في سياق المناقشات الجارية في عموم العالم بشأن الصراع الدائر في فنزويلا، واعتراف الولايات المتحدة والكثير من حلفائها برئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو، الذي نصب نفسه، في إطار المساعي الانقلابية على الرئيس المنتخب ديمقراطيا نيكولاس ما دورا، وبقرار شخصي رئيسا للبلاد، أصدر القسم العلمي في البرلمان الألماني تقييما أعدته الدائرة القانونية في البرلمان. وتقول الوثيقة ان هناك "أسبابا قوية" للاعتقاد بان الاعتراف بـ "غوايدو" يمثل "تدخلا في الشؤون الداخلية". ويعتبر كتاب التقييم أن التساؤل بشأن الاعتراف بـ "غوايدو" واعتباره تدخلا غير مقبول امر "مبرر تماماً".
وأشار التقييم الى أهمية الرجوع الى القانون والشرعية الدوليين، لتحديد طبيعة تصرف الحكومة الألمانية باعتباره "اعترافا مبكرا". ان الاعتراف المبكر يشترط "فرض السلطة الجديدة بشكل نهائي"، وهذه قضية خاضعة لمعايير السياسة. وتجنبت الدائرة القانونية تحديد، فيما إذا كانت "الشروط الأساسية الحقيقية" للاعتراف المبكر موجودة. ودون شك "لا يمكن تحديد هذا الامر بالوسائل المتاحة".
ولا يمتلك رئيس البرلمان غطاء خارج أروقة البرلمان، الذي تسيطر عليه اكثرية يمينية تقليدية ومتطرفة. ولا يزال الجيش والقضاء والسلطة الانتخابية ومؤسسات الدولة الاخرى في صف الرئيس نيكولاس مادورو. ولهذا يلجأ رئيس البرلمان حاليا الى توظيف اعتراف حكومات المعسكر الغربي لتعزيز موقفه داخل البلاد. لهذا التقى غوايدو خلال هذا الأسبوع مع دبلوماسيين أوروبيين، بينهم السفير الألماني دانييل كريرينر. وكانت الحكومة الألمانية قد اعترفت برئيس المساعي الانقلابية، مع مجموعة من بلدان الاتحاد الاوربي، بعد نفاذ مهلة الـ 8 أيام التي منحها الاتحاد الأوربي للرئيس مادورو، لإعلان اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تلك المهلة التي رفضها مادورو، باعتبارها شكلا مكشوفا للتدخل في شؤون البلاد الداخلية. وبهذا الخصوص يقول تقييم الدائرة القانونية: " في نهاية المطاف تنطبق هنا نفس المبادئ الواجب توفرها في الاعتراف المبكر".
وفي وقت مبكر أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من الحزب الديمقراطي الاجتماعي تأييده المساعي الانقلابية: " لسنا محايدين في هذه القضية، بل ندعم ما يقوم به غوايدو هناك".
ويشير واضعو التقييم بوضوح شديد الى ان تهديدات الولايات المتحدة الامريكية العسكرية تتعارض مع أهداف ومقاصد الأمم المتحدة: "إن التهديد بالتدخل العسكري هو تهديد بالعنف ضد السلامة الإقليمية لدولة ما". ووفقاً للمادة 2 (1) من ميثاقها، تستند الأمم المتحدة إلى مبدأ المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء. والتدخل العسكري يتعارض مع مبدأ المساواة في السيادة".
ويعتبر التقييم تصريح جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي بأن الرئيس الفنزويلي الحالي مادورو قد ينتهي به الامر في معتقل غوانتانامو يتعارض مع القوانين المرعية: "التهديد بالاعتقال في مركز الاعتقال في قاعدة غوانتانامو البحرية يمكن فهمه أيضا، على أنه تهديد بالعنف الجسدي". ان التهديد الموجه إلى رئيس الدولة موجه ايضا ضد استقلالها السياسي، وينتهك مبدأ المساواة في السيادة. وليس واضحا أن الاعتقال في غوانتانامو، بعد تقديم التهديد، سيتم على أساس إجراء عادل وسليم، وستنفذه محكمة مختصة تلتزم بالموضوعية: "بالنظر إلى الممارسة السابقة لمختلف الإدارات الأمريكية، يمكن فهم الإشارة الواضحة إلى غوانتنامو على أنها تهديد باعتقال تعسفي".
واكد عضو كتلة اليسار في البرلمان الألماني اندريه هنكو، الذي كلف الدائرة القانونية بإصدار هذا التقييم: "من وجهة نظري، يؤكد التقييم ما كنا ننتقده منذ بداية الأزمة الحالية في فنزويلا: ان الاعتراف بـ"غوايدو" يشكل تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية لفنزويلا، وهو بالتالي مخالف للقانون الدولي". ومن الواضح ان غوايدو لا يتمتع كرئيس باي سلطة حقيقية في فنزويلا. وان الاعتراف به كرئيس يمثل "موقف غير مسؤول" يزيد من تفاقم خطورة النزاع الجاري. ويضيف هنكو:"ان خطر حرب أهلية او تدخل عسكري لايزال قائما". وكان يمكن للحكومة الألمانية ان تلعب دور الوسيط، "لكنها فقدت مصداقيتها بسبب تحيزها احادي الجانب"

عرض مقالات: