عاشت فنزويلا احتفالات الأول من أيار في ظل تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في البلاد الاربعاء الفائت. لقد اسهم فشل المحاولة الانقلابية في اعطاء زخم كبير لمسيرات الاول من أيار، وسارت الجموع المحتفلة والرافضة للانقلابين باتجاه القصر الرئاسي، حيث القى مادورا كلمة في التجمع الختامي طالب فيه الرئيس الجماهير بالولاء، واكد "نحن ندافع عن حق جمهورية فنزويلا في الوجود، وحقنا في السيادة والاستقلال، وحقنا في بناء المجتمع الذي نريد، بايدينا وابداعنا، وارادتنا". خوان غوايدو تحدث امام انصاره في معقله في احد احياء شرقي العاصمة الغنية، مذكرا بدعم الحلفاء له خلال مجريات المحاولة الانقلابية، ومهددا بتنظيم اضراب وطني عام من جديد، بعد فشل ما اسماه المسيرة التاريخية الاكبر في تاريخ البلاد والتي دعا اليها بمناسبة الأول من أيار.

فشل الانقلاب

وسبق لرئيس البرلمان وزعيم المساعي الانقلابية ان دعا علنا الى انقلاب عسكري في سياق ما يطلق عليه "عملية الحرية". وظهر غوايدو، والى جانبه شريكه في تأسيس حزب "ارادة الشعب" اليميني المتطرف ليوبولدو لوبيز، والذي ادعى ان مجموعة من الجنود حررته، حيث يقضي عاما من الاقامة الجبرية، بعد 3 سنوات سجن بسبب مشاركته في اعمال عنف دموية في بداية عام 2014. وفي ساعات صباح الاربعاء الباكر ادعى غوايدو انه يسيطر على قاعدة لا كارلوتا العسكرية في العاصمة كاراكاس. والتي يستخدم مطارها لرحلات الحكومة والرئيس مادورا. وبعد ساعات قليلة كذبت المصادر الحكومية والحزبية ادعاءات غوايدو، واكد جنود يفترض انهم دعموا الانقلاب، انه تم خداعهم واستدراجهم الى الشارع المؤدي للقاعدة. من جانبه اكد رئيس الجمعية التأسيسية الدستورية ذات الاغلبية اليسارية (وهي غير البرلمان الذي يسيطر عليه اليمين المتطرف) ديوسدادو كابيلو، ان القاعدة تحت سيطرة القوات الحكومية، وان القوات المسلحة ملتزمة بالدفاع عن الشرعية الدستورية. ولم تنجح جميع دعوات الانقلابيين في كسب قيادة الجيش الى جانبها.

واعلن الرئيس مادورا في خطاب متلفز الى جميع انحاء البلاد فشل الانقلاب، وتحدث الرئيس عن "هزيمة المجموعة الصغيرة" من الانقلابيين التي كانت تحرض على العنف لزيادة زعزعة استقرار البلاد. وأعلن مادورو في الوقت نفسه اتخاذ إجراءات قانونية ضد المشاركين في المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وكان الشارع الرئيس القريب من القاعدة العسكرية، قد شهد صداما بين انصار غوايدو وقوات الامن الفنزويلية، وذكرت تقارير اعلامية لاحقة مقتل اثنين من المشاركين في اعمال الشغب. التي حدثت بعد قيام المتظاهرين بمهاجمة مركبة عسكرية، صورها الاعلام الامريكي على انها كانت تسحق جموع المتظاهرين. واشارت مصادر المعارضة الى جرح 70 شخصا، خلال اعمال عنف في ولاية أراغوا الشمالية. وبعد فشل المحاولة هرب ليوبولدو لوبيز الى السفارة التشيلية، وانتقل بعد ساعات الى مبنى السفارة الاسبانية، وكان 30 عسكريا ممن شاركوا في المحاولة قد هربوا للسفارة البرازيلية.

الشيوعي الفنزويلي: لنسحق مؤامرة اليمين المتطرف

وكان الحزب الشيوعي الفنزويلي قد ادان، في بيان لمكتبه السياسي المحاولة الجديدة لزعزعة الاستقرار التي نفذها اليمين المتطرف بقيادة زعيمه الدمية خوان غويدو، والهارب مراراً من القضاء الفنزويلي وليوبولدو لوبيز، اللذان يواصلان العمل في خدمة الإمبريالية الأمريكية، والاستمرار في مساعيهم الانقلابية.

وفي مواجهة التصعيد الجديد لزعزعة الاستقرار، فعل الحزب الشيوعي الفنزويلي واتحاد الشباب الشيوعي الفنزويلي التعبئة الوطنية، ودعوا إلى دحر الأعمال الإرهابية. وان مهمة القوات المسلحة الوطنية البوليفارية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الوقوف جنباً إلى جنب مع الشعب، للحفاظ على الوحدة الداخلية والتماسك، والسير قدماً في ترسيخ الوحدة المدنية والعسكرية في الدفاع عن سيادة واستقلال الوطن والمنجزات التي حققتها الشغيلة في المدينة والريف.

إعلام الغرب وحقيقة ما يدور

الاعلام الغربي الداعم للانقلابيين يخفي حقيقة ان حكومة اليسار مستعدة للحوار، وقد كانت هناك عدة جولات من الحوار، قطعتها المعارضة في اللحظة الاخيرة قبل الانتخابات الرئاسية، والتي شارك فيها رئيس الوزراء الأسباني السابق خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو. وحاليا هناك مساران، الأول بمبادرة من المكسيك وأوروغواي، والتي يمكن في النهاية ان تتوج بإجراء انتخابات جديدة، والتي يرفضها الانقلابيون لانها غير مشروطة. والثانية مساعي "مجموعة الاتصال الدولية" التي بدأها الاتحاد الأوروبي، والتي تضع اجراء الانتخابات كشرط مسبق، ولهذا ترفضها الحكومة.

ويقول أندريه هونكو متحدث الشؤون الأوربية في كتلة حزب اليسار الالماني في البرلمان، والذي زار فنزويلا في فترة 16 -27 نيسان الفائت للتعرف على الوضع وإجراء محادثات سياسية، والتقى الرئيس مادورو، والانقلابي خوان غوايدو، وان مادورو اخبره أنه منفتح دائما للحوار، لكن لا ينبغي ان تخضع المعارضة للضغط الأمريكي وتقطع المحادثات كما حدث قبل عام. ويرى غوايدو وأنصاره أن المحادثات مجرد تكتيك للحكومة لكسب الوقت. ويرى النائب اليساري ان العقوبات وتهديدات التدخل العسكري لن تؤدي إلا إلى تعقيد الوضع السياسي الداخلي. وان الأقسام المعتدلة من المعارضة تشاركه هذه الرؤية.

والاعلام الغربي يتحدث عن مأساة انسانية في فنزويلا، ويحمل مسؤوليتها للحكومة. وبهذا الخصوص يقول هونكو، لا شك في وجود أزمة اقتصادية عميقة، والوضع الإنساني سيئ، ولكن الاعلام يبالغ في تصويره. ونقل هونكو عن رئيس الصليب الأحمر، وكذلك رئيس منظمة الصحة للبلدان الأمريكية في فنزويلا، عدم وجود أية قيود حكومية على عملهما. وان ما ينقل عن منع الحكومة للمساعدات غير صحيح. ان المشكلة تبدأ عندما ترتبط المعونات بتدخل عسكري محتمل.

عرض مقالات: