم رئيس حزب سعيد! نحن نحرز تقدما في جميع أنحاء البلاد، في والونيا وبروكسل وفلاندرز، في جميع مناطق البلاد الثلاث". وتتواصل نجاحات حزب العمل الانتخابية، الذي يصف نفسه بـ"اليسار الاصيل" ذي التوجه الماركسي و"جزء من الحركة الشيوعية العالمية".

واضاف رئيس الحزب، ان النتائج اثبتت ان حزب العمل هو حزب ممثل على الصعيد الوطني، وانه اصبح "قاطرة لقوى اليسار" التي تضع الملفات الاجتماعية على جدول العمل، وهذا ما سيستمر الحزب بفعله: "انهم الناس الذين يغيرون الاشياء، الناس العاديين وغير العاديين، الذين يعملون سوية. سوية فقط نستطيع ان نفعلها. لقد ناضلنا سوية، وانتصرنا معا، وسوية لنا عالم سنربحه".

وكانت وراء هذا الابتهاج اسباب مقنعة، فعلى عكس الكثير من الاحزاب الشيوعية واليسارية، التي عانت من تراجع ملموس في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، كان حزب العمل البلجيكي في مقدمة الاحزاب اليسارية التي سجلت نجاحا في هذه الانتخابات. لقد استطاع الحزب الحصول على قوة تصويتية استثنائية، وارتفاع في عدد مقاعده البرلمانية على جميع المستويات.  لقد اصبحت مقاعد الحزب في البرلمان الوطني البلجيكي 12، بدلا من 2 سابقا، بضمنها مقعد، للمرة الأولى، لزعيم الحزب بيتر ميرتنز نفسه، وهكذا مضاعفة للمقاعد البرلمانية بست مرات، لا تحصل الا نادرا في الحياة البرلمانية. وحتى الخضر، الذين اعتبروا افضل الفائزين في انتخابات البرلمان الأوروبي، حققوا زيادة قدرها 9 مقاعد، وظلوا خلف حزب العمل بفارق بسيط.

بالاضافة الى ذلك حقق الحزب نجاحات كبيرة في برلمانات المناطق الرئيسة الثلاث التي تشكل بلجيكا، ففي برلمان منطقة بروكسل الكبرى رفع الحزب عدد مقاعده من 4 الى 11 مقعدا، لحصوله على 13ر5 بدلا من 3ر4 في المائة في الانتخابات السابقة. وفي منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية يشغل الحزب الآن 10 مقاعد بدلا من مقعدين سابقا، بعد ان حصل على 13ر86 بدلا من 5ر76 في المائة من اصوات الناخبين.

اختراق قلعة اليمين

  النجاح الآخر والمثير سياسيا هو دخول الحزب، لاول مرة، برلمان منطقة فلاندرزالتي تعتبر معقلا تقليديا لليمين واليمين المتطرف بعد ان حصل على 5ر3 ، بدلا من 2ر5 في المائة سابقا. والفائز الثاني في هذه المنطقة حزب "فلمنك بلانغ" اليميني المتطرف الذي حصل على 18ر6 في المائة، في حين تصدر حزب "التحالف الفلمنكي الجديد"، والذي لا يقل يمينية عن سابقه، الاحزاب المتنافسة في المنطقة بحصوله على 25ر5 في المائة.

وكذلك شغل الحزب، لاول مرة، 5 مقاعد في مجلس الشيوخ. وما عدا ذلك حصل الحزب، لاول مرة في انتخابات البرلمان الاوروبي على 5ر7 في المائة، منحته مقعدا واحدا في البرلمان الجديد.

  وفي اول بيان للحزب بعد اعلان النتائج الانتخابية، شدد الحزب على ان نجاحاته الانتخابية لم تكن صدفة، بل جاءت نتيجة لنضال سياسي صعب وطويل، خاضه الحزب باكمله، مركزا على مطالب محددة وملموسة، ونشاطات مع القواعد في المحلات السكنية بواسطة الناس ومعهم.

 أصالة الهوية والممارسة

 أكد المتحدث باسم الحزب، راؤول هديبو، وعضو البرلمان البلجيكي: "لقد نجحنا كحزب يساري أصيل في وضع مهمامنا على جدول العمل. ويعود الفضل لحملة الحزب في ان الجميع يتحدث اليوم في بلجيكا بضرورة تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الغاز والكهرباء من 21 إلى 6 في المائة. ويعود الفضل للحزب في الحديث في عموم بلجيكا عن الحاجة أخيرًا الى مواصلات محلية مجانية، وحاجة لتوفير نظام صحي اساسي عالي الجودة ومجاني. وبفضل الحزب تجرأ المرء للحديث عن الضرائب الشهيرة، التي تعفي الشركات فوق القومية من الضرائب، في حين كل شركة بلجيكية صغيرة او متوسطة، وكل الافراد الذين يمارسون الاعمال الحرة يدفعون في اكثر من مدينة ومنطقة في بلجيكا 25 في المائة ضرائب". واضاف المتحدث ان نتائج الانتخابات تمثل تحذيرا واضحا للاحزاب التقليدية، بان الشعب سئم كل السياسات المعادية لحاجات الناس.

اما ممثل الحزب المنتخب توا في البرلمان الأوروبي مارك بوتنغه فشدد على ضرورة نقل هذا النضال الى المستوى الأوروبي "الآن قاطرة لليسار تستطيع جلب سكة متحركة على المستوى الأوروبي، وان اليسار الأصيل ضروري جدا، لطرح بديل لليمين المتطرف، وسياسة ميركل وماكرون، التي فتحت له الطريق".

عرض مقالات: