في تطور جديد تشهده الانتفاضة الجماهيرية الواسعة في السودان، صعد النظام الحاكم من اجراءاته القمعية للحد من قوتها وامتدادها للمدن والارياف، بعد ان برزت اشكال تأثيرها على الصعيدين الداخلي والخارجي، موضحة بشكل كامل الرغبة الكبيرة للشعب السوداني في التخلص من النظام الدكتاتوري الجاثم على صدورهم طيلة العقود التي حكمهم خلالها والمملوءة بالإخفاقات والفشل في المجالات كافة، واعلنت شبكة الصحفيين السودانيين، أمس الأول في بيان لها عن استنكارها للحملات التعسفية التي قامت بها قوى الأمن على عدد من الصحفيين بضمنهم إيمان عثمان رئيسة تحرير جريدة الميدان التابعة للحزب الشيوعي السوداني، وعدد آخر من الصحفيين العاملين فيها وبصحف سودانية اخرى، وفيما قلل البشير من حجم الازمة، متهما الاعلام بتضخيم الأمور ومحاولة الدفع باتجاه استنساخ ربيع عربي جديد في البلاد، اوضح تجمع المهنيين السودانيين، أن الجماهير اعتصمت في ثمانية عشر ميدانا بضمنها سبعة ميادين لم تعلم السلطات بانها ستكون ضمن الحراك الاحتجاجي.

اعتقالات جائرة

قالت شبكة الصحفيين السودانيين، أمس الأول، في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، إنه "في حملة انتقامية جديدة، اعتقل جهاز الأمن والمخابرات، رئيس تحرير جريدة الميدان إيمان عثمان، والصحفيين مصعب محمد علي وطارق علي مراسلي الميدان في كوستي، كما تم اعتقال الصحفي آدم مهدي بنيالا من امام مباني وكالة السودان للأنباء (سونا)، والصحفي أمين سنادة من بورتسودان"، مشيرة الى انه "ما زال الى الآن الزملاء عقيل أحمد ناعم وكمال كرار وقرشي عوض وعادل ابراهيم وإسماعيل بلال بفضائية الشمالية والمخرج الصحفي محمد بابكر رهن الاعتقال".
ولفت البيان الى ان "مراسل جريدة المجهر بالقضارف، سلمان مختار، تعرض لاعتقال إنهاكي عبر الاستدعاءات المتكررة أيام الخميس والجمعة والسبت، وأُخضع لتحقيق لتغطيته التظاهرات في القضارف، وظلّ حبيساً بمكاتب الأمن لساعات طويلة قبل إطلاق سراحه"، مؤكدة أن جهاز الأمن "منع صدور جريدة (الجريدة) يوم الأحد للمرة السابعة عشرة توالياً، كما منعت جريدة أخبار الوطن من الصدور، وعطّلت يوم السبت صدور جريدة التيار".
وأكدت الشبكة خلال بيانها أن "بعض الصحف ما زالت تُخضع لرقابة قبلية من جهاز الأمن التي فُرضت عليها قبل أكثر من (6) أسابيع، حيث اجبرها اضافة لوسائل الإعلام الأخرى على عدم تغطية وتناول أخبار الانتفاضة الشعبية"، كاشفة ممارسات الأمن بـ"تحريك الملفات الضريبيّة ضد الصحف لضرب ميزانياتها في ظلّ الضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بجانب التلويح بتحريك إجراءات جنائية ضد الصحفيين لتخويفهم وإرهابهم".
وقامت قوات الامن ايضا باعتقال الرفيقة فايزة نقد، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، والرفيق القيادي في الحزب حسن عثمان، اضافة الى الصحفي في جريدة الميدان اسامة حسن.

خطاب رئاسي يائس

من جهته، أصر البشير على رفض مطالبته بالاستقالة، متجاهلا كل اصوات الجماهير التي لم تعد تطيق الوضع المتردي المستمر دون اجراء أي اصلاح او استجابة تتناسب مع حجم الأزمة.
وقال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري عقده يوم أمس، وتابعته "طريق الشعب"، انه "هنالك مشكلة لكن ليست بالحجم أو بالأبعاد التي يثيرها بعض الإعلام"، معتبرا ان "الاعلام يضخم حجم المشاكل التي تواجهها البلاد".

تطور جديد

في الاثناء، اعلن تجمع المهنيين السودانيين في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، "تمكن الجماهير من اختراق احد عشر ميدانا، اضافة الى تطور حركة الشارع في تكتيكاتها حيث غافلت السلطات في تظاهرات عمت ارجاء سبعة ميادين أخرى"، مشيرا الى أن "الجماهير في معركة الحرية والكرامة خطت خطوات مهمة وانتصرت، على حصار السلطة وبنادقها التي حشدتها حول ميادين الاعتصام".
وفي خبر ورد لاحقاً من الخرطوم, ان ناطقاً باسم الحزب الشيوعي السوداني صرح في مؤتمر صحفي ان 16 من اعضاء اللجنة المركزية للحزب, اي اكثر من نصف مجموعهم, هم الآن رهن الاعتقال في سجون النظام.