شهدت القارة الأوربية في ايام 23 – 26 ايار الجاري انتخابات البرلمان الأوروبي. وبموجب النتائج التي اعلنت في ساعة متأخرة من مساء امس الاول الأحد، حصلت كتلة اليمين المحافظ على 178 مقعدا (- 38)، وجاءت كتلة الديمقراطيين الاجتماعيين ثانية بحصولها على 150 مقعدا (- 37)، تلتها كتلة اليمين المتطرف ثالثة بحصولها على 103 مقاعد.
وحقق اليمين الليبرالي نتيجة لافتة باحتلاله الموقع الرابع بـ 107 مقاعد (+39)، فيما حلت كتلة الخضر خامسة بحصولها على أفضل نتائج تحققها وهي 70 مقعدا (+19)، وحصلت كتلة اليسار على 38 (-14) مقعدا ، وسيحسم تسلسلها في ضوء التحالفات التي ستجري داخل البرلمان بعد الانتقالات في صفوف اليمين الشعبوي المتطرف والنازيين الجدد، التي كانت في البرلمان السابق موزعة على عدة كتل. وتوزعت المقاعد المتبقية على القوائم الصغيرة، وعلى الاحزاب التي ظلت خارج التحالفات.
وشهدت الانتخابات نسبة مشاركة عالية مقارنة بالدورات السابقة، حيث بلغت 51 في المائة، باستثناء المملكة المتحدة، من مجموع الناخبين في عموم القارة البالغ عددهم 427 مليونا، صوتوا لانتخاب 751 نائبا اوروبيا. ومعروف ان دورة البرلمان الانتخابية تمتد خمس سنوات.

الخضر أفضل الفائزين

استطاع حزب الخضر الالماني ان يحتل لاول مرة في تاريخه الموقع الثاني ويضاعف اصواته، بحصوله على 22 في المائة من مجموع الاصوات. وتحدث المعلقون عن موجة خضراء تجتاح اوروبا، حيث حقق الخضر في ايرلندا ثلاثة اضعاف نتيجتهم السابقة وحصلوا على 15 في المائة من الاصوات. وفي بريطانيا حصلوا على 10 في المائة بزيادة قدرها 3 في المائة، وحقق نسبة الزيادة ذاتها اليسار الاخضر في هولندا، كذلك الحال في السويد. وفي فنلندا تقدم الخضر من 9 الى 15 في المائة، وفي الدنمارك حققوا زيادة قدرها 2 في المائة. وعلى العموم حققت كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي زيادة قدرها 19 مقعدا.
ويعود هذا التقدم الى الاهتمام الكبير بموضوعة الدفاع عن البيئة التي احتلت موقعا مركزيا في الحملات الانتخابية، والتي يعتبر حزب الخضر في عموم القارة رائدا في تبنيها. كما لعبت تظاهرات عشرات الآلاف من التلاميذ في اوروبا والعالم، المطالبين بحل مشاكل المناخ، عاملا مساعدا مؤثرا في تحقيق هذه النتائج.
نتائج مخيبة لقوى اليسار الجذري

اكبر خسائر كتلة اليسار كانت في اسبانيا، حيث خسر تحالف اليسار الاسباني ثلث مقاعده. وفي المانيا خسر حزب اليسار 1,9 في المائة من الاصوات مقارنة بانتخابات 2014. وفي فرنسا ربحت قائمة فرنسا الابية بزعامة ميلنتشون خمسة مقاعد على حساب الحزب الشيوعي، الذي خرج من البرلمان الأوروبي بعد حصوله على 2,5 في المائة فقط. وعلى الرغم من حصول كتلة اليسار الأوروبي على 30 في المائة في اليونان، الا ان حزب اليسار اليوناني الحاكم حصل على 24 في المائة وحل ثانيا بعد حزب "الديمقراطية الجديدة" اليميني المعارض، الذي حصد 33 في المائة. وعلى اثر ذلك اعلن رئيس الوزراء اليوناني عزمه على الدعوة الى انتخابات برلمانية عامة في البلاد، يتوقع اجراؤها في حزيران المقبل، ردا على تراجعه في السباق الانتخابي.
اما افضل نتائج حققها اليسار فكانت في البرتغال، حيث فازت احزاب يسار الوسط (الحزب الاشتراكي الذي يقود حكومة اقلية مدعومة من حزب "كتلة اليسار" والحزب الشيوعي). وقد كتب احد المعلقين الالمان ان على حزب اليسار الالماني ان يتعلم من قوى اليسار البرتغالي:، حيث حصل الحزب الاشتراكي على اكثر من 35 في المائة، وحزب كتلة اليسار قرابة 12 في المائة، والحزب الشيوعي قرابة 9 في المائة.

أفضل نتائج اليمين المتطرف

اما افضل نتائج اليمين المتطرف فكانت في ايطاليا، حيث تقدم حزب "الرابطة" الفاشي الجديد القوى المنافسة له، بحصوله على 30 في المائة من الاصوات على حساب حليفه في التحالف الحاكم، حركة "خمس نجوم" الشعبوية، وبذلك تتعمق ازمة التحالف الحاكم في روما. وفي فرنسا تقدم اليمين المتطرف برئاسة مارين لوبان على حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، في نتيجة ذات رمزية كبيرة. وفي النمسا كان تأثير الفضيحة التي عانى منها حزب الحرية محدودا، اذ كلفت الحزب 2,2 في المائة فقط مقارنة بنتائجه السابقة. وفي المانيا لم يستطع حزب "البديل من اجل المانيا" تحقيق التوقعات التي سبقت يوم التصويت، حيث حصل على 10 في المائة، ملقيا اللوم في ذلك على تورط شقيقه النمساوي "حزب الحرية" في الفضيحة التي كشفت اخيرا، ومشددا على استمرار العمل بين "الحزبين الشقيقين" على حد وصفه.
ومن الجدير بالذكر ان مجموع المقاعد التي حصلت عليها قوائم اليمين المتطرف والاحزاب النازية داخل الكتلة وخارجها بلغ 120 مقعدا.
لقد خلطت النتائج الاوراق، وهناك صراع وتنافس على التحالف الذي سيتشكل لتسمية رئيس المفوضية الاوروبية، وهو المنصب الذي لم يعد حكرا على مرشح المحافظين، بل يتطلع الليبراليون ايضا لاحتلاله

عرض مقالات: