ريسان الخزعلي وبعين ثالثة.. يقرأ الدهاليز المحظورة (الشاعر الشعبي الحديث كالشاعر الآخر) مداهم ومسكون بالاسئلة، هذه الاسئلة التي تجعل نومه مضطرباً وقصيراً، يعايش الواقع ويواجهه باحتدام، تقصر المباشرة في التعبير وبالوعي الواضح عن المواجهة بالشكل الكامل، لذلك يحيط هذه المواجهة بالرمز تأكيداً وتذكيراً وايحاءً وبما ينسجم مع مكنونات ذاته واعماقها لما في الرمز من قدرة على ولوج عالم اللاوعي..)

الدخول الى عالم الشاعر مظفر النواب، والغور باعماقه كرقص (البيض مع الحجر) فهي مجازفة قد تجعل الندوب المضيئة اكثر شحوباً، فعالم الايقونة العراقية (النواب) شغلت الرأي الشعبي والنخبوي بتدوينها المشع بالاثارة والاشباع والدهشة، وجده المؤلف الخزعلي ميدانياً لابتكار قراءته الضاجة بالتأويل الحداثوي، برؤية متماسكة وواسعة جعلته يتجاوز سكة الحذر، كونه قد قرأ هذا الرمز باشباع باذخ وتسلسلية جعلت اللذة واضحة في الرضوخ للقراءة والتتبع، بشكل ليس فيه صفة للملل، فمن مروره بخطوات الشاعر الموجوع، الى سياق صولته بالتحديث، وحتى مروره بتلك الشخصية المتفردة، كمناضل وشاعر وصولاً الى استخدامه الرمز الذي وضع النص الشعري ككيان لا يطوله استخفاف من يدعون بعدهم عن اللهجة المحلية، المؤلف وببيانه الصارخ، اضاف الى التدوين السابق، رؤيا قراءة النواب بشكل مختلف، كالاستدلال بنصوصه وعدم الركون الى السطحية المجلجلة، كون استحقاق الشاعر الكبير ودرجة خصوصيته الناضجة ووعيه الرفيع قد وضع القصيدة الشعبية ضمن خانة استحقاقاتها الجدلية، العميقة، الأمر الذي استدركه المؤلف بعنوان شفاف وسيمائية موسيقية، قد ازاح الكثير من الغبار عن الصورة القديمة، ان تجربة المؤلف ريسان الخزعلي المنتجة، تبعث على الاشادة فهو الذي عاصر الكثير من رواد الشعر الشعبي وكتب نصوصاً كثيرة وما زال، المدرب الناضج، هنا وبودية، اشير الى دعوة الذين ما زالوا يمسكون بجلباب النص الشعبي العراقي، لقراءة ذلك المنجز المسكون باللذة، والفائدة، والذي اضاف الى ذاكرة النص الشعبي وثيقة لا بد من الاشارة والرجوع اليها في البحث عن قامة عراقية رسخت بصمتها بالنور.