زوجنا .. قُبلته على ثغري كانت إعلان حياة .. وأنا بين ذراعيه حينما حملني صوب الفراش همس: لم يكن آدم في الجنة أسعد مني كما أنا الآن .. وأنا مستلقية على سرير الولادة، نظرتُ إلى الساعة المعلقة على الجدار، كانت تشير إلى الثالثة وأربعين دقيقة، مسحتُ العرقَ المتصبب من جبيني بعد آلام طلق داهمتني استنفدت كل قوتي لأسمع بعدها صراخ طفلي البكر.
بعد أربعين يومًا من الولادة رافقتُ زوجي الذي أخبرني بضرورة الذهاب معًا لاختيار كعكة عيد ميلاد ابننا .. اختلفنا حول شكلها .. في النهاية اخترناها على شكل حقيبة مكتوب عليها رقم ستة لأنه سيدخل المدرسة بعد أسابيع.
فرحة ولدنا كانت كبيرة بهدية تخرجه من الأبتدائية وهي دراجة حمراء ذات جرس بناءً على طلبه، لكن ما زلتُ أتذكر كيف أن خيبة أمل كبيرة قد تمكنت منا حينما عرفنا أن معدل ابننا في الثانوية لن يمكنه من دخول الجامعة التي يرغب بها لهذا سيضطر لإعادة العام الدراسي .. كم كان طويلاً ذلك العام ؟! لكن ما آلمني أكثر هو عدم ذهاب زوجي برفقتي لحفل تخرج ابننا فقد كان عليه السفر خارج البلاد في مهمة عمل، وجود الهواتف والكاميرات جعل الأمر يبدو سهلاً .. أما والد عروس ابني فقد أبدى أسفًا وقال إنه كان يفضل حضوره معنا لتكتمل الفرحة .. في النهاية وعدني بزيارتنا في أقرب فرصة. ألتزمتُ الصمت واكتفيتُ بالنظر إلى وجوه المعزين الذين كانوا يتحدثون عن طيبة المرحوم زوجي وأخلاقه المهذبة .. قلت لنفسي متسائلة:
كيف سيكون شكل الأيام بدونه؟!.
بعد إصابة ركبتي بالسوفان لم أعد قادرة على السير كما السابق .. لكن حال سماعي الخبر سجدتُ شكرًا لله بقدوم حفيدي الأول والذي سميته على اسم جده!.
وأنا على سرير المرض .. حانت مني التفاتة إلى الساعة الدائرية المعلقة على الجدار .. كانت تشير إلى الثالثة وإحدى وأربعين دقيقة.