رشيد غويلب
في 9 تشرين الأول اصدرت المحكمة الابتدائية في غواتيمالا، وسط اجراءات امنية مشددة، قرار ادانة بحق النائبة السابقة لرئيس الجمهورية إنغريد روكسانا بالديتي إلياس ، في قضية ما يسمى "المياه الساحرة"، بالسجن لمدة 15 سنة وستة أشهر لتشكيلها منظمة إجرامية داخل البلاد وممارسة الاحتيال.

وضم قفص الاتهام ثمانية متهمين آخرين بضمنهم شقيق المتهمة الأولى ماريو أليخاندرو بالديتي إلياس. وطالبت المحكمة بالتحقيق في تهمة غسيل الأموال بحق ثلاثة متهمين آخرين تمت تبرئتهم من القضية قيد المداولة. كما حققت المحكمة في تبييض الأموال من جانب ثلاثة متهمين تمت تبرئتهم. واستغرقت جلسات المحكمة السرية 15 ساعة.
واشارت أوراق القضية إلى ادارة نائبة الرئيس المدانة وشقيقها شبكة اجرامية، كلفت الدولة عبر عمليات احتيال وفساد مالي اكثر من 15 مليون يورو، بحجة تنفيذ مشروع لتنقية بحيرة أماتيتلان الملوثة للغاية.
في 23 آذار 2015 ، ظهرت نائبة الرئيس آنذاك على ظهر قارب في بحيرة أماتيتلان للبرهنة على فعالية مادة سحرية، قامت الشركة المكلفة بالمشروع لتنقية المياه بتجربتها. وأخذت كمية من الماء من مكان زعم انه نظيف، ، وقالت ان رائحة الماء طبيعية. وفي اليوم نفسه ، اعلنت مع المسؤول عن مياه الصرف الصحي ، بابلو غونزاليز ، وممثل الشركة المكلفة ، خطة لتنظيف البحيرة.
وفي شباط 2016 ، كشف مكتب المدعي العام و"اللجنة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب في غواتيمالا"، وهي لجنة شكلت في عام 2007 من قبل الأمم المتحدة، وبناء على طلب الحكومة في حينها للمساعدة على الكشف عن الشبكات الاجرامية في البلاد، كشفت النقاب عن الشبكة الإجرامية التي يقودها إخوة نائبة الرئيس، واعتقال 14 مشتبهاً منهم على ذمة التحقيق. وكانت نائبة الرئيس حينها معتقلة بسبب قضية فساد اخرى اتهم فيها رئيس الجمهورية السابق أوتو بيريز مولينا. وأشار مكتب المدعي العام حينها إلى وجود أدلة صريحة متعلقة بمبالغ بلغت قيمتها قرابة 2,5 مليون يورو.
وبدأت المحاكمات، بعد محاولات تأجيل وإعاقة، في 11 حزيران 2018. وقدم مكتب المدعي العام الخاص لمكافحة الإفلات من العقاب ومكتب المدعي العام و"اللجنة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب في غواتيمالا" ، 208 وثيقة ادانة و 43 عينة مادية كدليل ، واستمعت الى اراء 6 خبراء و 28 شاهداً. وثبت ان المدانين استخدموا مؤسسات الدولة للإثراء غير الشرعي. وكانت ما سميت بـ"المياه السحرية" عبارة عن سائل مالح لم تتأكد فعاليته في أي دراسة. وقد شغلت نائبة الرئيس المدانة ادارة مؤسسة الاقتصاد المستدام الخاصة بتنقية البحيرة لتوظفها في ممارسة الفساد المالي.
وقد أعلن رئيس المحكمة القاضي بابلو إكستومال قبل بضعة أيام. منذ توليه ملف القضية ازدياد التهديدات والترهيب الذي يتعرض له. وهو أحد الشركاء المؤسسين للجمعية القضائية للنزاهة ، ويقوم إلى جانب قضاة آخرين باصدار الاحكام في قضايا الفساد الكبرى التي كشف عنها مكتب الادعاء العام، و"اللجنة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب في غواتيمالا"، منذ عام 2015 .
وستقرر جلسات مقبلة كيفية تعويض المبالغ المسروقة. وتنتظر نائبة الرئيس المدانة، بعد قضاء مدة محكوميتها وتسليمها للولايات المتحدة الأمريكية، لمواجهة قضايا خاصة بتجارة المخدرات، وملفات فساد مع المؤسسات المكلفة بمكافحة تجارة المخدرات.
يذكر ان الرئيس الغواتيمالي الحالي اليميني جيمي موراليس دخل في مواجهة مع"اللجنة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب في غواتيمالا"، بعد ان تبنى دعمها خلال حملته الانتخابية في انتخابات الرئاسة في عام 2015 ، للوصول الى السلطة، مستفيدا من الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في البلاد في حينها، للمطالبة بمحاربة الفساد ومعاقبة المتورطين فيه. وعندما بدأت اللجنة التحقيق مع ضباط الجيش السابقين عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية، والحكم عليهم يعقوبات ثقيلة، انقلب الرئيس على اللجنة، معتبرا انها تجاوزت مجال اختصاصها، وقرر عدم التمديد لعملها، ولكن احتجاجات جماهيرية واسعة، منعت قرارا للمجكمة الدستورية بطرد رئيس اللجنة الأممية الكولومبي من البلاد.